أصدر أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح اليوم الخميس أمراً أميرياً بتعيين الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح رئيساً لمجلس الوزراء، وتكليفه ترشيح أعضاء الوزارة الجديدة، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، وذلك في أول قرار يصدره الأمير الجديد بعد توليه مقاليد الحكم.
يأتي تعيين محمد السالم الصباح خلفاً للشيخ أحمد نواف الصباح، نجل الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وذلك بعدما قدّمت الحكومة استقالتها الأربعاء الماضي عقب ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية، إذ ينص الدستور على إعادة تشكيل مجلس الوزارة عند بدء كل فصل تشريعي لمجلس الأمة.
رئيس الوزراء الجديد يبلغ من العمر 69 عاماً، وهو حاصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من كلية (كليرمونت) في كاليفورنيا، والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة (هارفارد) في الولايات المتحدة. وقد شغل العديد من المناصب الرفيعة، منها منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير الخارجية، ووزير النفط بالوكالة، ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل بالوكالة، وذلك بعدما شغل أيضاً منصب سفير الكويت لدى الولايات المتحدة بين عامي 1993 و2001.
كما كان قد شغل منصب معيد عضو بعثة في قسم الاقتصاد بكلية التجارة والاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة الكويت بين عامي 1979 و1985، ثم عُيّن أستاذاً في القسم عام 1985، وانتدب إلى معهد الكويت للأبحاث العلمية بين عامي 1987 و1988.
تحديات اقتصادية
ويأتي تعيين رئيس الوزراء الجديد بعدما انتقد أمير الكويت في خطابه أمام البرلمان في أكتوبر الماضي، كلاً من المشرعين المنتخبين والحكومة المعيّنة، بسبب ما وصفه بالفشل في الارتقاء إلى مستوى التوقعات.
وغالباً ما تشهد الكويت مواجهات بين النواب المنتخبين ووزراء الحكومة التي يعين الأمير رئيس وزرائها. وتمسك أسرة الصباح بزمام الحياة السياسية، على الرغم من النظام البرلماني المعمول به منذ عام 1962.
وتواجه الكويت تحديات اقتصادية تعمل على معالجتها، تتمثل بشكلٍ أساسي في تباطؤ تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، ومشروعات البنية التحتية الحيوية، بالتزامن مع خفض إنتاج النفط وفق اتفاق "أوبك+"، وذلك في ظل سياسة نقدية متشددة انسجاماً مع رفع البنك الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة لمستويات تاريخية.
في تقرير حول الاقتصاد الكويتي أصدره في أغسطس 2023، قال صندوق النقد الدولي إن تأخر الكويت في الإصلاحات المالية والهيكلية اللازمة، يمكن أن يؤدي إلى تضخيم مخاطر السياسة المالية المسايرة للدورة الاقتصادية وتقويض ثقة المستثمرين. ومن شأن مثل هذا التأخير أيضاً بحسب الصندوق، أن يعيق التقدم نحو تنويع الاقتصاد، مما يجعله أكثر عرضة لمخاطر التحول المناخي.
وعلى الرغم من وجود تفاهم عام بين السلطتين، فإن الخلافات السياسية عرقلت أو أخرت إقرار عدد من القوانين، بما في ذلك مشروع قانون يسمح للحكومة بالاقتراض أو السحب من صندوق الثروة السيادية في أوقات الحاجة، وهو ما يترك الكويت عرضة بشكل خاص للصدمات الخارجية، على غرار جائحة كورونا.
سقف حرية سياسية مرتفع
مع عدم وجود أحزاب سياسية مرخّصة في الكويت، غالباً ما يحفل البرلمان الكويتي بالمستقلين الشعبويين الذين يتصادمون مع وزراء في الحكومة ويتهمونهم بالتساهل مع الفساد. وعلى الرغم من سقف الحرية السياسية المرتفع في الكويت مقارنة بدول الخليج الأخرى، فإن الموافقة على جميع القوانين تتطلب موافقة أمير البلاد.
تُعتبر الكويت واحدة من أغنى دول العالم، لكنها افتقرت على مدى سنوات عدة إلى وجود حكومة مستقرة، وغالباً ما كانت تعيش حالة من الجمود السياسي الذي يتناقض مع واقع السلطة في دول الخليج المجاورة.
يعد مواطنو الكويت البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة من أغنى أغنياء العالم من حيث متوسط دخل الفرد، حيث تمتلك الدولة الخليجية حوالي 8% من احتياطيات النفط في الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" كما في نهاية عام 2022، وذلك بحسب موقع المنظمة.
في مارس الماضي، أعلنت الكويت عن تسجيل فائض سنوي في الميزانية، مُنهيةً بذلك 9 سنوات متتالية من العجز، حيث أسهمت طفرة إيرادات النفط والإدارة المنضبطة للإنفاق في دعم أحد أكبر منتجي النفط في الشرق الأوسط.
وتمثل عوائد النفط أغلب إيرادات الموازنة العامة. وتعمل الكويت حالياً مع السعودية بشأن المنطقة المقسمة بين البلدين والتي قال مسؤول كويتي عنها سابقاً إنها ضمن استراتيجية البلاد للوصول إلى هدف زيادة قدرتها الإنتاجية مع المحافظة عليها حتى 2040. ورصدت الدولة الخليجية 50 مليار دولار استثمارات لرفع طاقتها الإنتاجية إلى 3.2 مليون برميل يومياً خلال 5 سنوات، من طاقتها الإنتاجية الحالية البالغة 2.8 مليون برميل يومياً، وفق تصريحات رسمية.