واصل أكبر اقتصادين في منطقة اليورو الانكماش خلال مارس، ما يغذي التوقعات بأن النمو المستدام في النشاط سوف يستغرق المزيد من الوقت ليتحقق.
انكمش نشاط القطاع الخاص في فرنسا بوتيرة أسرع قليلاً خلال الشهر الجاري، مقارنة بشهر فبراير، وفقاً لاستطلاعات الأعمال التي أجرتها شركة "إس آند بي غلوبال" والتي صدرت الخميس. تراجعت حِدّة الانكماش في ألمانيا، ولكن هذا عاد فقط إلى قطاع الخدمات، الذي اقترب من الاستقرار.
تمكّنت شركات التصنيع الألمانية المهمة مجدداً من مخالفة توقعات الاقتصاديين فيما يتعلق بتحسن الزخم، مع انخفاض مؤشر مديري المشتريات ذي الصلة إلى 41.6 نقطة، بعد أن سجل 42.5 في فبراير -وهو مستوى أدنى من عتبة 50 نقطة التي تشير إلى حدوث توسع.
الخدمات تدعم القطاع الخاص
أسهمت الخدمات في جميع أنحاء منطقة اليورو المكونة من 20 دولة، في دعم نشاط القطاع الخاص لتسجيل الارتفاع إلى أعلى مستوى له منذ تسعة أشهر، إلا أن مقياس الشركات المصنعة انخفض بشكل غير متوقع إلى أدنى مستوى له منذ ثلاثة أشهر.
اقرأ أيضاً: توقعات باستمرار الانتعاش في قطاع التصنيع العالمي
قال سايروس دي لا روبيا، كبير الاقتصاديين في "هامبورغ كوميرشال بنك": "إذا كنت تأمل في حدوث تعافٍ في قطاع التصنيع خلال الربع الأول، حان الوقت لتتخلى عن آمالك. مع ذلك، هناك بصيص من الأمل، فالشركات ما تزال متفائلة إزاء الإنتاج في المستقبل".
وأضاف: "مؤشر مديري المشتريات لشهر مارس أكد الضعف الواضح لهذا القطاع، والذي يبدو أن ألمانيا ذات الوزن الثقيل هي المهيمنة على المؤشر".
شدّد على أنه "بمقارنة "فرنسا وألمانيا، تظهر بيانات مؤشر مديري المشتريات المركب نفس درجة الضعف تقريباً".
انكماش في فرنسا وألمانيا
كان أداء الاقتصادين في الآونة الأخيرة أسوأ من منطقة اليورو الأوسع، حيث نما اقتصاد الدول، بما في ذلك إسبانيا، بوتيرة قوية. على النقيض من ذلك، من المحتمل أن تكون ألمانيا دخلت ركوداً بعد الانكماش في الربع الرابع التي تكافح من أجل التخلص منه في بداية عام 2024.
رجّح البنك المركزي الألماني يوم الخميس أن ينكمش الاقتصاد مرة أخرى في الربع الأول، وسط استمرار "رياح معاكسة من اتجاهات مختلفة"، وبقاء القطاع الصناعي على وجه الخصوص كنقطة ضعف.
أضاف البنك المركزي في تقريره الشهري أنه بالنسبة إلى الربع الثاني، فإن المؤشرات مثل توقعات "إيفو" للأعمال "لا تزال تعطي مؤشراً محدوداً على التحسن الاقتصادي". على الرغم من الركود الأول المحتمل منذ الجائحة، إلا أن البنك لا يتوقع حدوث انكماش حاد.
التدهور في فرنسا ناجم عن تراجع الطلب على السلع والخدمات، واعتبر المشاركون في الاستطلاع أن "تردد العملاء والأوضاع الاقتصادية الصعبة والضغوط التضخمية" تمثل عقبات، وفق "إس آند بي غلوبال".
أظهرت البيانات أن مؤشر مديري المشتريات لمنطقة اليورو ككل ارتفع إلى 49.9 نقطة في مارس، وهو أقوى من مستوى 49.7 نقطة الذي توقعه الاقتصاديون، والأقرب إلى مستوى 50 نقطة منذ يونيو الماضي. تجنبت المنطقة الركود في نهاية العام الماضي، على الرغم من توقع الاقتصاديين نمواً بـ0.1% فقط في الربع الأول، وزيادة الإنتاج بـ0.5% فقط لهذا العام.
رغم ذلك، كشفت الاستطلاعات عن زيادة تفاؤل الشركات إزاء المستقبل، ما تعد إشارة إلى أن التعافي الذي يتوقعه الاقتصاديون سيحدث في نهاية المطاف.
اقرأ أيضاً: الاقتصاد الألماني ينكمش وسط تراجع الاستثمار في نهاية 2023
تراجع الضغوط السعرية
في فرنسا، أظهرت المؤشرات المحلية التي نُشرت يوم الخميس تحسناً في ثقة الأعمال في قطاعي الصناعة والخدمات معاً. وبلغ متوسط القراءة المركبة للقطاعات بأكملها، التي تقيسها وكالة الإحصاء الفرنسية "آي إن إس إي إي" (Insee)، في المدى الطويل 100 نقطة في مارس لأول مرة منذ سبتمبر الماضي.
رغم وجود إشارات على تراجع الضغوط السعرية في البلدين، ظلت زيادة الرواتب مصدراً للقلق، خصوصاً في شركات الخدمات، التي تؤدي فيها تكاليف العمالة دوراً أكبر.
قال دي لا روبيا: "قد يشعر البنك المركزي الأوروبي بقدر من الطمأنينة نتيجة عدم تسجيل زيادة أخرى في الضغوط السعرية في قطاع الخدمات الأكثر حساسية للأجور. غير أن هذه الضغوط ما تزال مرتفعة، لذلك؛ بيانات الأسعار التي ظهرت في مؤشر مديري المشتريات لا تكفي لتغيير خطة البنك المركزي الواضحة لخفض أسعار الفائدة في يونيو بدلاً من أبريل".
"الصورة الأكبر تشير إلى أنه رغم التحديات التي يواجهها الناتج في النمو، فهو أبعد ما يكون عن الانهيار، ما سيمنح مجلس محافظي المركزي الأوروبي بعض الوقت قبل خفض أسعار الفائدة. نتوقع أن يحدث أول خفض في يونيو". ديفيد باول، محلل اقتصادي
رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"
ناتج شركات بريطانيا يواصل النمو
أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات في المملكة المتحدة التي صدرت منفصلة عن استمرار نمو ناتج شركات القطاع الخاص في مارس، ما يعزز الأدلة على استمرار التعافي من الركود الذي وقع العام الماضي.
تراقب الأسواق عن كثب بيانات مؤشرات مديري المشتريات التي تصدر في مطلع الشهر وتكشف بشكل جيد عن الاتجاهات ونقاط التحول في اقتصاد ما. يعد استطلاع آراء الشركات مقياساً لنطاق التغيرات في الناتج بدلاً من شدتها، إلا أنه في بعض الأحيان يصعب ربط نتائجها مباشرةً بالناتج المحلي الإجمالي الفصلي.