يتوجه الأرجنتينيون إلى صناديق الاقتراع اليوم الأحد لاختيار رئيس يثقون بقدرته على خوض المهمة الطارئة المتمثلة في انتشال ثاني أكبر اقتصاد بأميركا الجنوبية من السقوط في حافة الهاوية.
في ظل ارتفاع معدل تضخم إلى أكثر من 130% سنوياً، والهبوط المروع للعملة وتراجع النشاط، تركّز جدل الناخبين خلال الأشهر القليلة الماضية على مسألة اختيار الشخصية الأفضل جاهزية لإعادة البلاد إلى مسارها الصحيح، سواء المرشح الليبرالي المتطرف خافيير ميلي، أم باتريشيا بولريتش الداعمة للأعمال، أم وزير الاقتصاد سيرجيو ماسا، المنتمي للفكر البيروني (أتباع الجنرال خوان دومينجو بيرون، الذي حكم البلاد في مرحلتين آخرها كان عام 1975).
يتعين أن يحصل المرشح على نسبة 45% على الأقل من الأصوات الصحيحة للفوز من أول جولة، أو 40% من الأصوات بفارق 10 نقاط مئوية عمن يليه في المركز الثاني. رغم أن هذا السيناريو ليس مستحيلاً بالنظر إلى ضعف الإقبال في الاقتراع الأخير، فإن النتيجة الأكثر ترجيحاً هي حدوث جولة إعادة تُجرى بين أعلى متنافسين من حيث عدد الأصوات في 19 نوفمبر المقبل.
تقرر أن تُغلق صناديق التصويت عند الساعة 6 مساءً بالتوقيت المحلي، رغم أنه من الشائع أن يمدد القاضي الفيدرالي ساعات الاقتراع في حال كانت طوابير الناخبين طويلة. يُتوقع أن يُعلن عن النتائج النهائية في وقت متأخر من ليلة الأحد.
إليك أبرز النقاط الجديرة بالمتابعة بشأن الانتخابات:
زخم ميلي
فاز ميلي، الذي دخل السياسة رسمياً قبل عامين فقط، في الانتخابات التمهيدية التي جرت في أغسطس الماضي، حيث كانت مشاركة جميع المرشحين إلزامية، متجاوزاً الائتلافات القائمة بقيادة بولريتش وماسا.
شكّل هذا الفوز المفاجئ دفعة قوية لحملته، حيث عزز الزخم الذي سعى منافسوه بكل جهدهم من أجل مقاومته. في حين أن العديد من المستثمرين والجهات القائمة على استطلاعات الرأي لا يتوقعون فوزه بالجولة الأولى اليوم الأحد، إلا أن هذا لا يزال ممكناً.
في حال إجراء جولة إعادة، فيرجح أن يكون ميلي أحد المرشحين لخوضها، لكن من غير الواضح من هم المرشحون الآخرون الذين سيواجههم في الإعادة.
مشاركة الناخبين
لم يشارك العديد من الأرجنتينيين، الذين أصيبوا بخيبة أمل من الساسة الذين لم يتمكنوا من حل أزمة اقتصادية ممتدة منذ عقود، في الانتخابات التمهيدية، التي بلغت نسبة المشاركة فيها 69%، وهي نسبة منخفضة تاريخياً.
في حين أنه يُتوقع أن يظل هذا المعدل بالقرب من أدنى مستوياته على الإطلاق، فإنه حتى الزيادة المحدودة سيكون لها تأثير غير متوقع على النتائج. تقدر شركة "لاتين سيكيوريتيز" (Latin Securities)، وهي شركة وساطة مقرها في بوينس آيرس، أن يدلي ما بين 2.5-4.5 مليون ناخب إضافي بأصواتهم اليوم الأحد.
يمكن أن يكون لذلك تأثير كبير في الانتخابات حيث كان الفارق بين المرشحين الأول والثالث في الانتخابات التمهيدية 600 ألف صوت فقط.
الأرجنتينيون على حافة الهاوية
يُحتمل أن يؤدي فوز ميلي من أول جولة اليوم الأحد إلى عمليات بيع حادة أخرى للعملة المحلية البيزو، حيث وعد بعملية دولرة للاقتصاد وإغلاق البنك المركزي- وهي تحركات يقول اقتصاديون إنها قد تدفع الاقتصاد إلى تضخم مفرط. انخفض سعر الصرف الرسمي، على الرغم من الضوابط الصارمة للعملة، بنسبة 50% حتى الآن هذا العام. أما في الأسواق الموازية، التي تعكس ما تستحقه العملة من وجهة نظر الناس، فقد أصاب الضعف البيزو من 500 لكل دولار في يوليو إلى أكثر من 1000 لكل دولار في وقت سابق من أكتوبر الجاري.
بعد النتيجة غير المتوقعة للانتخابات التمهيدية في أغسطس، خفضت الحكومة سعر الصرف الرسمي للبيزو بنسبة 18%. وتصاعدت المخاوف في الأيام القليلة الماضية بسبب حدوث انخفاض آخر في قيمة العملة بعد التصويت اليوم الأحد، مما دفع الشركات إلى تعليق مبيعات كل شيء، من مواد البناء إلى قطع غيار السيارات، وحتى المناشف الورقية للمراحيض.
بحسب بيانات البنك المركزي، هرع الأرجنتينيون إلى سحب ودائعهم الدولارية البالغة نحو 500 مليون دولار من البنوك خلال الأسبوع الماضي المنتهي في 17 أكتوبر، خوفاً من عدم ضمانها من قبل الحكومة. يشكل هذا الرقم 3% من إجمالي الودائع بالدولار في النظام المصرفي بالبلاد.
أسوأ انتخابات "بيرونية"
قد يواجه النهج البيروني أسوأ أداء انتخابي له منذ عودة البلاد إلى المسار الديمقراطي في عام 1983، فيما يعكس مدى خيبة أمل الأرجنتينيين من السياسيين. حصلت هذه القوة السياسية، التي كانت الأكثر هيمنة في الأرجنتين على مدار 70 عاماً ماضية، ممثلة في ائتلاف ماسا، على نسبة 27% فقط من الأصوات في الانتخابات التمهيدية في أغسطس.
مع ذلك، قد لا يزال لدى ماسا فرصة مواجهة ضارية، إذا خاض جولة إعادة أمام ميلي. يمكن أن يتيح الاستقطاب بينهما للسياسي البيروني الذكي الاستحواذ على ثقة المزيد من الناخبين الوسطيين الذين لا يستسيغون آراء ميلي الأكثر تشدداً.