يدنو عام 2023 من نهايته، وهو العام الذي كان صعباً على سوق الأسهم الأميركية، فيما يملأ التفاؤل المستثمرين إزاء 2024 مع اقتراب مؤشر "إس آند بي 500" من أعلى مستوياته على الإطلاق للمرة الأولى في عامين تقريباً.
في ظل إشارة الاحتياطي الفيدرالي إلى احتمال انتهائه من رفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم، يتزايد اهتمام الأسواق بالمخاطر البعيدة عن السياسة النقدية، مثل توقعات الاقتصاد، والأرباح، والانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستقام في نوفمبر المقبل.
أحد التحديات الرئيسية أمام المستثمرين سيتمثل في تقييم الآثار المتأخرة لدورة التشديد النقدي التي قام بها الاحتياطي الفيدرالي، والتي تسببت في انقسام آراء المحللين الاستراتيجيين في "وول ستريت" حول اتجاه الأسهم في العام المقبل.
بالطبع، أخطأت توقعات عديد منهم في 2023؛ إذ تكهنوا بأوضاع متشائمة وقاتمة. لكن مؤشر "إس آند بي 500" قفز بأكثر من 24% رغم إفلاس مصارف، والمخاوف من الكساد، وارتفاع تكاليف الاقتراض إلى أعلى مستوياتها في عقود.
إليكم نبذة عن 5 موضوعات مهمة للمتداولين في 2024:
موعد خفض أسعار الفائدة
نالت الأسهم دعماً، في الأشهر الماضية، بفضل التكهن المتزايد بأن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي خفض تكاليف الاقتراض بحلول منتصف 2024. فيما تتوقع الأسواق خفضاً أكبر في أسعار الفائدة في موعد أقرب، في ظل رهان متداولي عقود المقايضة على أن البنك المركزي سيخفضها بنحو 150 نقطة أساس في العام المقبل، ما يعادل ضعف معدل الخفض الذي توقعه مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي.
يحتاج مؤشر "إس آند بي 500" إلى أقل من 0.5% ليسجل أعلى مستوى عند الإغلاق، منذ 3 يناير 2022، كما أنه أدنى بنسبة 1% تقريباً من متوسط ارتفاعه خلال العام، الذي تكهن به نحو 24 محللاً في استطلاع رأي نُشر في 19 ديسمبر، حيث توقعوا أن ينهي المؤشر العام عند 4,833 نقطة.
وضع النمو في شركات التكنولوجيا الكبرى
من "إنفيديا" إلى "مايكروسوفت"، كانت أسهم العظماء السبعة وهي أسهم أكبر 7 شركات تكنولوجيا أميركية، مسؤولة عن نسبة 64% من الارتفاع الذي حققه مؤشر "إس آند بي 500" هذا العام حتى الأسبوع الماضي، مع انطلاق الهوس بالذكاء الاصطناعي. يضم العظماء السبعة أيضاً "أمازون" و"أبل" و"ألفابت"، مالكة "غوغل"، و"ميتا بلاتفورمز" و"تسلا"، ويُتوقع أن يحققوا زيادة في الأرباح قدرها 22% في العام المقبل، ما يعادل ضعف ارتفاع المؤشر، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ إنتليجنس". يعد العامل الحاسم هنا هو مدى انعكاس ذلك على أسعار الأسهم، لا سيما مع تزايد توقعات تحقيق هبوط سلس.
كتب لويس نافليير، مؤسس شركة "نافليير آند أسوسياتس" (Navellier & Associates)، في تقرير أنه يرى 6 أسهم من السبعة في موقف جيد مع دخولها 2024، وأن "أبل" وحدها لن تواكبهم في ظل غياب منتج متطور، أو تكنولوجيا متقدمة، تزيد الأرباح الإجمالية.
الانتخابات الرئاسية الأميركية
يمثل العام الذي سيشهد الانتخابات التي ترشح لها الرئيس الحالي سيناريو يرجح، من الناحية التاريخية، ارتفاع الأسهم الأميركية. فمنذ 1949، قارب متوسط المكاسب التي حققها مؤشر "إس آند بي 500" 13% في الأعوام التي تُجرى فيها الانتخابات، بحسب نشرة "ستوك تريدرز ألماناك" (Stock Trader’s Almanac). وفي حالة وجود سباق انتخابي مفتوح وعدم ترشح الرئيس شاغل المنصب، كان متوسط خسارة المؤشر خلال العام 1.5%.
يعود جزء من سبب مكاسب الأسهم إلى أن شاغلي المنصب عادةً ما يطبقون سياسات جديدة، أو يسعون إلى خفض الضرائب، لدعم الاقتصاد والاتجاهات السائدة قبيل الانتخابات.
مخاطر آسيوية: بنك اليابان والصين وانتخابات الهند
رغم ارتفاع مؤشر "نيكاي 225" (Nikkei 225 Stock Average) إلى أعلى مستوياته في 3 عقود خلال 2023، بفضل سياسة التيسير النقدي الفائق التي يتبعها "بنك اليابان" وضعف الين، تواجه الأسهم اليابانية عقبة في مطلع 2024. فالبنك المركزي يحافظ على آخر سعر فائدة سلبي في العالم، إلا أن ثلثي المحللين الاقتصاديين يتوقعون أن يرفع البنك أسعار الفائدة لأول مرة منذ 2007، بحلول أبريل.
في غضون ذلك، وبعد عام آخر خيب آمال المراهنين على صعود أسهم الصين، سيراقب المستثمرون اجتماعات المجلس الوطني لنواب الشعب، والاجتماع العام الثالث للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني لتحديد مستهدف بكين في النمو لعام 2024، وإشارات إلى التحفيز المالي الحكومي.
تمثل الهند نقطة مضيئة مهمة لارتفاع الأسهم، إذ تحصد الدولة عقود تصنيع رفيعة المستوى، وتزيد الإنفاق على البنية التحتية، وبدأت تظهر بصفتها بديلاً للصين.
سياسة المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا
في ظل اقتراب مؤشر "ستوكس يوروب 600" (Stoxx Europe 600) من أعلى مستوياته في عامين، قد تمثل الأسهم الدورية كثيفة التعرض لآسيا العامل الأهم لتحقيق مكاسب أكبر، مع أخذ الدعم الحكومي الصيني المحتمل في الحسبان. وبينما يُرجح أن يؤثر ضعف الاقتصاد على الأرباح في أوروبا، يشير إجماع توقعات المحللين إلى ارتفاع الأرباح بنحو 4% في 2024، في الأغلب بالاعتماد على زيادة هامش الأرباح، بحسب بيانات "بلومبرغ إنتليجنس".
أما سوق السندات، فتتوقع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بحلول أبريل، ما قد يقدم دفعة إضافية لأسهم منطقة اليورو. ويُتوقع أن يتبع "بنك إنجلترا" خطوات الاحتياطي الفيدرالي والمركزي الأوروبي في تيسير السياسة النقدية، حيث تعاني المملكة المتحدة أحد أعلى معدلات التضخم بين مجموعة الدول السبع.