وقَّعت 15 دولة من منطقة آسيا والمحيط الهادئ، اليوم الأحد، اتفاقاً اقتصادياً شاملاً، يتشكَّل في مجموعة أكبر كتلة للتجارة الحرة في العالم.
ويضمُّ اتفاق "الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة"، 10 دول من جنوب شرق آسيا، وهي الدول الأعضاء في رابطة الآسيان، بالإضافة إلى الصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، ونيوزيلندا، وأستراليا، ويعدُّ هذا أكبر اتفاق تجاري في العالم، من جهة الناتج المحلي الإجمالي لمجموع الدول الموقعة على الاتفاق.
ويقول مؤيدو اتفاقية التجارة، التي تغطي 2.2 مليار شخص، وتبلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي للدول الموقعة عليها نحو 26.2 تريليون دولار ، "إنها ستعزز وتنعش الاقتصادات التي تأثرت بوباء كورونا".
وتنص الاتفاقية التي تمَّ توقيعها خلال اليوم الأخير لقمة الآسيان الـ37 التي استضافتها فيتنام افتراضياً، على خفض التعريفات الجمركية بين الدول الموقِّعة، وتعزيز سلاسل التوريد بقواعد منشأ مشتركة، وتقنين قواعد التجارة الإلكترونية الجديدة، وفق وكالة "بلومبرغ".
أهم بنود الاتفاق
قال رئيس الوزراء الفيتنامي "نجوين شوان فوك" قبل مراسم التوقيع الافتراضية: "يعدُّ استكمال المفاوضات رسالة قوية، تؤكِّد دور آسيان في دعم نظام التجارة المتعدد الأطراف".
وأضاف: "ستساهم الاتفاقية في تطوير سلسلة التوريد التي تعطَّلت بسبب الوباء، وستدعم التعافي الاقتصادي".
ومن بين الميزات التي تضمَّنتها الاتفاقية إبطال الرسوم الجمركية على 92 % على الأقل من السلع التجارية المتبادلة بين الدول الموقعة، إلى جانب أحكام أقوى لمعالجة الإجراءات غير الجمركية، وإجراء تحسينات في مجالات، مثل: حماية معلومات المستهلك، والمعلومات الشخصية إلكترونياً، والشفافية، والتجارة اللاورقية، وفق بيان أصدره يوم الاثنين وزير التجارة والصناعة في سنغافورة.
كما تضمنت الاتفاقية أيضاً إجراءات جمركية مبسطة، وفي الوقت نفسه سيكون حوالي 65 % من قطاعات الخدمات منفتحاً تماماً مع زيادة الحدود القصوى التي يمكن لحاملي الأسهم الأجانب حيازتها.
خروج الهند
دفع المفاوضون الاتفاقية نحو التوقيع بعد أن فاجأت الهند المشاركين في أواخر العام الماضي بتخليها عن المشروع. وقال رئيس الوزراء "ناريندرا مودي": " إنَّه انسحب بسبب مخاوف حول كيفية تأثير اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية المتكاملة على سبل عيش الهنود، خاصة الأكثر ضعفاً منهم". ومع ذلك سيتم السماح للهند بالعودة إلى الاتفاقية لاحقاً.
قال "شون روش"، كبير المحللين الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في"إس أند بي" للتصنيفات العالمية: "الفقرة التي تسمح للهند بالانضمام في تاريخ لاحق، تعدُّ رمزية، وتظهر رغبة الصين في بناء جسور اقتصادية مع ثالث أضخم اقتصاد في المنطقة".
كما وعت ماليزيا للصعوبات التي تواجهها الهند، إذ قال رئيس وزرائها "محي الدين ياسين "في خطاب له يوم الأحد: "بالرغم من كل شيء، نود أن نعبر عن دعمنا المستمر للهند، ونرحب بانضمامها إلى اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية المتكاملة في المستقبل".
النفوذ الصيني في مواجهة أمريكا وتحدي بايدن
يقول الخبراء، إنَّ تغيير اتفاقية "الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة" للديناميات الإقليمية لصالح الصين يعتمد على استجابة الولايات المتحدة.
وتؤكِّد هذه الاتفاقية أنَّ قرار الرئيس "دونالد ترمب" في عام 2017 بالانسحاب من معاهدة الشراكة عبر المحيط الهادئ، قد حدَّ من قدرة أمريكا على تحقيق التوازن مع نفوذ الصين الاقتصادي المتنامي في المنطقة.
وسينتقل هذا التحدي إلى الرئيس المنتخب "بايدن"، إن تمَّت تسميته فائزاً كما يتوقَّع في انتخابات 3 نوفمبر، وإن كان من غير المؤكَّد حتى الآن، كيف سيتعامل فريق "بايدن" مع الصفقات التجارية، وما إذا كان سيعود للانضمام مرة أخرى إلى اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ التي تضم 11 دولة.
يأتي توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية المتكاملة مع حالة التعافي غير المتكافئة في اقتصاديات دول جنوب شرق آسيا من آثار وباء فيروس كورونا.
وتتفاوض الحكومات في جميع أنحاء المنطقة حول خطوط السفر على فترات متقطعة، في حين يوازن المسؤولون بين المخاطر الصحية، والاحتياجات الاقتصادية.
وتعدُّ ماليزيا وإندونيسيا والفلبين من الدول التي لا تزال تتعامل مع ارتفاع عدد حالات الإصابة بالفيروس، في حين نجحت سنغافورة وفيتنام حتى الآن في منع تفشي المرض مجدداً.
قال روش: "تكمن الفائدة الرئيسية من اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية المتكاملة في كونها ستخفِّض التكاليف على سلسلة التوريد في دول آسيا والمحيط الهادئ، وتدعم سيطرة المنطقة على نظام التجارة العالمي".