لوبي "الماريجوانا" بأمريكا يترقب تعيين "قيصر المخدرات" في البيت الأبيض

موظف يرتب عرضاً للحشيش المخدر في مستوصف هاربورسايد في أوكلاند، كاليفورنيا، الولايات المتحدة، يوم الاثنين، 23 مارس، 2020 - المصدر: بلومبرغ
موظف يرتب عرضاً للحشيش المخدر في مستوصف هاربورسايد في أوكلاند، كاليفورنيا، الولايات المتحدة، يوم الاثنين، 23 مارس، 2020 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يواجه لوبي الماريجوانا في الولايات المتحدة الأمريكية، عدواً جديداً، إلا أنَّه ليس جمهورياً هذه المرة بل من آل "كينيدي"، إذ يريد "باتريك ج. كينيدي"، عضو الكونغرس السابق لثمانية ولايات، ونجل السيناتور الراحل "تيد كينيدي"، أن يكون "قيصر المخدرات" القادم في البيت الأبيض، إلا أنَّ صناعة الماريجوانا تقف بحزمٍ في وجهه.

ويطلق لقب "قيصر المخدرات"، على من يشغل منصب مدير مكتب السياسة الوطنية لمكافحة المخدرات في البيت الأبيض، وتجري الإدارة الأمريكية الجديدة حالياً مفاضلة بين المرشحين لاختيار من سيشغله.

"كينيدي"، الذي يتحدَّث صراحة عن صراعه طوال حياته مع تعاطي المخدرات، هو الآن مناصر لأولئك الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية والإدمان؛ ويُفضل السماح بالماريجوانا لأسباب طبية، إلا أنَّه يعارض إضفاء الشرعية القانونية على استخدامها لأغراض ترفيهية، وهو ما يعدُّ لعنة بالنسبة لصناعة هدفها جعل استخدام الحشيش المخدر أمراً طبيعياً -مثل الكحول والنيكوتين- وإضفاء الشرعية على المادة في جميع الولايات الخمسين خلال سيطرة الديمقراطيين على البيت الأبيض ومجلسي الكونغرس.

وعلى الرغم من عدم وجود ما يشير إلى أنَّ "كينيدي"، من بين المرشَّحين الذين يجري دراستهم بشكل مؤكد، إلا أنَّ الخلاف حول ما يُعدُّ عادةً تعييناً متحفظاً يُوضِّح المخاطر الضخمة التي تواجه صناعة تستعرض قوتها بشكل متزايد في واشنطن.

المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: غيتي إيمجز

آراء مختلفة في البيت الأبيض

ويسلط النقاش الضوء أيضاً على الآراء المختلفة التي عبَّر عنها الرئيس "جو بايدن" – الذي صاغ مصطلح "قيصر المخدرات" في عام 1982 – ونائبة الرئيس "كامالا هاريس" – التي دعمت (قبل أن تصبح نائبة "بايدن" في الانتخابات) التشريعات المدعومة من صناعة الماريجوانا في مجلس الشيوخ. إذ يُفضِّل "بايدن" إبقاء الماريجوانا غير قانونية على المستوى الوطني، وهي وجهة نظر أكثر توافقاً مع وجهة نظر "كينيدي".

وفي هذا الصدد، قال أحد مساعدي "هاريس" – الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأنَّ نائب الرئيس لم تتدخَّل علناً في هذه القضية – إنَّ مواقفها الآن هي مطابقة لمواقف "بايدن". وامتنع مسؤول في البيت الأبيض عن التعليق على الأشخاص الذين يُنظر حالياً في تعيينهم في المنصب.

مرشحون لمنصب "قيصر المخدرات"

ووفقاً لأشخاص مطَّلعين، فإنَّ أحد المنافسين الرئيسيين هو "راهول غوبتا"، كبير المسؤولين الطبيين في "مارش أوف دايمز" (March of Dimes)، ومسؤول سابق عن الصحة في ولاية فرجينيا الغربية؛ كما كان "غوبتا" جزءاً من الفريق الانتقالي لـ "بايدن".

أما المرشح الرئيسي الآخر فهو "إتش ويستلي كلارك"، وهو مسؤول سابق في إدارة خدمات إساءة استخدام العقاقير والصحة العقلية، التي تُعدُّ جزءاً من وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية. علاوةً على ذلك، صرَّح الأشخاص المطَّلعون أنَّ اسم "ريجينا لابيل"، القائمة بأعمال "قيصر المخدرات" حالياً، مدرجة أيضاً في القائمة المختصرة. وقد رفض كلٌّ من "غوبتا"، و"لابيل" التعليق، كما لم يستجب "كلارك"، الذي يتمتَّع بدعم الصناعة، لطلب للتعليق.

وسلَّطت صناعة الماريجوانا الضوء على "كينيدي"، البالغ من العمر 53 عاماً، بدافع القلق من أنَّه سيكون عقبة أمام هدفها المتمثِّل في إضفاء الشرعية على نطاق أوسع.

وتضع شركات الحشيش المخدر إطاراً لجعل هذه المادة قانونية على الصعيد الوطني كوسيلة لخلق فرص العمل، وزيادة الإيرادات الضريبية، والمساعدة في إصلاح نظام العدالة الجنائية، كما سيؤدي إضفاء الشرعية إلى زيادة أرباحها بسرعة من خلال السماح ببيع المزيد من المنتجات لعدد أكبر من العملاء مع عدد أقل من المشكلات القانونية والتنظيمية.

بلومبرغ
بلومبرغ

مواقف مناهضة للمخدرات

ويقلق "كينيدي" من أنَّ الصناعة تصنع أرباحها على حساب الصحة العامة؛ وهو يتفق مع خبراء مثل "سوزان فايس"، كبيرة مستشاري مدير المعهد الوطني لتعاطي المخدرات، التي تُحذِّر من أنَّ الماريجوانا يمكن أن تُسبب الإدمان، وقد تضر بأدمغة الشباب؛ كما تقول أيضاً، إنَّ تأثيرات التعرض للمنتجات عالية الفعالية ليست مفهومة جيداً.

وقالت "فايس"، التي لم تُعلِّق على منصب "قيصر المخدرات"، إنَّ الدماغ يستمر في التطور في مرحلة المراهقة، وفي بداية البلوغ.

وأضافت مستخدمة مصطلحاً تقنياً للإدمان: "نحن قلقون بشأن التعرض للحشيش المخدر خلال تلك الفترات، فنحن نعلم أنَّ هناك اضطراباً في استخدامه، ولكن ليس من السهل التخلص منه؛ إذ يطور الشباب عادةً مثل هذا الاضطراب".

ويحظى "كينيدي" بدعم قوي من خبراء الصحة العقلية، مثل "آرثر سي إيفانز جونيور"، الرئيس التنفيذي لجمعية علم النفس الأمريكية؛ إلا أنَّ المُشرِّع السابق يفتقر إلى دعم الصناعة.

وذكر مشروع سياسة الماريجوانا في رسالة بالبريد الإلكتروني بتاريخ 8 فبراير أنَّ آراء "كينيدي" تستند إلى "أخلاقٍ عفا عليها الزمن"، و"مراسيم بعيدة المنال لا تعمل ببساطة".

وشاركت المجموعة المؤيدة للحشيش المخدر، التي تضمُّ الآلاف من الأعضاء الذين يدفعون المستحقات، في العديد من جهود إضفاء الشرعية.

أما مجلس الحشيش المخدر الأمريكي، وهو مجموعة ضغط صناعية، فهو يعارض "كينيدي" أيضاً؛ فقد قال "ستيفن هوكينز"، الرئيس التنفيذي المؤقت للمجلس: "الشخص الذي لا ينتبه لحقيقة أنَّ 15 ولاية قد شرَّعت الحشيش المخدِّر لن يكون مناسباً للوظيفة".

جدير بالذكر أنَّ الماريجوانا الترفيهية هي قانونية في 15 ولاية، في حين وافقت 36 ولاية على استخدامها للأغراض الطبية، وهي مصنَّفة على أنَّها مخدرات من الجدول الأول - الفئة المخصصة لأخطر المواد، مثل الهيروين- وهي أعلى من تصنيف الجدول الثاني للمواد الأفيونية.

ومن المتوقَّع أن تتجاوز مبيعات الحشيش المخدر القانوني ومشتقاته في الولايات المتحدة الأمريكية 26 مليار دولار هذا العام، ارتفاعاً من 22 مليار دولار العام الماضي، وفقاً لشركة "يورومونيتور إنترناشونال" (Euromonitor International)، وهي شركة أبحاث السوق.

الفائز بالمنصب سيحدد سياسة الإدارة الأمريكية

وما من شكٍّ في أنَّ الشخص الذي سيحصل على منصب "قيصر المخدرات" سيكون بمثابة إشارة إلى ما ستكون عليه سياسة الإدارة بخصوص الماريجوانا؛ وفي الواقع، فقد ساعد "بايدن" في إنشاء مكتب السياسة الوطنية لمكافحة المخدرات، الذي يُطلق على مديره غالباً اسم "قيصر المخدرات". كما يعدُّ تعاطي المخدرات أيضاً موضوعاً شخصياً بالنسبة لـِ "بايدن"، الذي يعاني ابنه "هانتر" من الإدمان.

وفي ظهور له في مجلس مدينة "سي إن إن" يوم 16 فبراير، أيَّد الرئيس عدم تجريم حيازة الحشيش المخدر، إذ قال: "لا ينبغي لأحد أن يذهب إلى السجن بسبب تعاطي المخدرات؛ بل يجب أن يذهب إلى مراكز إعادة التأهيل من المخدرات".

وقال، إنَّه سيستخدم السلطة التنفيذية لتخفيف القيود المفروضة على البحث والسماح للأطباء بوصف الماريجوانا كبديل أفيوني؛ إلا أنَّ الماريجوانا ستظل غير قانونية بموجب القانون الفيدرالي.

أزمة المواد الأفيونية

ويُنسِّق مكتب السياسة الوطنية لمكافحة المخدرات، الذي تبلغ ميزانيته السنوية 379 مليون دولار، الوكالات الحكومية الأخرى المعنية بسياسة المخدرات، ومن المحتمل أن تتصدَّر أزمة المواد الأفيونية جدول أعمال المكتب، إلا أنَّه من المرجَّح أن تأتي سياسة الماريجوانا في المرتبة الثانية.

وجدير بالذكر أنَّ "كينيدي" هو المؤسس المشارك لـ "سمارت أبروتشز تو ماريجوانا" (Smart Approaches to Marijuana)، وهي مؤسسة غير ربحية مقرُّها الإسكندرية بولاية فيرجينيا، وتسعى إلى تقليل استخدام الماريجوانا، إذ يأتي تمويل المنظمة من خلال التبرعات الفردية والمؤسسات العائلية، في حين لا تقبل أموال شركات الأدوية، أو الكحول، أو صناعة التبغ.

ويندد "كينيدي" بترويج الصناعة لإضفاء الشرعية كوسيلة لإصلاح الضرر الناجم عن الحرب المستمرة منذ عقود على المخدرات، التي سُجِن خلالها عدد غير متناسب من السود بسبب جرائم المخدرات. وقالت الصناعة، إنَّها تأمل في مساعدة السود على المشاركة في أرباح صناعة مشروعة، مثل فتح مستوصفات مملوكة للسود ضمن مجتمعات السود.

ويجادل "كينيدي" بأنَّه بدلاً من المساعدة في سدِّ الانقسام العرقي، فإنَّ إضفاء الشرعية قد يؤدي إلى تفاقمه عن طريق الإضرار بالمهن، وتهيئة الشباب السود للفشل. وصرَّح "كينيدي" قائلاً: "حتى لو قالت الولايات المتحدة، إنَّنا سنقوم بإضفاء الشرعية على الحشيش المخدر، إلا أنَّ هذا لا يعني أنَّ بنكاً أو شركة إنشاءات ستقول إنَّه من المقبول أن يُظهِر فحص موظفيها نتيجة إيجابية على تعاطي مثل هذه المواد المخدرة".

وقال: "لن أحاول الحصول على هذا المنصب من خلال عدم الإتيان بأيَّة حركة، وإبقاء رأسي منخفضاً، وعدم قول أي شيء عما أراه تهديداً حقيقياً في الأفق؛ ونحن نعلم أنَّ المسألة لا تتعلَّق بقضية العدالة الاجتماعية هذه، بل تتعلَّق بالمال".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك