سجَّلت الليرة اللبنانية الثلاثاء انخفاضاً قياسياً غير مسبوق منذ دخول لبنان دوَّامة الانهيار الاقتصادي قبل عام ونصف، فقد لامس سعر الصرف مقابل الدولار عتبة عشرة آلاف في السوق السوداء، وفق ما أفاد به صرَّافون في وكالة "فرانس برس".
ومنذ صيف العام 2019، وعلى وقع الانهيار الاقتصادي الأسوأ في لبنان منذ عقود، بدأت قيمة الليرة تتراجع تدريجياً أمام الدولار تزامناً مع أزمة سيولة حادة، وتوقُّف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار. ولا يزال سعر الصرف الرسمي يساوي 1507 للدولار.
وقال أحد الصرَّافين لوكالة "فرانس برس"، إنَّ سعر الصرف في السوق السوداء تراوح الثلاثاء بين 9900، وعشرة آلاف.
ولخَّص آخر الوضع بالقول: "ما يحصل في السوق السوداء جنون".
وكان سعر صرف الليرة انخفض إلى 9800 خلال الصيف، قبل أن يعاود الارتفاع تدريجياً. وحافظ خلال الأسابيع الماضية على معدَّل يتراوح بين ثمانية آلاف، و8500 للدولار.
مراجعة أوضاع البنوك
ويأتي الانخفاض القياسي في سعر الصرف الثلاثاء غداة إعلان مصرف لبنان بدء مراجعة أوضاع البنوك بعد انتهاء مهلة حدَّدها لها من أجل زيادة رأسمالها، ضمن خطة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي.
وطلب المصرف المركزي في تعميم صيف 2020 من المصارف زيادة رأسمالها بنسبة عشرين في المئة مع حلول نهاية فبراير. كما طلب منها تكوين حساب خارجي حر من أيِّ التزامات لدى بنوك المراسلة في الخارج، لا يقلُّ عن ثلاثة في المئة من مجموع الودائع بالعملات الأجنبية.
وفي حال عدم التزام المصارف بتلك المعايير، فتصبح أسهمها ملكاً لمصرف لبنان.
وذكرت صحيفة "الأخبار" المحلية الثلاثاء أنَّ تسارع انهيار الليرة يعود إلى مجموعة عوامل "على رأسها سحب المصارف لمبالغ كبيرة جداً من الدولارات من السوق".
وتصدَّر وسم "دولار" موقع تويتر في لبنان،وسخر كثيرون من انخفاض سعر الصرف في بلد يشهد شللاً سياسياً منذ استقالة الحكومة بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس الماضي، ولم تتمكَّن القوى السياسية حتى الآن من الاتفاق على شكل الحكومة الجديدة التي كُلِّف رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري تشكيلها.
وغرَّدت الباحثة في مركز كارنيغي مهى يحيى: "في هذه الأثناء تنهار ليرة لبنان أكثر، فيما الجمود السياسي مستمر، ولا سياسات لوقف الانهيار ! ودعم الفقراء اللبنانيين المثقلين بالتضخم لا يكفي".
وينعكس الانخفاض في قيمة العملة المحلية على أسعار السلع، والمواد الغذائية، وكل ما يتم استيراده من الخارج، وقد ارتفعت أسعار السلع بنسبة 144%، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر.