ثلاثة تحديات رئيسية تواجهها اقتصادات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على رأسها الحرب في غزة التي تشكّل صدمةً لهذه الاقتصادات، بحسب صندوق النقد الدولي.
في تقرير "تحديث التوقعات الاقتصادية الإقليمية للشرق الأوسط ووسط آسيا" الذي أصدره اليوم الأربعاء، أشار صندوق النقد إلى أنه بالإضافة إلى الحرب بين إسرائيل و"حماس" والتوترات الجيوسياسية المرتبطة بها بما في ذلك اضطرابات الملاحة في البحر الأحمر، تواجه المنطقة تحديين آخرين يتمثلان في خفض إنتاج النفط، وفي مواصلة تنفيذ السياسات المالية والاقتصادية المتشددة في العديد من دول المنطقة، وهو ما انعكس في مجمله على توقعات الصندوق للنمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2024، والتي خفّضها بمقدار نصف نقطة مئوية إلى 2.9%، من التقديرات السابقة الصادرة في أكتوبر الماضي والبالغة 3.4%، وذلك مقارنة بالنمو الضعيف بالفعل لعام 2023، والبالغ 2%.
أزعور لـ"الشرق": تحولات كبيرة تشهدها المنطقة
خلال مقابلة مع "الشرق"، قال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، إن بداية العام الجاري أظهرت تحولات كبيرة في المنطقة. وأوضح أن "الحرب في غزة وتأثيرها المباشر على الاقتصاد الفلسطيني واقتصادات الدول المجاورة، وكذلك تأثيرها على حركة التجارة العالمية، وحالة عدم اليقين والترقب، كلها أثرت في تقديرات الصندوق للنمو المتوقع" في اقتصادات المنطقة، وهذا يضاف أيضاً -بحسب أزعور- إلى تمديد اتفاق "أوبك+" لخفض إنتاج النفط الذي يؤثر بدوره على معدلات النمو.
تقلبات النفط
أشار صندوق النقد في تقريره إلى أن تخفيضات إنتاج النفط أثرت سلباً على اقتصادات المنطقة، لكن وعلى الرغم من ذلك، فإن زخم نمو القطاع غير النفطي لدول الخليج لا يزال قوياً، حيث يُتوقع أن ينمو بمعدل 3.9% و4% خلال العامين الجاري والمقبل على التوالي.
وقد خفض الصندوق توقعاته لنمو الدول المصدرة للنفط في المنطقة إلى 3.1% في 2024 مقابل 3.4% في التقديرات السابقة، وذلك بعد نمو بـ2% في العام الماضي، مرجّحاً أن يتسارع هذا النمو إلى 4.1% في 2025.
كذلك، تراجعت توقعات الصندوق لنمو اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي إلى 2.7% في 2024 مقابل 3.7% في التقديرات السابقة، ارتفاعاً من 0.5% في 2023، على أن يتسارع إلى 4.6% في العام المقبل.
وأشار إلى أن خفض الإنتاج يضغط على توقعات نمو السعودية بشكل خاص، والتي تتحمل وحدها حوالي 55% من تخفيضات الإنتاج الطوعية الأخيرة لتحالف "أوبك+". وقد خفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي في 2024 إلى 2.7% مقارنة بـ4% في تقديرات أكتوبر، كما خفض توقعات النمو إلى انكماش بنسبة 1.1% في 2023 من نمو بمعدل 0.8% في التقديرات السابقة.
يذكر أن الهيئة العامة للإحصاء في المملكة أعلنت اليوم الأربعاء عن تقديراتها السريعة للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، مشيرة إلى تسجيل انكماش بمعدل 0.9% خلال 2023.
حرب غزة وتصعيد البحر الأحمر
تشكل الحرب على غزة صدمة أخرى لاقتصادات الشرق الأوسط، كما أن التطورات السلبية للحرب ستؤدي حتماً إلى إضعاف النمو في المنطقة، بحسب الصندوق الذي رجح كذلك أن تلقي الحرب بظلال سلبية على قطاع السياحة في الدول المجاورة، لا سيما لبنان والأردن.
وبدورها، تثير اضطرابات البحر الأحمر مخاوف على حركة التجارة العالمية وتكاليف الشحن، كما أنها أدت إلى زيادة قصيرة الأجل في أسعار النفط.
وقد خفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد المصري للعام المالي 2023-2024 إلى 3% من 3.6% في التقديرات السابقة في أكتوبر الماضي، وذلك انخفاضاً من 3.8% في العام المالي 2022-2023.
كذلك، رجح الصندوق تباطؤ نمو اقتصاد الأردن إلى 2.6% في عامي 2023 و2024 مقارنة بالتوقعات السابقة عند 3% للعام الجاري.
التضخم واحتياجات التمويل
لفت صندوق النقد في تقريره أيضاً إلى أن معدلات التضخم في المنطقة ستتباطأ من 16.5% في 2023 إلى 14.4% خلال العام الجاري، أي أقل بمقدار 0.6 نقطة مئوية من توقعات أكتوبر الماضي عند 15%. كما سيتراجع التضخم في منطقة الخليج إلى 2.3% في 2024 من 2.5% في 2023، على أن يواصل تباطؤه إلى 2% في العام المقبل.
تزامناً مع ذلك، فإن احتياجات التمويل في المنطقة سترتفع إلى 186 مليار دولار في 2024، مقارنةً بـ156 مليار دولار في العام الماضي، بحسب تقديرات الصندوق.