عزز اقتصاد الصين نموه خلال الربع الثالث، بفضل الدعم الحكومي وانتعاش الإنفاق الاستهلاكي، بينما بقيت سوق العقارات متعثرة.
كشفت بيانات صادرة عن المكتب الوطني للإحصاء في البلاد، الأربعاء، أن الناتج المحلي الإجمالي صعد 4.9% بين يوليو وسبتمبر مقابل نفس الفترة من السنة الماضية. وبالمقارنة مع الربع الثاني من العام الحالي، نما الناتج المحلي الإجمالي 1.3%، وفاق كلا الرقمين توقعات خبراء الاقتصاد.
قفزت مبيعات التجزئة 5.5% في سبتمبر الماضي، وهو مستوى أعلى بكثير من التوقعات، كما تعد أكبر قراءة مسجلة للمؤشر منذ مايو الماضي. فيما هبط معدل البطالة قليلاً مسجلاً 5%، وهو أدنى مستوى له منذ نوفمبر 2021.
قال تشو هاو، كبير خبراء الاقتصاد بمؤسسة "غوتاي جونان انترناشيونال هولدينغز" في هونغ كونغ: "رغم أن خطر تباطؤ النمو للسنة المقبلة ما يزال قائماً، إلا أن القوة الدافعة قصيرة الأجل للاقتصاد محت على الأقل قدراً من الضبابية المحيطة به".
ارتفع اليوان 0.2% في كل من الأسواق الداخلية والخارجية. وتقدم مؤشر "هانغ سنغ تشاينا انتربرايزيز" 0.5% بعد إصدار البيانات، ما أدى إلى تعويض هبوط سابق بنسبة 0.8%. كما وسعت أسعار النفط الخام مكاسبها وارتفع النحاس 0.7%، ولم تشهد عوائد سندات الحكومة الصينية لأجل 10 أعوام تغيراً كبيراً.
أرقام أساسية من البيانات:
- صعد الناتج الصناعي 4.5% في سبتمبر الماضي بالمقارنة مع السنة السابقة، وهو أعلى من التقدير الأوسط للمحللين الذي توقع زيادة قدرها 4.4%
- زادت مبيعات التجزئة 5.5% في سبتمبر الماضي مقابل 4.9% للتوقعات الوسطى
- تقدمت استثمارات الأصول الثابتة 3.1% خلال أول 9 أشهر من السنة الحالية بالمقارنة مع نفس المدة من 2022، ما يعد أقل أوسط التوقعات البالغ 3.2%
- هبط الاستثمار العقاري 9.1% خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر الماضيين، وهو مستوى دون التوقعات
بلغ معدل البطالة 5% في نهاية سبتمبر المنصرم، وتحسن بشكل مطرد بداية من أغسطس الماضي
النشاط الاقتصادي في الصين
أظهر النشاط الاقتصادي بعضاً من بوادر الاستقرار خلال الأسابيع الأخيرة إذ بدأ الدعم الحكومي يُحدث تاثيراً فعالاً. انتعش نشاط المصانع تدريجياً، وبدأ تراجع الصادرات ينحسر بينما استهلاك الأسر آخذ في التعافي. أعطى ذلك الأمل في أن تتمكن الصين من بلوغ هدف نمو وضعته الحكومة عند 5% تقريباً للسنة الجارية.
أوضح تشيوي تشانغ، كبير خبراء الاقتصاد في "بينت بوينت أسيت مانجمنت" (Pinpoint Asset Management): "يرجح تحقيق هدف النمو الذي يبلغ 5%، أما عن السنة المقبلة فإن القضية الأساسية هي حجم هدف النمو الذي ستحدده الحكومة ومقدار التيسير المالي الذي سيحدث.
عبء قطاع العقارات الصيني
على صعيد قطاعات أخرى فشلت في الصمود أيضاً، ما زال قطاع العقارات يشكل عبئاً ضخماً إذ تواصل مبيعات المنازل تراجعها، ويتفاقم ضغط الائتمان وسط شركات التطوير العقاري، فضلاً عن شركة "كانتري غاردن هولدينغز" التي تسابق الزمن لتفادي أول حالة تخلف عامة عن سداد سندات المقومة بالدولار. ولم يكن الإنفاق الاستهلاكي خلال فترة عطلة الأسبوع الذهبي للشهر الحالي بالقوة التي كانت تطمح إليها الحكومة، وقد تواصلت مخاطر الانكماش.
أشار المكتب الوطني للإحصاء في بيان إلى أن أداء الاقتصاد "وضع أساساً متيناً لتحقيق أهداف التنمية للسنة بأكملها"، رغم تحذيره من وجود بيئة خارجية "أكثر تعقيداً وخطورة"، علاوة على عدم كفاية الطلب المحلي.
عكست بيانات مبيعات التجزئة التي جاءت أفضل من المتوقع تحسن الإنفاق الاستهلاكي في عدة مجالات، بداية من المطاعم والغذاء والملابس وصولاً إلى السيارات. وكان التراجع في الأنشطة السكنية جلياً، في ظل استمرار ضعف مشتريات الأثاث ومواد البناء والأجهزة الإلكترونية المنزلية.
ومن المتوقع أن يتراجع النمو خلال الربع الثالث من 6.3% خلال المدة من أبريل إلى يونيو على أساس سنوي. يعزى ذلك بطريقة كبيرة إلى أساس المقارنة مع السنة الماضية، والتي جاءت بعد صعود كبير نتيجة رفع عمليات الإغلاق المرتبطة بوباء كورونا في شنغهاي.
دعم حكومة بكين للأسواق
رغم ذلك، سيتوجب على القادة الصينيين اتخاذ قرار حول ما إذا كانوا سيقدمون دعماً أكبر لإبقاء التعافي على مساره.
وذكر ريموند يونغ، كبير خبراء اقتصاد الصين الكبرى في مصرف " أستراليا أند نيوزيلندا بانكينغ غروب" (Australia & New Zealand Banking Group): "ما يزال الشق الاستثماري ضعيفاً، لكن يبدو أن الاستهلاك قد تعافى بصورة جيدة، ونعتقد أن صناع السياسة النقدية سيركزون أكثر على تحقيق الاستقرار المالي. وسيتم ضخ إجراءات التحفيز الاقتصادي بحسب الحاجة".
أفادت "بلومبرغ نيوز" الأسبوع الماضي بأن المسؤولين يدرسون تعزيز عمليات إصدار السندات السيادية السنة الجارية لتمول الإنفاق على البنية التحتية، علاوة على التفكير في طرق تدعيم الثقة في سوق الأسهم. ويتوقع خبراء الاقتصاد أيضاً أن تقلص الصين أسعار الفائدة ونسبة متطلبات احتياطي النقدي للمصارف العام الحالي.