خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان، وعزا هذا التراجع إلى 3 عوامل أساسية هي الصراعات المسلحة، وسوق النفط والغاز، والتحديات التي تواجهها حركة التجارة الإقليمية.
الصندوق رجّح في تقرير الآفاق الاقتصادية الإقليمية الصادر اليوم الخميس، أن يظل النمو على المدى القريب ضعيفاً، وأن يتحسن بشكل معتدل إلى 2.6% في 2024 من 1.6% في 2023، بانخفاض قدره 0.7% عن توقعات أكتوبر الماضي.
مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور أشار في مقابلة مع "الشرق" على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، إلى أن النمو في المنطقة سيتحسن من دون شك في العام الحالي مقارنة بالعام السابق. ولكنه أشار إلى أن عوامل التراجع مرتبطة بشكل أساسي بالتخفيضات الطوعية الإضافية في إنتاج النفط لدى بعض دول مجلس التعاون الخليجي، وانخفاض الإيرادات بسبب انخفاض أسعار النفط والغاز، وهو ما قد يؤدي إلى انخفاض الإنفاق المالي في البلدان المصدرة للنفط والغاز.
يُضاف إلى ذلك التحديات الجيوسياسية مع حرب غزة وتأثيرها وتداعياتها على دول المنطقة، والضغوطات على حركة التجارة الإقليمية مع استمرار التوترات في البحر الأحمر، وفق أزعور.
اقرأ أيضاً: هذه رؤية صندوق النقد الدولي للمنطقة العربية في 2024
أزعور أشار إلى أن الحرب في غزة أثرت بشكل مباشر على الاقتصاد الفلسطيني وعلى الدول المجاورة، خصوصاً قطاعي السياحة والتجارة، مضيفاً: "نحن في مرحلة انتقالية يجب التحوط منها، في ظل اقتصاد عالمي يشهد تشنجات"، مشدداً على أن دول المنطقة بحاجة للنظر لـ"كيفية التكيف مع هذه التحولات".
في فبراير، حثت المديرة العامة للصندوق كريستالينا غورغييفا، خلال مشاركتها بالمنتدى الثامن للمالية العامة في الدول العربية، دول المنطقة على تعزيز قدراتها المالية في مواجهة التحديات الراهنة وتحمّل الصدمات التي قد تنتج عن الظروف غير المؤكدة إلى حد غير اعتيادي التي تشهدها المنطقة.
قالت غورغييفا حينها إن صندوق النقد الدولي يتوقع أن ينمو اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام الحالي بنسبة 2.9%، أعلى مما حققه خلال العام السابق، وفي الوقت ذاته منخفضاً عمّا توقعه الصندوق في أكتوبر، على خلفية التخفيضات قصيرة الأجل في إنتاج النفط، وتداعيات الصراع بين غزة، والسياسات النقدية المتشددة، التي لا تزال مطلوبة.
دول مجلس التعاون
خفض الصندوق توقعاته لنمو اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في 2024 بنسبة 1.3 مقارنةً بتوقعات أكتوبر، ومن المتوقع الآن أن يبلغ نحو 2.4%. هذا التراجع سببه استمرار التخفيضات الطوعية في إنتاج النفط، وبشكل خاص من جانب المملكة العربية السعودية، بحسب الصندوق.
رجّح التقرير أن يظل النشاط غير النفطي هو المساهم الرئيسي في النمو في السنوات المقبلة، كما توقع أن يرتفع النمو في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 4.9% في عام 2025 مع ارتفاع إنتاج النفط والغاز، قبل أن يستقر عند حوالي 3.5% على المدى المتوسط.
ازعور رأى أن القطاع غير النفطي شكل "قاطرة النمو" لدول الخليج في السنوات القليلة الماضية، ورغم توقع تسجيله تراجعاً ضئيلاً هذه السنة، إلا أن أزعور توقع أن يتحسن في الأعوام المقبلة.
تحسن النمو الاقتصادي في دول الخليج على المدى المتوسط مرده إلى "قدرة الدول على التنوع، وتكيفها مع التحديات"، بالإضافة إلى "الإصلاحات التي نفذتها سواء على صعيد سوق العمل والإنتاجية، فضلاً عن التأثير الإيجابي للمشاريع الاستثمارية".
وتابع أن هذه المسيرة يجب "استكمالها من خلال استكمال الإجراءات الضريبية التي أقرتها الدول مثل الضريبة على القيمة المضافة أو على الشركات، وذلك بهدف تنويع مصادر الدخل، وحماية المالية العامة من أي تقلبات في أسعار النفط"، مشدداً على ضرورة "العمل على زيادة القدرة التنافسية لاقتصادات دول الخليج".
اقرأ أيضاً:هل تعوض الإيرادات غير النفطية أثر خفض إنتاج النفط بموازنات الدول الخليجية؟
سابقاً، اعتبر الصندوق أن دول مجلس التعاون الخليجي، ورغم التقلبات الاقتصادية العالمية الراهنة، لا تزال تحتفظ بزخم نمو القطاعات غير النفطية المدفوعة بالطلب المحلي وزيادة التدفقات الاستثمارية الخارجية.
شهدت أسعار النفط تقلبات لافتة خلال الفترة الأخيرة على خلفية التوترات في المنطقة، لا سيما الهجمات المستمرة على السفن في البحر الأحمر، فيما توقعت "أوبك" ارتفاع الطلب العالمي على نفطها خلال 2024 بمقدار 800 ألف برميل يومياً مقارنة بالعام الماضي، ليصل إلى 28.5 مليون برميل يومياً، بدعم من نمو الاقتصاد العالمي، مستبعدة أن تؤدي التطورات السياسية والجيوسياسية إلى تغيير كبير وملموس في زخم النمو.