تُفاقم الحرب الممتدة في غزة وإمكانية توسعها، خاصة مع هجمات جماعة الحوثيين التي قد تمدد الصراع بشكل يصعب التنبؤ به، من المخاطر التي تحاصر اقتصادات الدول المجاورة، وبالأخص في مصر والأردن، بحسب تقرير صادر عن وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية.
توقعت "فيتش" أن تنعكس التوترات الجيوسياسية في المنطقة على عوائد السياحة في مصر والأردن، كما رجحت تراجع إيرادات قناة السويس على خلفية الاضطرابات في جنوب البحر الأحمر في وقت تشتد حاجة القاهرة لمصادر النقد الأجنبية.
اضطرابات جيوسياسية تؤثر على مصر
تمكنت مصر من تضييق العجز التجاري في السنة المالية المنتهية في يونيو 2023 بدعم من ارتفاع إيرادات قناة السويس بأكثر من 25% إلى 8.8 مليار دولار، فضلاً عن صعود عائدات السياحة إلى 13.6 مليار دولار.
لكن هذه العوائد يصعب تحقيقها خلال العام المالي الحالي مع تأثيرات حرب غزة. توقعت "فيتش" انخفاض عوائد السياحة والقناة، اللذين يُعدان أهم روافد العملة الأجنبية للخزانة المصرية، إلى 12.7 مليار دولار، و9 مليارات دولار على التوالي في العام المالي المنتهي في يونيو 2024.
وفي حال استمرار الصراع في غزة وتعطل حركة السفن في البحر الأحمر خلال النصف الأول من العام الجاري، توقعت الوكالة انخفاض عائدات السياحة إلى 11 مليار دولار والعائدات المتحصلة من قناة السويس إلى 7.5 مليار دولار، وهو ما يوسع عجز الحساب الجاري إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بخط الأساس لدى وكالة التصنيف البالغ 2.7%.
فاقم شح السيولة الأجنبية في مصر من الضغوط على الجنيه، ما قفز بسعر صرف الدولار في السوق الموازية إلى نحو 60 جنيهاً، وهو ما يعقّد من مهمة تحرير سعر الصرف الرسمي، الذي يُعد أحد المطالب الرئيسية لصرف تمويل صندوق النقد الدولي، بحسب التقرير.
ومن جهة أخرى، توقعت "فيتش" أن يزيد شركاء مصر من دعمهم لها استجابة لتداعيات الصراع في غزة على اقتصاد البلاد، كما أن صندوق النقد الدولي قد يرفع من حجم القرض. رغم ذلك، تواجه الحكومة زيادة في استحقاقات الديون هذا العام بقيمة 8.8 مليار دولار، مقارنة بـ4.3 مليار دولار في السنة المالية 2023، وقد يؤدي تأخر الدعم التمويلي إلى تآكل كبير في الاحتياطيات الأجنبية لمصر، وفقاً للتقرير.
تحديات أمام الأردن
وبخصوص الأردن، ترى "فيتش" أن العجز الكبير في الميزانية، مقارنة بنظيراتها من الدول ذات التقييم الائتماني المماثل، يمثل نقطة ضعف ائتماني. وأرجعت الوكالة تأكيدها لتصنيف المملكة عند "BB-" بنظرة مستقبلية مستقرة، إلى تقديرات بأن الصراع سيساهم في توسيع عجز الميزانية لعام 2024 إلى 7% من الناتج المحلي مقارنةً بتوقعات سابقة عند 5.3%، وذكر التقرير أن معظم التأثير سيكون من تراجع إيرادات السياحة التي قد تتأثر من انخفاض أعداد السائحين الأوروبيين والأميركيين.
استبعد التقرير تأثر إمدادات الطاقة والمياه والغذاء نتيجة لجهود الحكومة في تنويع الطرق التجارية بعيداً عن البحر الأحمر.
وبحسب "فيتش" فإن اتساع نطاق الصراع أو استمراره إلى ما بعد النصف الأول من العام الجاري، من شأنه أن يهدد النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي الداخلي في الأردن، وقد يزيد من عجز الموازنة بأكثر من 7% من الناتج الإجمالي.
رغم ذلك ترى وكالة التصنيف الائتماني أن قرض صندوق النقد الدولي البالغ 1.2 مليار دولار، الذي تمت الموافقة عليه أوائل العام الحالي، من شأنه أن يخفف من مخاطر التمويل الخارجي ويدعم زخم الإصلاح وثقة المستثمرين.
وبحسب "فيتش" سيظل التمويل الخارجي للأردن والاحتياطيات الخارجية متسقاً مع تصنيفها الأخير، مدعوماً بسجل من الدعم القوي من شركاء الأردن خلال العديد من الصدمات الخارجية على مدى العقد والنصف الماضيين. مشيرةً إلى أن الحكومة تتوقع مساعدات خارجية بقيمة 3.5 مليار دولار في 2024.