اتفقت مصر مع صندوق النقد الدولي على زيادة قيمة برنامج التمويل الممنوح للبلاد من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار، كما توصلت لاتفاق مع خبراء الصندوق بشأن المراجعتين الأولى والثانية بموجب اتفاق الصندوق الممدد، بعد الجهود التي اتخذتها القاهرة التي شملت خفض قيمة العملة بشكل كبير ورفع أسعار الفائدة.
قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن مصر وقعت اليوم اتفاقية مع صندوق النقد الدولي لرفع قيمة التمويل الممنوح للبلاد من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار.
تأتي هذه الخطوة بعد ساعات قليلة من سماح البنك المركزي المصري بتخفيض سعر صرف الجنيه لأول مرة منذ أكثر من 14 شهراً مقابل الدولار الأميركي، عقب الخطوة المفاجئة برفع أسعار الفائدة بنحو 600 نقطة أساس يوم الأربعاء في اجتماع استثنائي.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه عقب توقيع الاتفاق مع "الصندوق" تستطيع مصر التقدم إلى صندوق المرونة والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي للحصول قرض بنحو 1.2 مليار دولار ليصل إجمالي القرض المقدم من الصندوق عقب التوقيع إلى 9.2 مليار دولار. ولفت إلى أنه عقب التوقيع، سيقوم باقي "الشركاء الدوليين" -منها البنك الدولي والاتحاد الدولي- بتوفير قروض ميسرة لمصر في إطار برنامج متكامل يمكن الدولة من الاستقرار النقدي.
من جهتها، أوضحت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر إيفانا فلادكوفا هولار خلال المؤتمر الصحفي الذي انعقد يوم الأربعاء أن الحزمة التمويلية للصندوق تهدف إلى الحفاظ على الاستدامة ومنظومة سعر الصرف في مصر، مضيفة أن مصر أبدت التزامها "القوي" بالعمل بشكل سريع على مستوي جوانب الإصلاح التي يدعمها الصندوق.
وأضافت أن السلطات في مصر اتخذت إجراءات "حاسمة" للانتقال إلى تطبيق منظومة سعر الصرف المرن عبر توحيد سعر الصرف الرسمي مع السوق الموازية، مشيرةً إلى أن نظام سعر الصرف المرن سيساعد مصر على التعامل مع الصدمات الخارجية وسيدعم قرار الحكومة بالتحرك نحو نظام كامل لاستهداف التضخم مع مرور الوقت. كما أن تشديد السياسة النقدية بواقع 600 نقطة أساس اليوم "أمر مرحب به" بعد زيادة الفائدة 200 نقطة أساس في بداية العام.
مستقبل مراجعتي البرنامج المؤجلتين
توصلت مصر أيضاً إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع الصندوق بشأن مجموعة من السياسات والإصلاحات الشاملة اللازمة لإكمال مراجعتي البرنامج المؤجلتين، حسبما قالت هولار، وأضافت أنها تتوقع التقدم بالطلب لمجلس الإدارة قبل نهاية مارس.
وفي بيان صدر اليوم عن الصندوق، فإن الإصلاحات الاقتصادية الرئيسية تشمل الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن، وتشديد السياسات النقدية والمالية، وتباطؤ وتيرة الإنفاق على البنية التحتية للحد من التضخم، والحفاظ على القدرة على تحمل الديون، مع تعزيز بيئة تمكن نشاط القطاع الخاص.
وبحسب صندوق النقد، تمحورت مناقشات السياسات الاقتصادية وإصلاحات البرامج حول ست ركائز: اتخاذ اجراءات "حاسمة" للتحرك نحو نظام سعر صرف مرن وموثوق، ومواصلة تشديد السياسة النقدية لخفض التضخم، وضبط أوضاع المالية العامة للحفاظ على القدرة على تحمل الديون، وإطار جديد لإبطاء الإنفاق على البنية التحتية -بما في ذلك المشاريع التي عملت حتى الآن خارج رقابة الميزانية العادية- وموافقة الحكومة أيضاً على ضرورة توفير مستويات كافية من الإنفاق الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة، كما سيكون تنفيذ سياسة ملكية الدولة والإصلاحات الرامية إلى تكافؤ الفرص عنصراً أساسياً في إطلاق العنان لنمو القطاع الخاص.
إصلاحات تساعد على توفير النقد الأجنبي
من جهته، قال محافظ المركزي المصري حسن عبدالله إن قرارات السياسة النقدية التي تم اتخاذها اليوم "ضرورية" حتى تصل أسعار العائد الحقيقي لمستويات موجبة بهدف احتواء التضخم ووضعه على مسار نزولي.
هولار لفتت إلى أن إصلاح منظومة سعر الصرف في مصر والتي "بدأت بتوحيد سعر الصرف بين السوقين الرسمية والموازية، سوف يساعد على زيادة توافر النقد الأجنبي والقضاء على الطلبات المتراكمة الحالية غير الملباة على النقد الأجنبي".
كانت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا أبلغت "الشرق"، خلال مقابلة منتصف فبراير الماضي، أن الزيادة المرتقبة على الدعم إلى مصر ستكون ذات "حجم كبير".
ولتوفير السيولة الأجنبية قبيل خطوات الإصلاح الاقتصادي، وقعت مصر والإمارات مؤخراً صفقة استثمار عقاري، تستحوذ بموجبها شركة "القابضة" (ADQ) على حقوق تطوير مشروع "رأس الحكمة" مقابل 24 مليار دولار بهدف تنمية المنطقة، بجانب تحويل 11 مليار دولار من الودائع التي سيتم استخدامها للاستثمار في مشاريع رئيسية بكافة أنحاء البلاد. وقالت هولار إن الوتيرة المتسارعة للاستثمارات الأجنبية المباشرة وبرامج التخارج من الاستثمارات منذ منتصف 2023 تعد "تطوراً إيجابياً من شأنه أن يساهم في تحسين ثقة الأسواق والمستثمرين".
كان الصندوق أرجأ مراجعتين لبرنامج مصر الحالي، الذي جرى الاتفاق عليه قبل أكثر من عام، في انتظار أن تسمح السلطات بسعر صرف أكثر مرونة والوفاء بوعود أخرى قبل تسليم المزيد من الأموال.
من شأن التوصل إلى اتفاق مع الصندوق أن يسهم بانتشال مصر من أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ عقود، حيث تزيد حرب إسرائيل على غزة المجاورة من الحاجة الملحة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في أكبر دولة بالشرق الأوسط من حيث عدد السكان.