تتحرك العملات والسندات في الأسواق الناشئة في آسيا بوتيرة أقل ارتباطاً مما سبق، مع بداية تفوق أثر القوى المحلية على المؤثرات الخارجية.
تراجع معامل الارتباط خلال 30 يوماً بين عوائد السندات لأجل 10 سنوات في المنطقة وسعر صرف العملات الآسيوية مقابل الدولار الأميركي من 0.43 في نهاية العام الماضي إلى 0.35 أمس الأربعاء، وفق تقديرات "بلومبرغ". وفي المقابل، ارتفع معامل الارتباط في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية خلال الفترة نفسها.
الخطاب المتشدد الصادر عن صناع السياسة النقدية في أوروبا والولايات المتحدة في الآونة الأخيرة حافظ على حركة الدولار ضمن نطاق محدود، ما قلل درجة التحركات المتزامنة. وسمح ذلك للعوامل الداخلية، مثل رهانات المنطقة على خفض أسعار الفائدة، بأن تؤدي إلى تراجع العملات المحلية وارتفاع أسعار السندات.
تزايد أثر الدورات الاقتصادية
كتب المحللون الاستراتيجيون لدى "غولدمان ساكس"، ومنهم كاماكشيا تريفيدي، في مذكرة صدرت الأسبوع الماضي أن أسعار الفائدة المحلية في الصين وتايلندا وكوريا الجنوبية أكثر تأثراً بالدورات الاقتصادية المحلية، "حيث تكشف البنوك المركزية في تلك الدول عن رغبة أكبر في الابتعاد عن مسار الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية الكبرى الأخرى".
ارتفع معامل الارتباط بين العملات وعوائد السندات المحلية في المنطقة خلال شهر يناير، وسط الزيادة الأولية لتوقعات عودة الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة. ويرجع ذلك إلى تضاؤل الفرق بين أسعار الفائدة المحلية والأميركية مقارنة بالنظراء في العالم، ما يجعل السندات والعملات في المنطقة أكثر عرضة للانخفاض.
اتجاه للتيسير النقدي
في كوريا الجنوبية، أدى ظهور رأي معارض يدعو إلى خفض أسعار الفائدة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة في اجتماع لجنة السياسة النقدية إلى زيادة التوقعات باتخاذ البنك المركزي موقفاً أكثر تأييداً للتيسير النقدي.
وبالمثل، تتزايد الرهانات على خفض أسعار الفائدة أيضاً في تايلندا، بعد أن زادت الحكومة ضغطها على البنك المركزي لتيسير السياسة النقدية، في ضوء الانكماش المستمر وتباطؤ التعافي الاقتصادي بعد جائحة كورونا.
على صعيد آخر، تعمل الصين على تيسير سياستها النقدية لمجابهة الضغوط الانكماشية، فقد خفّضت معدل الاحتياطي الإلزامي في خطوة مفاجئة أواخر يناير، وأعلنت الشهر الماضي خفض سعر فائدة الإقراض التفضيلي لأجل 5 سنوات بمقدار 25 نقطة أساس.
بالتأكيد، ما يزال خطر ثبات الأسعار يلقي بظله على اتخاذ قرارات السياسة النقدية، فيما يتوقع بعض المحللين أن تلتزم المنطقة مزيداً من الحذر.
وقال ألفين تان، مدير استراتيجية أسعار الصرف في آسيا لدى "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets) في سنغافورة: "أتوقع أن يستمر تراجع التضخم هذا العام، وإن كان بوتيرة أبطأ. في الوقت نفسه، ستتجه البنوك المركزية في آسيا إلى تيسير السياسة النقدية، غير أن معظمها سينتظر حتى يجري الاحتياطي الفيدرالي أول خفض لأسعار الفائدة".