تمكنت إسرائيل وحلفاؤها، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، من إحباط هجوم غير مسبوق شنته إيران.
أطلقت طهران أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ على إسرائيل مساء السبت. وتم اعتراض جميع الطائرات تقريباً قبل وصولها إلى المجال الجوي الإسرائيلي، ولم يتم الإبلاغ عن أي وفيات. وأصيبت فتاة تبلغ من العمر 10 سنوات في إسرائيل بجروح بالغة جراء سقوط شظايا، في حين لحقت أضرار طفيفة بقاعدة عسكرية.
الرئيس الأميركي جو بايدن قال إنه يدين الهجوم، الذي يعتبر أول هجوم من الأراضي الإيرانية ضد إسرائيل، بأشد العبارات، فيما حذر مسؤولون إسرائيليون من أنه "تصعيد شديد وخطير" من طهران.
مع ذلك، لم يقل أي من الطرفين إنهما سينتقمان من إيران، التي تعهدت بمهاجمة إسرائيل بعد تعرض مجمع سفارتها في سوريا لقصف صاروخي في الأول من أبريل، ما أسفر عن قتل سبعة ضباط إيرانيين.
وقف التصعيد
أعلنت إيران أنها لن تنفذ المزيد من الهجمات في غياب رد فعل قوي من إسرائيل. انخفضت أسواق الأسهم في إسرائيل والسعودية وأماكن أخرى في الشرق الأوسط يوم الأحد، ولكن بشكل طفيف فقط.
صرّح رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري للتلفزيون الرسمي يوم الأحد قائلاً: "نرى أن هذه العملية حققت نتيجة كاملة وليس هناك نية للاستمرار". وأضاف أن إيران قادرة على شن هجوم أكبر بـ"عشرات المرات" لكنها تعمدت أن يأتي الرد محدوداً.
سيتحدث بايدن مع قادة مجموعة السبع يوم الأحد "لتنسيق رد دبلوماسي موحد"، بحسب بيان للبيت الأبيض.
كذلك تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأكد مجدداً أن دعم واشنطن لإسرائيل "صارم". ومع ذلك، قال الرئيس الأميركي إن الولايات المتحدة لن تدعم هجوماً مضاداً إسرائيلياً ضد إيران، حسبما أفاد موقع "أكسيوس" نقلاً عن مسؤول في البيت الأبيض لم يذكر اسمه.
من المتوقع أن يجتمع مجلس الوزراء الإسرائيلي بعد ظهر الأحد لمناقشة الرد الإسرائيلي.
التداعيات على الأسواق
اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن "هذه الحملة لم تنته بعد وعلينا أن نبقى مستعدين". تابع: "صمدت إسرائيل في وجه الهجوم الليلة. وأحبط الجيش الإسرائيلي هذا الهجوم بالتعاون مع شركائنا بطريقة مثيرة للإعجاب. رأى العالم كله الليلة ما هي إيران، دولة الإرهاب".
ارتفعت أسعار النفط في أعقاب الضربة التي استهدفت سوريا، حيث ارتفع خام "برنت" فوق 90 دولاراً للبرميل، ويقول المحللون إنه قد يصل إلى 100 دولار في حالة حدوث صراع مباشر بين إيران وإسرائيل. وضعف الشيكل الإسرائيلي واقترب من أضعف مستوياته هذا العام.
اقرأ أيضاً: بورصة تل أبيب تتجاهل الهجوم الإيراني وأسواق الخليج تهبط
يوم الأحد، ارتفعت الأسهم الإسرائيلية بما يصل إلى 0.7% في التعاملات المبكرة، لكنها عكست تلك المكاسب حتى الساعة 11:40 صباحاً في تل أبيب. وانخفضت بورصة السعودية، التي قالت إن لديها "قلقاً عميقاً إزاء تطورات التصعيد العسكري في المنطقة"، بنسبة 0.5%.
رأى زياد داود، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في "بلومبرغ إيكونوميكس" أن "إيران صممت ردها الانتقامي لإحداث أقصى قدر من الرمزية، ولكن مع الحد الأدنى من الضرر". واعتبر أن "الرد في حد ذاته، لا ينبغي له أن يحرك الأسواق. ولكن إذا أدى ذلك إلى رد فعل إسرائيلي، فإننا نتجه نحو مكانٍ خطيرٍ للغاية. المفتاح لما سيحدث بعد ذلك هو ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على كبح جماح رد الفعل الإسرائيلي".
الهجوم الإيراني
كشف الجيش الإسرائيلي إن إيران أطلقت نحو 170 طائرة مسيّرة و30 صاروخ كروز و120 صاروخاً باليستياً. والأخيرة فقط هي التي اخترقت المجال الجوي الإسرائيلي و"بأعداد صغيرة جداً"، بحسب الجيش الإسرائيلي. وتم اعتراض جميع الطائرات المسيرة وصواريخ الكروز قبل وصولها إلى إسرائيل.
دوت عدة صفارات إنذار في مواقع مختلفة في إسرائيل مثل القدس وبئر السبع وديمونة في الجنوب، ومستوطنة آرئيل في الضفة الغربية. وسمع سكان القدس دوي انفجارات. ودوت صافرات الإنذار أيضاً في شمال إسرائيل. وقال الجيش الإسرائيلي إنه قطع خدمات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في بعض المناطق للمساعدة في مواجهة الهجوم.
وأكد مسؤول دفاعي أميركي أن القوات الأميركية في المنطقة، المعززة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر، أسقطت طائرات مسيرة أطلقتها إيران. وشاركت القوات البريطانية والفرنسية بالعملية.
قال بايدن: "بفضل هذه العمليات والمهارة غير العادية لجنودنا، ساعدنا إسرائيل في إسقاط غالبية الطائرات المسيرة والصواريخ القادمة".
أنظمة الدفاع الإسرائيلية
خلال العقدين الماضيين، لجأت إسرائيل إلى تحديث دفاعاتها الجوية بشكل كبير، وأضافت أنظمة جديدة لاعتراض الصواريخ الباليستية التي يتم إطلاقها من مسافة تصل إلى 2400 كيلومتر (1500 ميل). ويشمل هذا النطاق اليمن وسوريا والعراق، حيث تتمركز الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران، بالإضافة إلى إيران.
اقرأ أيضاً: الهجوم الإيراني يختبر حدود قدرات الدفاعات الإسرائيلية المدعومة
ولكن نظام الدفاع الجوي الأكثر نشاطاً وشهرة في إسرائيل هو القبة الحديدية، التي اعترضت آلاف الصواريخ التي يطلقها المسلحون الفلسطينيون في غزة منذ عام 2011. لكن القبة الحديدية مصممة للصواريخ والطائرات المسيرة ذات المدى القصير، وهي مجرد واحدة من أنظمة الدفاع الصاروخية المتقدمة الموجودة في الدولة.
تمتلك إسرائيل أيضاً نظاماً اعتراضياً متوسطاً إلى طويل المدى يُعرف باسم "ديفيدز سلينغ" (David's Sling) ونظام "آرو" (Arrow) الدفاعي.
استنكار دولي
كان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك من بين أوائل القادة الذين ردوا على الهجوم الإيراني. وقال سوناك في بيان: "ستواصل المملكة المتحدة الدفاع عن أمن إسرائيل وأمن جميع شركائنا الإقليميين، بما في ذلك الأردن والعراق".
كذلك أدانت فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي واليابان تصرفات إيران. وانضم إليها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي دعا إلى وقف فوري للأعمال العدائية، مشيراً إلى خطر "التصعيد المدمر على مستوى المنطقة". طلبت إسرائيل عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي.
اقرأ أيضاً: تحديات شركات الطيران تتفاقم بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل
قد يؤدي الهجوم إلى تفاقم الصراع في الشرق الأوسط الذي بدأ عندما اقتحم آلاف من نشطاء "حماس" إسرائيل من غزة، ما أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص واختطاف 250. وأدى الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي الانتقامي على غزة إلى مقتل أكثر من 33 ألف شخص، وفقاً لتقرير وزارة الصحة التي تديرها "حماس"، مما أثار الغضب في العالم الإسلامي وخارجه.
تصنف "حماس" على أنها "منظمة إرهابية" من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
سيناريو التصعيد
من شأن أي اشتباك مباشر بين إيران وإسرائيل أن يجذب جماعة "حزب الله" ومقرها لبنان، والتي تدعمها إيران مثل "حماس"، ما يزيد من احتمال نشوب حرب إقليمية. ومن الممكن أيضاً أن تتأثر إمدادات النفط من الخليج العربي.
حذر المرشد الإيراني علي خامنئي، مراراً من أن إسرائيل "ستُعاقب" على الهجوم القاتل في دمشق، الذي دمر مبنى قنصلية إيران وقتل 13 شخصاً على الأقل. ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن الهجوم، لكنها لم تنكر ذلك أيضاً.
اقرأ أيضاً: "بتكوين" تتعافى من تداعيات الهجوم الإيراني على إسرائيل
أحد الضباط الذين قُتلوا هو محمد رضا زاهدي، وهو جنرال في "الحرس الثوري"، وأعلى القادة الإيرانيين المستهدفين، منذ أن اغتالت الولايات المتحدة، في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، قاسم سليماني في العراق في عام 2020.
بعد مقتل سليماني، شنت إيران هجمات على قواعد عسكرية أميركية لكنها لم تقتل أحداً. هددت إيران يوم الأحد بضرب القواعد الأميركية في الشرق الأوسط مرة أخرى، إذا ساعد البيت الأبيض إسرائيل في الرد على هجوم ليلة السبت.
حلفاء إيران
تدعم إيران الجماعات المناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة في جميع أنحاء المنطقة. وغالباً ما يطلق عليها معاً اسم "محور المقاومة". وتشمل هذه الجماعات "حماس" و"حزب الله"، وكذلك جماعة الحوثي في اليمن والجماعات المسلحة في سوريا والعراق.
استخدم الحوثيون الحرب في غزة ذريعة لشن هجمات صاروخية على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، في حين تبادل "حزب الله" إطلاق النار عبر الحدود مع إسرائيل بشكل شبه يومي منذ الحرب على غزة.
اقرأ أيضاً: إيران تسيطر على سفينة مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي قرب الفجيرة
استهدفت الجماعات المدعومة من إيران في العراق وسوريا بانتظام القواعد الأميركية بالصواريخ والطائرات المسيرة في أواخر العام الماضي وفي يناير. وتوقفت هذه الهجمات في الغالب بعد مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن في غارة بطائرة مسيرة في أواخر يناير، ورد البنتاغون بضرب منشآت مرتبطة بإيران في المنطقة.
المحادثات مع حماس متوقفة
قالت إسرائيل يوم الأحد أيضاً إن "حماس" رفضت الاقتراح الأخير لوقف إطلاق النار الذي قدمه الوسطاء. كذلك رفضت "حماس" الخطوط العريضة التي قدمها الوسطاء، وفقاً للموساد، وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية.
بينما لم يقل الموساد بشكل مباشر أن الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة التي شنتها إيران على إسرائيل هي المسؤولة، إلا أنه قال إن زعيم "حماس" في غزة، يحيى السنوار، "يواصل استغلال التوتر مع إيران" و"لا يريد صفقةً إنسانيةً وعودة الرهائن".
تتوسط كل من الولايات المتحدة وقطر ومصر في المحادثات.