عاد صندوق النقد الدولي لحث المغرب من جديد على مواصلة إصلاح سعر صرف العملة، تزامناً مع تباطؤ التضخم الذي سجل في نهاية العام الماضي 6.1%، ويتوقع أن يصل إلى 2% في السنوات المقبلة.
كانت المملكة بدأت تحرير سعر صرف عملتها عام 2018، باعتماد نطاق تقلُّب بنسبة 2.5% صعوداً وهبوطاً، عوضاً عن 0.3% كما في السابق.
وفي عام 2020، جرى توسيع هذا النطاق إلى حدود 5%، ارتباطاً بسلّة عملات تضم اليورو الذي يصل وزنه فيها إلى 60% والدولار بنسبة 40%.
روبرتو كارداريلي، رئيس بعثة صندوق النقد إلى المغرب، قال في ندوة صحفية عن بُعد اليوم الأربعاء، إنه "مع انخفاض التضخم، نعتقد أنها فترة جيدة للبنك المركزي ليعود إلى مشروعه الذي تم إطلاقه قبل سنوات، بالانتقال إلى نظام نقدي مختلف"، مضيفاً: "هناك مجال أكبر لتعويم سعر الصرف ليقوم باستيعاب الصدمات في الاقتصاد الحقيقي واستهداف التضخم بشكل جيد".
اقرأ أيضاً: صندوق النقد لـ"الشرق": تحرير المغرب للدرهم يتطلب خفض التضخم إلى 2%
ظلت المؤسسة المالية المقرضة تلح على المضي قدماً في تحرير سعر صرف الدرهم خلال السنوات الماضية، لكن السلطات المغربية كانت تتريث في سبيل تهيئة البيئة الاقتصادية والاجتماعية لمواكبة هذه الخطوة، كما أفاد بذلك عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب المركزي في مقابلة سابقة مع "الشرق".
تسارع النمو إلى 3.5%
ينتظر أن يتسارع النمو الاقتصادي في البلاد إلى 3.5% على المدى المتوسط، بدعم من الاستثمارات المرتقبة في قطاعات البنية التحتية للمياه والطاقة، والاستعداد لاستضافة كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، بحسب كارداريلي عقب استكمال مشاورات المادة الرابعة لعام 2024 مع السلطات المغربية.
اقرأ أيضاً: وزيرة مالية المغرب لـ"الشرق": هدفنا الوصول إلى نمو 4%
خفّض المغرب توقعات النمو للعام الجاري إلى 3.2%، مع مُعاناة البلاد من تأثيرات مواسم الجفاف المتتالية، وآثار الخسائر التي تكبدتها بسبب جائحة كورونا، وفق المندوبية السامية للتخطيط وهي الهيئة الحُكومية المكلفة بالإحصاءات. بينما تستهدف حكومة المملكة في الميزانية نمواً بـ3.7% هذا العام.
تُشير تقييمات صندوق النقد الدولي إلى أن الاحتياطات الرسمية للبلاد في "مستوى مريح"، كما أن الوضع الخارجي أصبح أفضل، مع انخفاض عجز الحساب الجاري، كما قالت البعثة في تقريرها إن "هذه الأخبار الجيدة ستدعم صمود الاقتصاد".
صرف قرض 1.3 مليار دولار
ينتظر أن يتلقى المغرب أولى دفعات قرض بقيمة 1.3 مليار دولار لدعم الصمود والاستدامة، في شهر مارس المقبل بعدما تمت المصادقة عليه من قبل إدارة الصندوق في سبتمبر الماضي، لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية.
قال روبرتو كارداريلي، رداً على سؤال "الشرق" إن "هناك 16 إجراء يجب أن يتم تنفيذه من قبل المغرب للحصول على الأموال بواقع 80 مليون دولار لكل تدبير، وذلك خلال ثلاث فترات، مارس وأكتوبر من العام الجاري، والشطر الأخير في فبراير المقبل".
اقرأ أيضاً: "النقد الدولي" يوافق على قرض جديد للمغرب بقيمة 1.3 مليار دولار
سيساعد القرض الجديد "المغرب على معالجة الهشاشة المناخية، وتعزيز مرونته في مواجهة تغير المناخ، واغتنام فرص إزالة الكربون، والاستعداد لمواجهة الكوارث الطبيعية، وتعزيز تمويل التنمية المستدامة"، بحسب الصندوق.
يتزامن القرض الذي يمتد لـ18 شهراً مع اتفاق خاص بخط الائتمان المرن الذي تمت الموافقة عليه في أبريل من العام الماضي بقيمة 5 مليارات دولار لمدة عامين، يُمكن للمغرب استخدامه متى واجه صدمة تؤثر على الاقتصاد.
قال رئيس البعثة: "هناك خمسة تدابير مطلوبة هذا العام، ونحن نناقش مع السلطات لرؤية ما إذا تم تنفيذها، ثم سنذهب إلى المجلس التنفيذي للصندوق في نهاية مارس ليقرر صرف المال، وكلما تم تطبيق التدابير سيتم صرف المال".