زاد المغرب من مساحات الأراضي المسموح فيها زراعة القنب الهندي هذا العام إلى 2078 هكتاراً، بارتفاع يصل إلى 8 أضعاف عن العام الماضي، وذلك في ثاني موسم قانوني لزراعة هذه النبتة، بحسب محمد الكروج، المدير العام للوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، في حديث لـ"الشرق".
تبنّت المملكة عام 2021 قانوناً يُنظم زراعة نبتة القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية، بهدف استغلال الفرص الاقتصادية التي تتيحها السوق العالمية، حيث يتم إخضاع عمليات الزراعة والحصاد والتسويق والتصدير لمراقبة صارمة، وتم جني أول محصول قانوني العام الماضي بنحو 296 طناً.
رغم حداثة هذا القطاع، فقد شهد تطوراً سريعاً، إذ تكتل المزارعون في تعاونيات، وجرى إحداث وحدات صناعية متخصصة في إنتاج مستحضرات التجميل والمكملات الغذائية، يفترض أن تكون متاحةً في السوق المحلية ابتداءً من شهر مايو الجاري.
انخراط مستمر للمزارعين
كانت زراعة القنب الهندي شائعةً في عدة مناطق مغربية منذ عقود، حيث تُحوَّل أوراقها إلى مخدر "حشيشة الكيف" التقليدي، لكنها مُنعت قانونياً في خمسنيات القرن الماضي، من دون أن تختفي عملياً، خصوصاً في شمال البلاد، حيث كان المزارعون يعملون في الحقول بعيداً عن أنظار السلطات، وغالباً ما كان يتم تهريب الإنتاج، خصوصاً نحو الأسواق الأوروبية.
قدرت دراسة أصدرتها وزارة الداخلية عام 2021 عدد المغاربة الذين كانوا يعملون بالزراعة غير المشروعة لنبتة القنب الهندي بنحو 400 ألف شخص. وكان الربح السنوي للهكتار الواحد لا يتجاوز 16 ألف درهم، بينما يقدر حالياً بنحو 110 آلاف درهم.
اقرأ أيضاً: المغرب يطمح لـ6 مليارات دولار إيرادات من القنب الهندي
بعد التقنين، بدأ المزارعون في المناطق المحددة قانونياً (الحسيمة وتطوان والشاون) في طلب التراخيص لدى الوكالة الحكومية، حيث انتقل عددها من 609 رخص العام الماضي إلى 2342 رخصة هذا العام، شكلت الرخص المخصصة للزراعة حصة الأسد منها، وتوزع الباقي على التحويل والتسويق والتصدير.
إلى جانب المزارعين، منحت السلطات 168 ترخيصاً لصالح 61 مستثمراً، ليضافوا إلى 82 مستثمراً العام الماضي. يعتزم هؤلاء المستثمرون إنجاز وحدات صناعية ومختبرات لتحويل المادة الخام.
قال الكروج إن "هذه الأرقام تعكس انخراطاً واسعاً في عملية التقنين سواء من طرف المزارعين أو المستثمرين"، وأضاف: "هذا العام سيكون الإنتاج مهماً، بالنظر لارتفاع المساحة المخصصة للزراعة"، مشيراً إلى أن متوسط الإنتاج في الهكتار الواحد يصل إلى 20 قنطاراً (طُنين).
عودة صنف "البَلْدية"
الجديد في موسم هذا العام هو الترخيص لزراعة نبتة "البَلْدية"، وهي صنف مغربي خالص من القنب الهندي تمتاز بمحتوى أقل من 1% من رباعي هيدروكانابينول (THC)، وتقاوم ظروف الجفاف، كما أنها الأصلح للتحويل إلى منتجات دوائية ومكملات غذائية مقارنة بالأصناف الأخرى الهجينة المستوردة.
بلغت المساحة المزروعة هذا العام ببذور "البَلدية" المحلية 732 هكتاراً، ما يمثل 35% من المساحة الإجمالية المخصصة للزراعة. تزرع هذه النبتة خلال شهري فبراير ومارس، أما البذور المستوردة فتتم زراعتها في أبريل ومايو ويونيو.
تصدير قانوني لـ"الحشيش"
في أبريل الماضي، تمت أول عملية تصدير لمادة "الحشيش" المستخرج من القنب الهندي بشكل قانوني نحو سويسرا لأغراض دوائية، وتوالت شحنات تصدير المنتجات من طرف شركات مغربية نحو أوروبا، لتصل حالياً إلى ما مجموعه 55 كيلوغراماً بيعت بمعدل 1500 دولار للكيلوغرام الواحد، بحسب معطيات حصلت عليها "الشرق" من الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي.
شركة "سوماكان" (Somacan) هي من بين شركات مغربية عديدة رأت النور مع بداية التقنين، وبات لديها وحدة صناعية لإنتاج مستحضرات التجميل والمكملات الغذائية.
قال مديرها عبد الرزاق منيوي لـ"الشرق" إنه "تعاقد مع 250 فلاحاً هذا العام لزراعة 500 هكتار من القنب الهندي، مقابل 150 هكتاراً العام الماضي، أنتجت 56 طناً".
خلال المعرض الدولي للفلاحة الذي نظمه المغرب نهاية الشهر الماضي، عرضت شركات عدة أولى العينات من منتجات القنب الهندي، منها مستحضرات تجميل ومكملات غذائية وزيت وشاي، كلها ستُعرض خلال الشهر الجاري للبيع في الصيدليات والمتاجر الكبرى.
تستهدف الشركات التي جرى الترخيص لها للعمل في هذا القطاع تلبية حاجات السوق المحلية أولاً، حيث سيكون بإمكان المغاربة استهلاك منتجات كانت في عداد المحظور في السابق. نوه عبد الرزاق منيوي إلى أن "التركيز منصب أيضاً على استغلال فرص التصدير نحو الخارج بالنظر لسمعة وجودة القنب الهندي المحلي في العالم".