تدرس تركيا بيع أولى سنداتها لصندوق "القابضة (ADQ)" الواقع في أبوظبي بحلول نهاية العام الحالي، وهو ما يمثل علامة فارقة لصانعي السياسة الأتراك الذين يحاولون استعادة المستثمرين الأجانب بعد سنوات من عدم الثقة.
يُرجح أن تُقدم الحكومة سندات لأجل 10 سنوات على شرائح لصالح القابضة "ADQ"، المملوكة لإمارة أبوظبي عاصمة دولة الإمارات الغنية بالنفط، حسبما صرّح وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك لـ"بلومبرغ" يوم الخميس.
شيمشك: استثمارات الإمارات الجديدة في تركيا تنطلق نهاية 2023
الصفقة المتوقعة ستُعد بدايةً لما قد يكون أكبر تدفق رأسمالي من دول الشرق الأوسط النفطية إلى اقتصاد تركيا الذي تبلغ قيمته تريليون دولار. إذ أعربت السعودية والإمارات عن اهتمامهما بالاستثمار في تركيا في أعقاب التغيير السياسي الذي أنهى عصر الأموال الرخيصة في عهد شيمشك، الذي تم تعيينه في يونيو. وفي الوقت نفسه، عزز الرئيس رجب طيب أردوغان العلاقات مع الدول ذات الثقل الإقليمي، وقاد جهود التواصل مع مُنتجي النفط.
حصيلة بيع السندات
وعن العائدات المحتملة من البيع المتوقع، قال شيمشك: "لسنا مضطرين إلى إنفاقها على الفور.. لذلك قد نستفيد من هذه الفرصة جزئياً قبل نهاية العام الجاري".
ستُستخدم المبالغ التي ستحصل عليها الدولة من القابضة "ADQ" لتمويل جهود إعادة إعمار المحافظات الجنوبية الشرقية لتركيا التي ضربها زلزالان قويان في فبراير.
ومن جهتها، امتنعت القابضة "ADQ"، البالغة أصولها حوالي 160 مليار دولار، عن التعليق.
تُعتبر تدفقات النقد الأجنبي هذه أيضاً حاسمة بالنسبة لميزان مدفوعات البلاد. ومع إجمالي الالتزامات قصيرة الأجل التي تفوق 200 مليار دولار، تحاول تركيا إبطاء النمو الاقتصادي تدريجياً من خلال رفع أسعار الفائدة، مع استقرار الليرة، ثاني أسوأ عملة في الأسواق الناشئة في العالم لهذا العام، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.
جهود محاصرة التضخم في تركيا
أوضح شيمشك أن تصحيح أوضاع كل هذه الأجزاء من البرنامج الاقتصادي الحالي يُعد أمراً بالغ الأهمية لكبح جماح التضخم -الذي يتجاوز حاليا 60%- وزيادة إمكانات النمو في وقت لاحق.
وأضاف: "بالنسبة لي، فالمستوى المعقول للتضخم على المدى المتوسط هو أقل من 10%.. بالتأكيد سيؤدي انكماش الأسعار إلى تحقيق نمو مستدام ومرتفع".
تركيا تحصد اتفاقيات بـ50.7 مليار دولار من زيارة أردوغان إلى الإمارات
ألمح شيمشك إلى أن البنك المركزي، الذي رفع أسعار الفائدة بأكثر من 30 نقطة مئوية منذ الانتخابات إلى 40%، "يعيد بناء منحنى العائد في تركيا".
شيمشك أضاف أن حصة المستثمرين الأجانب في رصيد الدين المحلي لتركيا هبطت من حوالي 28% في ذروتها، إلى 0.9% الآن، "لقد قمنا بإعادة بناء منحنى العائد، ومن الآن فصاعداً سيكون هناك اهتمام قوي للغاية بهذه السوق".
من المرجح أن يسمح هذا التحوّل -عند حدوثه- تزامناً مع التباطؤ المتوقع في التضخم إلى حوالي 36% في نهاية العام المقبل، أيضاً لوزارة المالية والسلطة النقدية بالتراجع تدريجياً عن القيود المفروضة على الأسواق المالية التركية منذ 2018.
ومن بين أهم مخاوف المستثمرين الأجانب هو ما إذا كان بإمكانهم الاقتراض بالليرة التركية في السوق الخارجية أم لا؟، وهو مطلب رئيسي لأولئك الذين يريدون التحوط ضد خسائر العملة المحتملة قبل أن يقرروا شراء الأصول التركية مرة أخرى.
قال الوزير: "لدينا نهج شامل في التعامل مع الاحتياطيات، وعجز الحساب الجاري، وخفض التضخم.. ومع تحسن الظروف، فسوف نقوم بتخفيف القيود تدريجياً، لكنني لا أريد أن أعطي إطاراً زمنياً".