ستؤدي اضطرابات البحر الأحمر، إن طال أمدها، لخسائر تجارية غير متكافئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقاً لـصندوق النقد الدولي.
الصندوق قدّر في تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي، أن تنخفض صادرات الدول المطلة على البحر الأحمر، وهي مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والسودان واليمن، بمتوسط يبلغ 10% تقريباً، فيما ستتراجع صادرات باقي دول المنطقة 5%.
هذه الأرقام تأتي بناءً على سيناريو يفترض استمرار المستوى الحالي من الاضطرابات في التجارة البحرية حتى نهاية عام 2024، ويحاكي تأثير الزيادة في تكاليف التجارة بنسبة 1% من قيمة الشحن للتجارة التي تعبر البحر الأحمر.
من جهته، قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور في مقابلة مع "الشرق" على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، إن الحرب على غزة أثرت على قطاع التجارة في المنطقة، خصوصاً في البحر الأحمر، مشيراً إلى أن بعض الدول المطلة على البحر الأحمر ستتأثر سلباً جراء التوترات.
وأضاف أن هناك "تغييراً جزئياً" في مسارات التجارة، إذ لجأت السفن التجارية إلى رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا، بدلاً من باب المندب، للهروب من التوترات في المنطقة. ولكنه نبه إلى أن هذا التغيير يمكن أن يستمر، أو أن يكون مرحلياً، و"ينقشع عندما تتراجع نسبة المخاطر".
اقرأ أيضاً: أزمة البحر الأحمر تنشر موجة صدمات اقتصادية عالمية
أسفرت الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة وعمليات الاختطاف ضد السفن التجارية في البحر الأحمر عن أكبر عملية تحويل لمسار التجارة الدولية منذ عقود، ما رفع تكاليف شركات الشحن.
في وقتٍ سابق، نقلت "بلومبرغ" عن فينسينت إياكوبيلا، خبير لوجستي في "ألبا ويلس أب" (Alba Wheels Up)، قوله إننا "لم نشهد زيادة في التكاليف بهذه السرعة منذ الأزمة الأخيرة خلال وباء كورونا".
اقرأ أيضاً: "بلومبرغ": توترات البحر الأحمر تهدد بارتفاع أسعار السلع
هذا التغيير في مسار السفن سيترتب عليه ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة مدة تسليم البضائع، بحسب ما كتب محللو "بلومبرغ إيكونوميكس" ومن بينهم غيرارد ديبيبو في مذكرة.
التداعيات على النشاط الاقتصادي
تداعيات هذه الاضطرابات إن طال أمدها، تمتد لتطال النشاط الاقتصادي الذي سيتراجع بنحو 1% في اقتصادات الدول المطلة على البحر الأحمر، و0.3% في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأخرى وباكستان، بحسب الصندوق.
التقرير أشار إلى تداعيات الأزمة على ممرات مختلفة. إذ انخفضت التجارة عبر قناة السويس مثلاً بأكثر من 50% بين نوفمبر 2023 ونهاية فبراير 2024. بالإضافة إلى ذلك، تقلصت أحجام تجارة البضائع في بعض دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة تلك التي تعتمد على موانئ البحر الأحمر خلال هذا الإطار الزمني.
في مصر، تراجعت مداخيل قناة السيويس التي كانت تصل إلى نحو 700 مليون دولار شهرياً، ما دفع البلاد إلى القيام بإجراءات مالية جديدة للتحوط من هذا التراجع، بحسب أزعور.
في الأردن، انخفضت الطاقة الاستيعابية لميناء العقبة بنحو النصف بين نوفمبر ونهاية فبراير، مما أدى إلى إعادة توجيه بعض التجارة عبر طرق النقل البري. وفي المملكة العربية السعودية، انخفض نشاط ميناء جدة حيث قامت السلطات بتحويل التدفقات التجارية جزئياً إلى ميناء الدمام في الخليج العربي، وفق التقرير.
من الآن فصاعداً، يمكن أن يكون للتوترات الطويلة في مضيق باب المندب تأثير سلبي أعمق على التجارة والإنتاج، وخاصة بالنسبة للبلدان المطلة على البحر الأحمر، بحسب التقرير.
أزعور أشار إلى أن التحديات التجارية في المنطقة، "مشابهة للتحديات خلال فترة كورونا، ويجب على دول المنطقة التحوط منها والتكيف معها لاستعادة الحركة الاقتصادية".