لم يحدث أبداً أن تجاوز ارتفاع أسعار الذهب في الصين ذلك المستوى الذي بلغه وهي تتجه إلى العام القمري الجديد، غير أن المستهلكين مازال لديهم من الأسباب ما يجعلهم يقبلون على شراء المعدن النفيس.
يشجع موسم العطلات عادة على زيادة الإنفاق على شراء الحلي، لكن التقارير التي تتحدث عن قوة الطلب هذا العام تمتاز عن غيرها بسبب التزامن الحادث بين موسم التسوق والأزمة في سوق الأوراق المالية. وما ذلك إلا أحدث عرض من أعراض غياب الثقة في الاقتصاد التي أثرت سلباً على إنفاق المستهلكين. ومع ذلك فإن فواتير الذهب، باعتباره مخزناً مؤكداً للقيمة في أوقات الشدة، تجد جمهوراً جديداً من المعجبين، بما في ذلك مشترين من الأجيال الأصغر سناً.
من هؤلاء المتسوقين شاب يعمل في منطقة لوجيازوي، وهي حي المال في شنغهاي، قال إنه أنفق بضعة آلاف من اليوانات هذا الأسبوع على شراء قلادة هدية لصديقته في مناسبتي العام القمري الجديد وعيد الحب (الفالانتاين)، وكلاهما يحل في منتصف شهر فبراير الجاري.
وأضاف الشاب الذي قال إن اسمه تشوجي: "قبل ذلك، أردت أن أشتري عقداً من علامة تجارية فاخرة، غير أنني بعد إعادة التفكير فضلت الحلي الذهبية بسبب قيمتها الاستثمارية".
نشاط ملحوظ في مبيعات الذهب
شهدت مبيعات الذهب والفضة والمجوهرات نشاطاً ملحوظاً منذ شهور، متحدية اضطراب أداء الاقتصاد الصيني الذي تركز حول الأزمة الممتدة في سوق العقارات. وسجلت مبيعات تجارة التجزئة في ديسمبر، وهو الشهر الأخير الذي تتوفر عنه البيانات، أعلى مستوى لها منذ ستة أعوام.
قال نيكوس كافاليس، العضو المنتدب في شركة "ميتالز فوكاس" (Metals Focus) الاستشارية: "إن غياب البدائل الأخرى، وحقيقة أن خروج الأموال من الصين لاستثمارها في مكان آخر أصبح أشد صعوبة مما كان قبل بضع سنوات، هما في اعتقادي ما ساعدا قطعاً على دعم سوق الذهب. وفي ضوء ما وصلت إليه الأسعار، فإن الطلب على الذهب معقول جداً".
تجاوز سعر الذهب في الأسواق الدولية مستوى ألفي دولار للأونصة، ولم يبتعد كثيراً عن أعلى مستوى في تاريخه، مدعوماً بالمخاوف المرتبطة بالحرب في الشرق الأوسط وتوقع الأسواق اقتراب بداية خفض أسعار الفائدة في الغرب. ووفق تقديرات مجموعة الخدمات المالية والمعادن النفيسة "إم كيه إس بامب غروب" (MKS PAMP Group)، فإن الأسعار بلغت أعلى مستوى في تاريخها في فترة ما قبل العام القمري الجديد.
بالإضافة إلى ذلك، تزيد أسعار الذهب في الصين عادة بسبب إضافة علاوة سعرية فوق الأسعار العالمية، ذلك أنها من الدول الكبيرة المستوردة للذهب من ناحية، وأن ضعف اليوان نسبياً يرفع تكلفة المعدن بالنسبة للمستهلكين من ناحية أخرى.
توقعات ضعيفة للأداء
قال تشانغ تينغ، محلل لدى مصرف "سيشوان تيانفو بنك" (Sichuan Tianfu Bank): "إن الأداء المتوقع للأسهم والعقارات الصينية ضعيف للغاية. وبطبيعة الحال، يتجه المستثمرون إلى شراء الأصول المحافظة نسبياً مثل الذهب"، وأضاف أن زيادة مبيعات الحلي ستستمر لفترة من الزمن.
وحقيقة أن المستهلكين لهذه السلع باهظة الثمن لا يزالون يتدفقون على الذهب حفاظاً على الثروة تكشف عن أعداد الناس الذين يرون أن الأوضاع الاقتصادية في تدهور. غير أنها أيضاً تشير إلى كيفية تصميم صناعة الحلي الذهبية لبضاعتها بطريقة تجذب جمهوراً جديداً.
فالحلي الذهبية -التي كانت تعتبر موضة قديمة قبل ذلك- تجذب الآن اهتمام جمهور أصغر سناً، كما قال كافاليس من شركة "ميتالز فوكاس".
وتقول المحامية كريستينا قي، التي تبلغ من العمر 28 عاماً، إن التصاميم هذه الأيام أكثر إثارة. اشترت كريستينا مؤخراً سواراً ذهبياً هدية لزوجها بمناسبة عيد ميلاده ورأس السنة الجديدة، وقالت إن العديد من أصدقائها اشتروا أيضاً قطعاً مماثلة للاستثمار فيها.