تراهن تونس على تمكنها من جذب استثمارات خارجية في قطاعات عدة من بينها صناعة أجزاء السيارات والطائرات، فيما تراهن على موسم سياحي "ممتاز" يمكنه أن يشكل رافداً للاقتصاد، ومصدراً للعملة الصعبة، ما يمكن البلاد التي تعيش في أزمة اقتصادية من سداد ديونها.
وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي سمير سعيد أشار في مقابلة مع "الشرق" إلى أن البلاد وضعت مستهدفاً للنمو عند 2.1% للعام المقبل، ارتفاعاً من نسبة تتراوح بين 0.9% و1% خلال هذه السنة.
تراهن تونس لتحقيق هذه النسبة الكبيرة في عام، على القطاع الخاص التونسي، والاستثمارات الخارجية، خصوصاً أن الاستثمارات العامة ستكون "محدودة بسبب الوضعية المالية التي نعيشها"، مضيفاً أن تونس "لديها اقتصاد متنوع، وتحتاج القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي".
تنافس مع العديد من الوجهات
تشهد البلاد منافسة مع العديد من الوجهات في المنطقة وغير المنطقة، على جذب الاستثمارات الصناعية وفقاً للوزير الذي نبه إلى أن هذه المنافسة أصبحت أيضاً دولية، قائلاً: "حتى البلدان المصنعة تريد أن تعيد التصنيع إلى بلادها"، في إشارة إلى التصنيع خارج الحدود.
رغم هذه المنافسة، إلا أن الوزير أبدى تفاؤلاً بشأن تونس، معتبراً أن لديها الكثير من الميزات والفرص، وهو ما يجعلها قادرة على جذب الاستثمار الخارجي.
القطاعات والأولويات
لدى تونس الكثير من القطاعات التنافسية وفق الوزير الذي ذكر منها الأنشطة الصيدلية، وصناعة مكونات السيارات والطائرات، مشيراً إلى أن "تونس أصبحت وجهة معروفة في هذا (المجال)، وهناك توسع لشركات تقوم بالبيع لشركتي إيرباص وبوينغ، وهي موجودة في تونس، ولديها برامج للتوسع"، كما هناك قطاع الصناعات الغذائية.
كما أشار إلى وجود رغبة بإعطاء الأولوية للاستثمارات ذات التأثير، والتي لديها 3 أبعاد، وهي: الربحية المالية، المحافظة على البيئة، والبعد الاجتماعي.
وأشار إلى أن الوزارة شخصت 20 قطاعاً للاستثمار، فيهم هذه العناصر الثلاثة، منها معالجة النفايات، وتحلية مياه البحر، معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استعمالها، بالإضافة إلى المشاريع المائية المرتبطة بالقطاع الزراعي نظراً لأن البلاد لديها شح مائي.
الرهان على السياحة
ولكن القطاع الصناعي لا يزال غير قادر على رفع الاقتصاد خلال عام واحد، لذلك تراهن تونس أولاً على القطاع السياحي الذي وصفه الوزير بـ"الممتاز" خلال العام الجاري، ومكّن البلاد من تدارك التراجع في القطاع الزراعي بسبب الجفاف الذي يضرب البلاد منذ 4 مواسم، وسيمكّنها من إنهاء السنة عند مستهدفاتها الجديدة للنمو.
تراهن تونس أيضاً على القطاع لمساعدتها في جذب العملة الصعبة المطلوبة لسداد القروض الخارجية وفق سعيد، مشدداً على التزام بلاده بـ"الوفاء بكل ديونها الخارجية، وسنبقى على هذا العهد رغم كل التحديات أو الظروف الصعبة التي عاشتها البلاد"، مضيفاً: "أملنا في السياحة كبير، وكذلك بطبيعة الحال الصناعة".
مفاوضات صندوق النقد
تضرر الاقتصاد التونسي بشدة من جائحة كورونا وتداعيات الحرب في أوكرانيا. وكانت السلطات توصلت إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد قيمته 1.9 مليار دولار في أكتوبر من العام الماضي، لكن الحكومة لم تنته بعد من الإصلاحات واسعة النطاق اللازمة للتوقيع، ومنها التخفيضات المؤلمة المحتملة في الإنفاق.
وقد يؤدي الإخفاق في الحصول على مساعدة من الصندوق، إلى التخلف عن السداد، ما سيدفع اقتصاد البلاد إلى حالة من الفوضى.
سعيد أشار إلى أن الصندوق طلب من البلاد رفع الدعم عن المحروقات والمنتجات الأساسية، بالإضافة إلى إصلاح المنظومة العمومية والمؤسسات العام، ونظام الجباية كي تكون أكثر عدالة. وأضاف أن البلاد حققت تقدماً في هذه الإصلاحات، ولكنه نبه إلى أن الحكومة ساهمت في "الحفاظ على السلم الاجتماعي وعلى مناخ الاستثمار، ونحن بصدد تعزيزه".
ولفت أيضاً إلى عدم وجود إطار زمني لإجراء مباحثات المادة الرابعة مع الصندوق، ولكنه أشار إلى وجود "تفهم لتونس، ورغبة من الجميع بالوقوف إلى جانبها في هذه الظروف".