تناقش الولايات المتحدة والصين تدابير جديدة لمنع موجة من حالات التخلف عن سداد الديون السيادية في الأسواق الناشئة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الوضع، وهي واحدة من أهم المحاولات منذ سنوات للتعاون الاقتصادي بين القوتين العظميين المتنافستين.
تهدف المحادثات -بما في ذلك وسائل تمديد فترات القروض بشكل استباقي قبل أن تتخلف الدول عن السداد- إلى تخفيف العبء السنوي لخدمة الديون التي تزيد عن 400 مليار دولار على الدول الفقيرة، وإيجاد بديل لمعدلات الاقتراض المرتفعة التي تواجهها تلك الدول الآن في السوق.
بالإضافة إلى تمديد فترات السداد، فإن الأفكار الأخرى التي تجري مناقشتها تشمل زيادة التمويل المقدم من البنك الدولي وغيره من البنوك متعددة الأطراف. تتمثل النقطة الأساسية في تطبيق تلك التدابير قبل أن تتخلف البلدان عن السداد والدخول في محادثات رسمية بشأن إعادة الهيكلة مع الدائنين.
من المرجح أن يحتاج أي اقتراح مشترك إزاء مشكلات الديون السيادية العالمية بين واشنطن وبكين إلى دعم مجموعة العشرين بأكملها، بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهي المنظمات الثلاثة التي ناضلت من أجل حل قضايا ضائقة الديون العالمية منذ الوباء.
المحادثات لا تزال في مرحلة مبكرة
كما سيتطلب الأمر في النهاية دعماً واسع النطاق من جانب الجهات الدائنة الخاصة، التي استحوذت على حصة أكبر من منح القروض للدول في الأسواق الناشئة وتتوقع أن يكون لها دور أكبر على طاولة المفاوضات.
قال اثنان من الأشخاص إن أحد أهداف المحادثات هو تقديم اقتراح إلى زعماء مجموعة العشرين عندما يجتمعون في ريو دي جانيرو خلال نوفمبر. وأشار شخص آخر إلى أن المحادثات لا تزال في مرحلة مبكرة وليس من الواضح ما إذا كانت ستؤدي إلى نتائج ملموسة. وتحدث الأشخاص بشرط عدم الكشف عن هوياتهم كون المحادثات خاصة.
رفضت وزارة الخزانة تأكيد تفاصيل المناقشات، قائلة في بيان: "نتحدث بشكل متكرر مع الصين بشأن مخاوف الديون السيادية. ونتحدث مع العديد من البلدان حول كيفية التأكد من أن النظام المالي الدولي يلبي احتياجات التمويل في البلدان منخفضة الدخل". ولم تستجب وزارتا المالية والخارجية في الصين لطلبات التعليق.
مأزق الديون العالمية
يعتبر وجود نهج مشترك بين الولايات المتحدة والصين بمثابة تقدم، كون الجانبين أكثر القوى نفوذاً التي تعمل على تسوية ديون العديد من الدول. وتهيمن واشنطن على النظام المالي العالمي من خلال نفوذ وزارة الخزانة في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، في حين تتمتع بكين بشكل أساسي بحق الاعتراض إزاء العديد من الصفقات باعتبارها أكبر دائن للدول النامية.
كما تنعقد المناقشات وسط مخاوف متزايدة بشأن التقدم البطيء في محادثات إعادة الهيكلة لدى دول مثل زامبيا وغانا، والتي تشارك الآن في عملية تعرف باسم "الإطار المشترك"، وهو برنامج لإعادة هيكلة الديون أطلقته في عام 2020 مجموعة العشرين والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وتضمنت طموحات الإطار جمع الجهات المقرضة التقليدية من ما يسمى بـ"نادي باريس" -ومعظمها من الدول الدائنة الغربية الغنية- حول الطاولة مع الدائنين الناشئين، وأبرزهم الصين والقطاع الخاص.
لكن هذه العملية أثارت انتقادات بسبب المضي قدماً بوتيرة بطيئة إلى حد خطير، الأمر الذي أدى إلى ترك البلدان المتعثرة معلقة لسنوات في حين أثنى بلداناً أخرى على وشك الإفلاس عن طلب المساعدة نظراً لصعوبة العملية.
على سبيل المثال، تخلفت زامبيا عن سداد ديونها في عام 2020 ولم تنته من هيكلتها بعد. ويبدو أنها توصلت إلى اتفاق لإعادة هيكلة أكثر من 3 مليارات دولار من الديون في أواخر العام الماضي، لكنها انهارت وسط مواجهة بين بكين وحاملي السندات.
مدفوعات ديون قياسية
بدأت المحادثات بين الولايات المتحدة والصين قبل اجتماع في كاليفورنيا في نوفمبر بين الرئيسين جو بايدن وشي جين بينغ، واستمرت منذ مطلع 2024، وفقاً لأحد الأشخاص. كما طُرجت قضايا الديون للمناقشة خلال زيارة وكيل وزارة الخزانة الأميركية، جاي شامبو، إلى بكين في وقت سابق من الشهر الجاري.
أنفقت الدول النامية رقماً قياسياً قدره 443 مليار دولار على مدفوعات خدمة الديون في عام 2022، وفقاً للبنك الدولي، الذي حذر من أن الوضع يمثل خطراً بدفعها إلى أزمة وإيجاد "عقد ضائع" من الركود الاقتصادي.
تواجه حوالي 12 دولة نامية التخلف عن السداد أو لديها سندات عالمية يتم تداولها عند مستويات تشير إلى أن السوق تستعد لتخلف البلاد عن السداد، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".
بدأت أسواق رأس المال الدولية في إعادة فتح أبوابها أمام بعض المقترضين من الأسواق الناشئة، ولكن بمعدلات "فائدة" من المرجح أن تؤدي إلى تفاقم أعباء الميزانية. وباعت كينيا، على سبيل المثال، سندات بقيمة 1.5 مليار دولار هذا الشهر بفائدة 10.375%.