أنهت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين أربعة أيام من المحادثات في الصين، بتحذير من أي تحركات لتعزيز القدرة العسكرية الروسية.
وقالت يلين يوم الإثنين في تصريحات معدة لمؤتمر صحفي في مقر إقامة السفير الأميركي في بكين: "لقد شددت على أن الشركات، بما في ذلك تلك الموجودة في الصين، يجب ألا تقدم دعماً مادياً للحرب الروسية، وأنها ستواجه عواقب وخيمة إذا فعلت ذلك".
وأضافت أن "أي بنك يقوم بتسهيل المعاملات الكبيرة التي تنقل البضائع العسكرية، أو المنتجات ذات الاستخدام المزدوج إلى القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية، يعرض نفسه لخطر العقوبات الأميركية".
رسالة غير معتادة
تحاول إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اتخاذ إجراءات صارمة ضد الشركات حول العالم التي تساعد روسيا على التهرب من شبكة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على موسكو منذ غزوها لأوكرانيا في عام 2022. وبينما كانت الصين هدفاً للتحذيرات السابقة، فإن رسالة يلين يوم الإثنين من العاصمة الصينية، كانت غير معتادة بسبب التهديد المباشر بفرض عقوبات.
جاءت هذه الرسالة في اليوم الذي وصل فيه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى بكين لمناقشة قضايا من بينها أوكرانيا. وفي حين تصف الصين موقفها من الحرب بأنه محايد، فقد زادت التجارة مع روسيا منذ بدايتها.
وقالت يلين في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي"، إن "الصين وروسيا تجريان الكثير من التجارة ومعظمها لا ينطوي على مشكلات". وأضافت: "لكن أي شيء يتضمن مساعدة الجيش الروسي في حربه الوحشية ضد أوكرانيا غير مقبول بالنسبة لنا، ولدينا القدرة على فرض عقوبات عليه".
سلاح العقوبات
يتمثل سلاح الولايات المتحدة ضد المؤسسات المالية، من خلال قدرة وزارة الخزانة على منع وصول هذه المؤسسات إلى الدولار الأميركي، وهو ما يشكل تهديداً وجودياً لأي بنك يعمل على المستوى الدولي.
ويُعتبر مثل هذا التهديد الذي يلوح الآن في الأفق على المقرضين الصينيين، مثالاً آخر على طريقة اتخاذ أكبر اقتصادين في العالم طرفي نقيض من خطوط الصدع الجيوسياسية والاقتصادية، مما يدفع حتى يلين، التي يمكن القول إنها الأقل تشدداً بين كبار مسؤولي إدارة بايدن الذين يتعاملون مباشرة مع الصين، إلى الانتقال للهجوم.
الإفراط في التصنيع
وخلال قسم كبير من رحلتها، كانت وزيرة الخزانة مشغولة بتوبيخ الصين بشأن شيء آخر، وهو ما تعتبره واشنطن استثماراً مفرطاً في التصنيع، وخاصة في تكنولوجيات الطاقة الخضراء الجديدة، للتعويض عن قطاع العقارات المضطرب وضعف الطلب المحلي. وكانت رسالة يلين هي أن القدرة الفائضة الصينية ستغرق الاقتصادات الأخرى إذا لم يحدث تغيير في المسار.
لقد هيمن هذا الموضوع منذ اليوم الأول، وظل يتكرر خلال عطلة نهاية الأسبوع من المحادثات التي وصفها الجانبان بأنها صريحة وبناءة. وقد لعب الصينيون دور مضيفين كريمين ولم يردوا أبداً برد فعل غاضب، حتى في الاجتماعات المغلقة، وفقاً لكبار مسؤولي وزارة الخزانة.
اقرأ أيضاً: يلين تخطط للضغط على الصين بشأن قدرتها الصناعية الفائضة
واعترفت بكين بوجود طاقة أكبر مما ينبغي في بعض الصناعات على الأقل، على الرغم من أنها تتهم أيضاً الولايات المتحدة ودول أخرى، بمحاولة حماية شركاتها الأقل قدرة على المنافسة.
نفوذ أميركي
وتتمتع الولايات المتحدة في الوقت الحالي ببعض النفوذ في مثل هذه الأمور، لأن اقتصاد الصين هش، ويدرك قادتها أن العديد من الدول الأخرى تتفق مع يلين، وفقاً لكريستوفر بيدور، نائب مدير الأبحاث الصينية في "جافيكال دراغعونوميكس". وأضاف: "لهذا السبب، على الرغم من أن يلين تدلي بتعليقات قاسية، فإنهم لا يصدونها".
في يوم الإثنين، بعد اجتماع مع رئيس البنك المركزي الصيني بان جونج شنغ، عادت يلين إلى هذه القضية.
وقالت: "أنا قلقة بشكل خاص بشأن الكيفية التي قد تؤدي بها اختلالات الاقتصاد الكلي المستمرة في الصين، على وجه التحديد ضعف الاستهلاك الأسري والإفراط في استثمار الشركات، والذي تفاقم بسبب الدعم الحكومي واسع النطاق في قطاعات صناعية محددة، إلى مخاطر كبيرة على العمال والشركات في الولايات المتحدة وبقية العالم".
ولفت مسؤولو وزارة الخزانة إلى أن يلين حثت الصين على وجه التحديد على بذل المزيد من الجهد لتحفيز الطلب المحلي. وقالوا إن الصينيين ردوا بطمأنة يلين إلى أنهم اتخذوا بالفعل خطوات في هذا الاتجاه.
اقرأ أيضاً: الصين تشهد ارتفاعاً بإنفاق السياح في مؤشر لتعافي الاستهلاك
كما اتفقوا على إطلاق مجموعة جديدة من المحادثات التي تركز بشكل حصري على "النمو المتوازن في الاقتصادين المحلي والعالمي"، وهو تعبير ملطف لمعالجة الإفراط في استثمار الصين في العرض.
وأعلنت يلين أن المحادثات الجديدة ستبدأ الأسبوع المقبل باجتماع بين مجموعتي العمل في واشنطن.