أشار البنك المركزي التركي إلى أنه يخطط لتشديد السياسة النقدية بصورة أكبر، بعد رفع توقعات التضخم للعامين الحالي والمقبل، حيث من المتوقع أن يصل التضخم إلى ذروته في مايو المقبل بالقرب من 75%.
أعلنت محافظة البنك المركزي، حفيظة غايا أركان، عن تقدير جديد للتضخم في نهاية عام 2023 بنسبة 65%، ارتفاعاً من التوقعات السابقة البالغة 58%، وقالت إن زيادة أسعار المستهلكين ستنهي العام المقبل عند 36% بدلاً من التوقع السابق البالغ 33%.
وفي حديثها خلال حدث أقيم في أنقرة، قالت أركان إنها تتوقع تراجع التضخم اعتباراً من النصف الثاني من 2024. وأضافت: "التشديد النقدي سيستمر حتى نرى تحسناً ملحوظاً في بيانات التضخم".
أصبحت توقعات التضخم الفصلية في تركيا أكثر أهمية منذ تعيين أركان في قيادة البنك المركزي، حيث يقول المسؤولون الآن إنهم يريدون ربط السياسة النقدية بالمسار المتوقع لأسعار المستهلك، بدلاً من الاعتماد على معدل التضخم الحالي. كما توقعت "بلومبرغ إيكونوميكس" زيادة تقديراتها للتضخم بنحو 10 نقاط مئوية في 2023 و2024.
تسارع التضخم في تركيا
مع تحول التركيز إلى عام 2024، لم يظهر زخم التضخم أي علامة تذكر على التباطؤ، رغم تراجع زيادات الأسعار على أساس شهري.
وعلى أساس سنوي، تسارع التضخم في تركيا إلى أكثر من 12 ضعف المستهدف الرسمي، وربما يكون ارتفع إلى نحو 62% في أكتوبر الماضي، وفقاً لأوسط توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت بلومبرغ آراءهم. كما تجاوز عتبة 85% لفترة وجيزة العام الماضي.
قالت الخبيرة الاقتصادية، سيلفا بحر بازيكي: "نتوقع رفع البنك المركزي التركي توقعاته للتضخم في 2023 و2024 بنحو عشر نقاط مئوية في تقرير التضخم الفصلي الأخير لهذا العام-والذي يصدر في الثاني من نوفمبر. مع ذلك، نعتقد بأن البنك المركزي لن يصل إلى المعدل النهائي لدورة التشديد النقدي بعد الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في مارس من العام المقبل.
رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس":
عزت أركان تسارع التضخم في الفترة من يونيو حتى سبتمبر إلى "الصدمات المتعددة"، وقالت إن الزيادات الضريبية الأخيرة ساهمت بنسبة 2.5 نقطة مئوية في المعدل الإجمالي للتضخم، مشيرة إلى تلاشي ضغوط الطلب المحلي المفرط حالياً، كما تبين بعض مؤشرات الأسعار في أكتوبر انخفاض التضخم الأساسي الشهري.
تبرز توقعات التضخم المحدثة مدى ضرورة استمرار دورة التشديد النقدي في البلاد، والتي نتج عنها زيادة سعر الفائدة الرئيسي في تركيا بالفعل بأكثر من أربعة أضعاف مستواه قبلها، ليصل إلى 35%.
وبعد تقرير التضخم الأخير في يوليو -والذي عدل التوقعات أيضاً بالرفع الحاد- عين الرئيس رجب طيب أردوغان مباشرةً أعضاءً جدداً في هيئة صنع القرار في البنك المركزي، وهي خطوة أعقبتها ثلاث زيادات كبيرة في أسعار الفائدة بما يصل إلى 750 نقطة أساس.
تشديد السياسة النقدية التركية
كانت أركان، إلى جانب مسؤولين مثل وزير المالية محمد شيمشك، في طليعة التحول في السياسة النقدية منذ فوز الرئيس رجب طيب أردوغان بفترة جديدة في مايو، إذ تحول فريق جديد من التكنوقراط عن الإجراءات غير التقليدية التي يُلقى عليها باللوم في إبعاد المستثمرين الأجانب، والتسبب في سلسلة من أزمات العملة.
في الوقت نفسه، يطالب المستثمرون البنك المركزي باتخاذ موقف أكثر تشدداً، نظراً لأن أسعار الفائدة الأساسية لا تزال أقل بكثير من الصفر عند تعديلها وفقاً للتضخم الحالي. وترى بنوك عالمية، مثل "مورغان ستانلي" و"جيه بي مورغان تشيس آند كو"، أن أسعار الفائدة التركية لن تبلغ ذروتها إلا عند 40%-45%.
بدورهم، قال مسؤولون مثل شيمشك إنهم يركزون على الفرق بين أسعار الفائدة على الودائع والتضخم المتوقع على مدى الأشهر الـ 12 المقبلة، مما يشير إلى أن السياسة النقدية أكثر تشديداً بالفعل مما يبدو على خلاف ذلك.