خفضت وكالة ستاندرد أند بورز العالمية، تصنيفها الائتماني لديون مصر السيادية طويلة الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية إلى "-B" من "B"، برؤية مستقبلية مستقرة، بينما حافظت على تصنيف الديون السيادية قصيرة الأجل عند "B".
قالت وكالة التصنيف في تقرير صادر مساء يوم الجمعة إن الرؤية المستقبلية المستقرة للتصنيف الائتماني ترجع إلى التوازن بين المخاطر المتمثلة في احتمال عدم قدرة السلطات المصرية على تمويل عمليات سداد الديون الخارجية المرتفعة أو معالجة نقص العملة الأجنبية في البلاد، وبين إمكانية تسريع الإصلاحات النقدية والاقتصادية الرئيسية التي من شأنها أن تساعد في سد فجوة التمويل الخارجي الكبيرة في مصر.
أدى بطء التقدم في الإصلاحات النقدية والهيكلية الرئيسية إلى تأخير صرف التمويلات من الأطراف الثنائية والمتعددة التي تُعتبر ضرورية لتغطية احتياجات مصر المرتفعة من التمويل الخارجي، وهو ما أدى إلى نقص العملات الأجنبية، وفجوة واسعة بين أسعار الصرف الرسمية وغير الرسمية، مع انخفاض تدفقات التحويلات من الخارج، وضعف الثقة بنمو القطاع الخاص، وهو ما تسبب في خفض التصنيف الائتماني السيادي للبلاد بحسب "ستاندرد أند بورز".
كان "مورغان ستانلي" قد تبنى مؤخراً موقفاً متشائماً إزاء مصر، في ظل مواجهة الدولة التي تعاني من ضائقة مالية ما وصفه المصرف الأميركي بـ"زيادة المخاطر" في الأشهر المقبلة.
خفض البنك نظرته لأدوات الدين الحكومية لمصر من موقف "الحياد" إلى "عدم التحبيذ"، وكان قراره جزءاً من تقرير عدل فيه عن تفضيل ديون الأسواق الناشئة ذات المخاطر المرتفعة والعوائد السخية على الأوراق المالية ذات الدرجة الاستثمارية.
وقال استراتيجيو بنك "مورغان ستانلي" إن الانتخابات الرئاسية الوشيكة في شهر ديسمبر ستضعف قدرة مصر على مواصلة تنفيذ الإصلاحات بما في ذلك الانتقال إلى نظام مرونة أسعار الصرف، وهو شرط رئيسي في برنامج صندوق النقد الدولي لقرض بقيمة 3 مليارات دولار.
سيناريو سلبي
أشارت الوكالة إلى احتمالية خفض إضافي للتصنيف إذا فشلت السلطات في تنفيذ إصلاحات الاقتصاد الكلي المطلوبة للحد من الاختلالات الاقتصادية وإطلاق العنان للتمويل المتعدد الأطراف والثنائي، وكذلك يخضع التصنيف للسلبية إذا ارتفعت تكاليف التمويل الحكومي بصورة أكبر.
سيناريو إيجابي
في الوقت نفسه قد ترفع الوكالة تصنيف مصر السيادي إذا خفضت البلاد مستويات صافي الدين الحكومي وإجمالي احتياجات التمويل الخارجي، من خلال تسريع الإصلاحات التي تدعم القدرة التنافسية والنمو والإيرادات المالية. وفي ظل هذا السيناريو، تحتاج مصر لتجديد الدعم المالي الثنائي والمتعدد الأطراف.
الدعم الخليجي
تتوقع وكالة التصنيف أن تستمر دول مجلس التعاون الخليجي في دعم مصر، لأهمية البلاد في استقرار المنطقة، حيث قامت بعض دول مجلس التعاون الخليجي بإيداع 13 مليار دولار (2.7% من الناتج المحلي الإجمالي المصري للعام المالي 2022) في البنك المركزي المصري، بعد أسابيع قليلة من اندلاع الصراع الروسي الأوكراني في فبراير 2022، عندما أصبح من الواضح أن مصر ستواجه ضغوطاً مالية.
وبحسب "ستاندرد أند بورز" قامت دول مجلس التعاون الخليجي مؤخراً بتوجيه أموالها إلى مصر عبر طرق تركز على الجانب التجاري مثل شراء حصص في شركات مملوكة للدولة. كما تتوقع الوكالة أن تقدم دول مجلس التعاون الخليجي المزيد من الدعم الموجه تجارياً، مثل ما قدمته الإمارات من مبادلة عملات بقيمة 5 مليارات درهم إماراتي، والتي تم الإعلان عنها في سبتمبر، وهو ما يسمح لمصر بتمويل التجارة مع الإمارات حتى حدود هذا المبلغ بالجنيه المصري بدلاً من الدولار.
وبحسب وكالة بلومبرغ سيتحول تركيز المستثمرين على القروض المشتركة لمصر التي تستحق السداد في النصف الثاني من عام 2024، ومن بينها قرضان تبلغ قيمتهما معاً 5 مليارات دولار وحصلت عليهما البلاد من بنوك في الإمارات، وهذان القرضان على الأرجح سيتم تمديد أجلهما، في ضوء الدلائل على أن دول الخليج "مستعدة لدعم مصر في محاولة للحفاظ على استقرارها المالي".