إنجاز المصالحة والتفرغ للإصلاحات الاقتصادية الضرورية.. أهم الخطوات المرتقبة لأمير البلاد الجديد

آمال كبيرة بتصدي الأمير مشعل لمشكلات أعاقت إصلاحات الكويت

أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح - المصدر: بلومبرغ
أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يواجه أمير الكويت الجديد الذي تولى السلطة وهو في عقده الثامن، كسلفه الأمير الراحل، الوضع السياسي ذاته الذي أثر على الاقتصاد وعرقل الإصلاحات لسنوات.

لكن هناك اختلافات وأوجه شبه في عملية انتقال السلطة، كلها ستسهم في معرفة كيف سيتمكن الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح، البالغ من العمر 83 عاماً، من إخراج دولة الكويت العضو في "أوبك" من حالة الشلل التي تعاني منها.

بدأت جهود رعاية التسوية بين البرلمان، وهو البرلمان الوحيد المنتخب في منطقة الخليج، ومكتب رئيس الوزراء الذي تشغله شخصية معينة من قبل الأمير. وقد أبدى الشيخ مشعل دعمه للمجيء بوجوه جديدة.

مشعل الأحمد الصباح أميراً لدولة الكويت وسط تحديات اقتصادية

يتمتع الأمير مشعل حالياً بحرية مطلقة في تشكيل أي حكومة جديدة، وسيتشاور مع شخصيات بارزة من الأسرة الحاكمة لاختيار ولي للعهد، وذلك خلال فترة عام واحد من الآن. لكن من غير المرجح أن تحذو الكويت حذو المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة المجاورتين في تسليم السلطة إلى جيل أصغر سناً. تقليدياً، يجري اختيار أولياء العهد في الكويت على أساس الخبرة الواسعة في المناصب الحكومية. ويجب أن يكون أي ولي عهد أيضاً من ذرية مؤسس الكويت الحديثة، مبارك الكبير، الذي توفي عام 1915.

قال بدر السيف، الأستاذ المساعد في جامعة الكويت والزميل غير المقيم في معهد دول الخليج العربي في واشنطن: "يجب أن يكون التركيز على ما إذا كانت طبقة القيادات الجديدة، بمن في ذلك ولي العهد والشخصيات الحكومية المرتقبة، ستحقق النجاح أم لا، بغض النظر عن الاعتبارات العمرية". وأضاف: "العبرة في النتائج".

الاختيار المتوازن

أي رئيس للوزراء سيرشحه الأمير مشعل، يحتاج تعيينه في منصبه إلى موافقة البرلمان، وبالتالي، يجب أن يكون اختياره للشخصية متوازناً في ظل التوقعات الكبيرة بتشكيل حكومة جديدة. في خطابه أمام البرلمان في أكتوبر الماضي، انتقد الشيخ مشعل كلاً من المشرعين المنتخبين والحكومة المعيّنة، بسبب فشلهم في الارتقاء إلى مستوى التوقعات.

ولد الأمير مشعل عام 1940، وهو شقيق لثلاثة من أمراء الكويت السابقين، ويخلف أخاه غير الشقيق الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الذي وافته المنية يوم السبت. والأمير مشعل خريج كلية هندون للشرطة في المملكة المتحدة عام 1960، قبل أن يلتحق بوزارة الداخلية ويرأس فيما بعد إدارة أمن الدولة الكويتية ليصبح نائباً لرئيس الحرس الوطني.

صندوق النقد: تأخر إصلاحات الكويت المالية يعيق تنويع الاقتصاد

عُيّن الشيخ مشعل ولياً للعهد في أكتوبر 2020، وكان إلى حد كبير أميراً بالإنابة للدولة منذ نوفمبر 2021، عندما فوض الشيخ نواف معظم مسؤولياته أثناء سفره بشكل دوري إلى الخارج لتلقي العلاج.

أما الآن، وبعد أن أصبح أمير البلاد فعلياً، سيبحث المحللون عن علامات حول الطريقة الذي سيحكم فيها الشيخ مشعل الذي لديه خمسة أبناء وسبع بنات. في نهاية عام 2022، بلغت حصة الكويت من احتياطيات النفط التي تملكها الدول الأعضاء في منظمة "أوبك" نحو 8%، وفقاً لموقع المنظمة الإلكتروني.

المطالبة بالإصلاح

على الرغم من أنه من غير المرجح أن يكون هناك تغيير جوهري في السياسة النفطية أو في السياسة الخارجية للكويت، فإن الضغوط المطالبة بإحداث شكل من أشكال الإصلاح السياسي آخذة في التزايد. تسيطر المعارضة الكويتية غير المتماسكة على المجلس التشريعي المؤلف من 50 عضواً، وتستغل نفوذها. لكن مع ذلك، فإن حقيقة أن نواب المعارضة الذين تربطهم علاقات جيدة برئيس الوزراء الكويتي الحالي لديهم نفوذ في البرلمان، ساعدت في تمهيد الطريق أمام علاقات أكثر سلاسة بين الحكومة والمشرعين بعد سنوات من الخلافات.

الكويت تخطط لإطلاق صندوق سيادي جديد لتعزيز النمو

مع عدم وجود أحزاب سياسية مرخّصة قي الكويت، غالباً ما يحفل البرلمان الكويتي بالمستقلين الشعبويين الذين يتصادمون مع وزراء في الحكومة ويتهمونهم بالتساهل مع الفساد. وعلى الرغم من سقف الحرية السياسية المرتفع في الكويت مقارنة بدول الخليج الأخرى، فإن الموافقة على جميع القوانين تتطلب موافقة أمير البلاد.

تُعتبر الكويت واحدة من أغنى دول العالم، لكنها افتقرت على مدى سنوات عدة إلى وجود حكومة مستقرة، وغالباً ما كانت تعيش حالة من الجمود السياسي الذي يتناقض مع واقع السلطة في دول الخليج المجاورة.

إيرادات النفط تدفع ميزانية الكويت لتحقيق أول فائض في 9 سنوات

وعلى الرغم من وجود تفاهم عام بين السلطتين، فإن الخلافات السياسية عرقلت أو أخرت إقرار عدد من القوانين، بما في ذلك مشروع قانون يسمح للحكومة بالاقتراض أو السحب من صندوق الثروة السيادية في أوقات الحاجة، وهو ما يترك الكويت عرضة بشكل خاص للصدمات الخارجية، على غرار جائحة كورونا.

النفط والمدخرات.. نعمة البلاد

أعلنت الكويت في مارس عن تسجيل فائض سنوي في الميزانية، مُنهيةً بذلك 9 سنوات متتالية من العجز، حيث أسهمت طفرة إيرادات النفط والإدارة المنضبطة للإنفاق في دعم أحد أكبر منتجي النفط في الشرق الأوسط. وكانت الحكومة قد شهدت أزمة نقدية في عام 2020، تفاقمت بفعل الجائحة وانخفاض أسعار النفط، مما دفعها إلى البحث عن وسائل لدفع رواتب الموظفين الحكوميين. خفّ الضغط عن الخزانة بعد عودة أسعار النفط إلى الارتفاع منذ ذلك الحين، إلا أن التحديات مازالت ماثلة.

عارض البرلمان أي إعادة تخصيص للمنح الحكومية، على الرغم من أن ما يقرب من ثلاثة أرباع الإنفاق يذهب إلى الرواتب والدعم الذي تقدّمه الدولة، في وقت يحتاج فيه تطبيق ضريبة القيمة المضافة أو خصخصة الأصول الحكومية، إلى موافقة المشرعين في مجلس النواب أيضاً.

يُعتبر صندوق احتياطي الأجيال القادمة بأصوله البالغة 700 مليار دولار، بمثابة "النعمة" لاقتصاد الكويت، وهو يُدار من قِبل أقدم صندوق ثروة سيادي في العالم، ومصمم ليكون وعاء ادخار للحياة في حقبة ما بعد النفط. إلا أن المساس به غير ممكن من دون موافقة البرلمان.

آمال كبيرة

قاد الأمير الراحل الشيخ نواف مبادرة واسعة النطاق للمصالحة الوطنية، واتخذ خطوات لتخفيف الأزمة مع البرلمان، بما في ذلك العديد من قرارات العفو عن أعضاء المعارضة والنشطاء الذين يعيشون في المنفى اختيارياً. واليوم، ينظر الكويتيون بأمل كبير إلى أنه في ظل التقدم الذي يحققه الحوار الوطني، فإن الحكومة والبرلمان سيتعاونان لحل القضايا العالقة المتعلقة بالإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وجذب الاستثمارات الأجنبية الضرورية.

قال السيف: "تعافي الأمة ومعالجة المظالم السياسية، هما البوابة للتعامل مع مجالات أخرى تحتاج إلى الاهتمام". وأضاف: "يُتوقع أن يواصل الشيخ مشعل المصالحة ليركز بعد ذلك على الإصلاحات الاقتصادية الضرورية ورفع مستوى الخدمات الأساسية".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك