تراجع الدعم الشعبي لرئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول قبل شهور من الانتخابات الحاسمة في أعقاب بث مقطع فيديو مسجل سراً يزعم ظهور السيدة الأولى للبلاد كيم كيون هي لدى إهدائها حقيبة يد فاخرة.
تُعد هذه الواقعة الأحدث في سلسلة من الأمور الجدلية المحيطة بالسيدة الأولى التي تتدخل بصورة ملحوظة في الشؤون الرئاسية وحملة يون الانتخابية، فيما يخالف التقاليد المعمول بها. وقال يون بأن تقديم حقيبة راقية كان "حيلة سياسية". جاء ذلك خلال مقابلة تلفزيونية بُثت الأربعاء الماضي في أول تعليقاته العلنية على الحادثة.
1. ما الذي تدور حوله الضجة؟
وفقاً لما أوردت التقارير، فإن القس تشوي جاي يونغ، الذي سعى إلى التخفيف من موقف الرئيس المتشدد تجاه كوريا الشمالية، صور الفيديو أواخر 2022. يُظهر الفيديو عملية شراء حقيبة يد من "كريستيان ديور" مقابل 3 ملايين وون (2200 دولار). باستخدام كاميرا خفية داخل ساعة يد، دخل تشوي بعد ذلك إلى ما يبدو أنه مكتب شركة تخطيط تديرها كيم وقدم لها حقيبة تسوق تحتوي على حقيبة يد "ديور" بحسب المزاعم. يبين التسجيل تمرير كيم الحقيبة لها وهي تقول: "لماذا تواصل إحضار هذه الأشياء"، ثم أخبرته ألا يفعل ذلك، مضيفة "لا تشترِ شيئاً باهظاً من هذا القبيل"، وذلك بينما كانا ينهيان المحادثة. عُرض الفيديو بعد مرور سنة على موقع إلكتروني سياسي ذي ميول يسارية؛ حيث غالباً ما تكون له آراء معارضة لسياسات يون. انتشر الفيديو على نطاق أوسع إعلامياً خلال يناير الماضي.
2. ماذا كان رد الفعل؟
تُحيي هذه الواقعة ذكريات فضائح "الدفع مقابل اللعب" السابقة حيث استخدم أشخاص وصولهم للسلطة من أجل تحقيق مكاسب مادية لأنفسهم. أثارت أيضاً جدلاً حول ما إذا كانت كيم تسببت في دعاية سيئة لنفسها، أو أنها مستهدفة نظراً لبروز دورها باعتبارها سيدة كوريا الجنوبية الأولى. وكشف استطلاع رأي للقناة التلفزيونية "يو تي إن" خلال الفترة 21-22 يناير الماضي أن نحو 70% من المشاركين فيه يعتقدون أن كيم تحتاج للتصدي لهذه المشكلة. من المنتظر أن يحافظ الحزب الديمقراطي المعارض على ما يعتبره فضيحة في بؤرة الاهتمام بينما يحاول الإبقاء على سيطرته على البرلمان خلال انتخابات إبريل المقبل. هبط تأييد حزب سلطة الشعب بزعامة يون من 36% إلى 34% في استطلاع رأي دوري لمؤسسة "غالوب كوريا" بتاريخ الثاني من فبراير الجاري، مع بقاء نسبة الحزب الديمقراطي عند 35%.
3. ما المخاطر؟
إذا سلب حزب سلطة الشعب السيطرة على البرلمان من المعارضة، فعلى الأرجح سيمضي قدماً في السياسات الاقتصادية التي تتضمن فرض قيود على الإنفاق المالي، واستئناف استخدام الطاقة النووية، والتصدي للنقابات العمالية القوية، وتقليل العمليات التنظيمية المتعلقة بالأعمال التجارية وخفض ضرائب الشركات والصفقات العقارية. دعا الحزب الديمقراطي إلى فرض ضرائب أعلى للمساعدة في توزيع جزء أكبر من الثروة الوطنية عبر تقديم الحوافز المالية. كما يريد تخفيض استخدام الطاقة النووية والضغط من أجل التقارب مع كوريا الشمالية.
4. بماذا تشتهر كيم أيضاً؟
كانت كيم تُدير شركة معارض فنية عندما التقت يون وتزوجا خلال 2012، بحسب وسائل إعلام محلية. كانت من أشد المؤيدين لإنهاء استهلاك لحوم الكلاب بالبلاد. وأقر البرلمان في تصويت نادر بالإجماع يناير الماضي قانوناً يمنع تربية وذبح الكلاب وبيع لحومها للاستهلاك. على غرار العديد من السيدات الأوائل، حاولت كيم الترويج للثقافة الكورية الجنوبية في الخارج. وخلال رحلاتها الخارجية، حاولت كيم أيضاً إظهار الدعم لجهود مكافحة الفقر.
أوضح يون خلال المقابلة أن المشكلة ناجمة عن عدم قدرة زوجته على قطع العلاقات مع القس، مضيفاً أنه "سيكون من المهم وضع معايير أوضح لضمان عدم تكرار حوادث من هذا القبيل".
5. ما المسائل الأخرى المثيرة للجدل؟
عندما كان يون بصدد الترشح للرئاسة، اعتذرت كيم خلال 2021 عن تضخيم أوراق اعتمادها الأكاديمية عند التقدم للحصول على مرتبة الأستاذية. وذكرت محطة "كيه بي إس" الوطنية أن وزارة التعليم حققت ووجدت أنها زعمت كذباً أنها حاصلة على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من "جامعة سيؤول الوطنية" العريقة. كما اتهم الحزب الديمقراطي المعارض الرئيسي كيم بالتلاعب بسوق الأسهم خلال 2010 و2011، وهو ما نفته كيم والمكتب الرئاسي، حيث قالا إن الاتهامات تعود لدوافع سياسية. ولاحقاً، استخدم يون حق النقض ضد مشروع قانون مررته المعارضة أواخر السنة الماضية يدعو لتعيين مستشار خاص للتحقيق في تعاملات الأسهم الخاصة بالسيدة الأولى.
6. هل حدثت مثل هذه الأمور من قبل؟
يزخر المشهد السياسي في كوريا الجنوبية بأقارب الرؤساء والمشرعين والوزراء السابقين الذين جرى سجنهم أو التحقيق معهم أو اتهامهم في قضايا كسب غير مشروع. انتحر الرئيس السابق روه مو هيون بعد أن غادر منصبه، وكان يتفاخر بأن إدارته خلال 2003-2008 كانت الأكثر نزاهة بتاريخ كوريا الجنوبية. خضعت زوجته للتحقيق في ذلك الوقت بزعم تلقيها أموالاً لسداد ديون عائلية من رجل أعمال اتُّهم بالتهرب الضريبي وممارسة التداول وفق معلومات داخلية للشركات اطلع عليها.
أُدين لي ميونغ باك، الذي بات رئيساً للبلاد بعد روه، في قضايا فساد بعد رحليه عن منصبه. قامت القضية على نتائج تحقيق طال شركة قطع غيار السيارات التابعة لشقيقه، والذي زعم المدعون أن لي استخدمها كوسيلة لزيادة ثروته الخاصة.