تضيف الاضطرابات في البحر الأحمر فصلاً جديداً للصعاب التي تواجهها مصر وتعمق أزمة العملة الصعبة التي تشتد في البلاد حالياً وأشعلت سعر الدولار في السوق السوداء المصرية.
وبينما يشير أحد التقديرات إلى أن خسائر مصر من أزمة البحر الأحمر لاتزال طفيفة حتى الآن، يراكم استمرارها الخسائر التي قدرتها "بلومبرغ انتلجينس" في أحدث تقرير لها بـ150 مليون دولار، كون السفن تبتعد حالياً عن قناة السويس التي تمثل أحد مصادر البلاد من العملة الأجنبية.
تراجع عدد السفن المارة عبر القناة 40% في منتصف يناير، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبدأ الانخفاض في أواخر ديسمبر، بعدما شرعت جماعة الحوثي اليمنية في مهاجمة السفن التي تعبر البحر الأحمر. كما أدت الغارات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على اليمن في 12 يناير إلى تفاقم الوضع.
مصر تعاني من تراجع إيرادات قناة السويس وسط التوترات السياسية
تعد قناة السويس مصدراً حيوياً لإيرادات الدولة، إذ بلغت إيراداتها 9.4 مليار دولار خلال العام الماضي المنتهي في يونيو الماضي، ما يمثل ثُمن إجمالي صادرات البلاد. ويعادل حجم هذه الإيرادات قيمة واردات مصر في شهر ونصف خلال المدة نفسها.
مخاوف من استمرار الأزمة
الخسائر المحققة البالغة 150 مليون دولار هي عبارة عن إيرادات ضائعة نتيجة تراجع حركة المرور عبر قناة السويس منذ 24 ديسمبر، وفق "بلومبرغ انتلجينس". ويتوافق هذا التقدير مع تصريحات رئيس هيئة القناة، إذ أكد انخفاض الإيرادات خلال أول 11 يوماً من 2024 بنسبة 40% عن الفترة نفسها في العام الماضي.
رغم أن الخسائر لا تزال طفيفة حتى الآن، فهناك عاملان يثيران قلق مصر، بحسب التقرير. يتمثل العامل الأول في مواصلة نزيف الخسائر، نظراً لتوقع استمرار أزمة البحر الأحمر إلى أجل غير مسمى، وقد عززت مهاجمة الحوثيين سفينتين أخريين في 15 يناير و16 يناير تلك التوقعات. فيما نصحت الولايات المتحدة وبريطانيا السفن بتجنب مضيق باب المندب. ويناهز حجم الإيرادات الضائعة 25 مليون دولار يومياً.
أما العامل الثاني، فهو أن خسائر قناة السويس تفاقم أزمة الدولار الشحيح أصلاً في مصر؛ فتُتداول العملة الخضراء في السوق الموزاية أعلى من السعر الرسمي بأكثر من 40%، وتكثف البنوك القيود المفروضة على المعاملات الدولية. كما أن استبعاد مصر من مؤشر "جيه بي مورغان" للسندات قد يؤدي إلى خروج التدفقات الأجنبية.