استقر معدل تضخم أسعار المستهلكين في الصين بشكل مفاجئ في سبتمبر بينما استمر انكماش المنتجين، ما يشير إلى أن مسار الاقتصاد نحو النمو ما يزال هشاً ويحتاج إلى دعم إضافي.
قال المكتب الوطني للإحصاء، يوم الجمعة، إن مؤشر أسعار المستهلكين لم يتغير الشهر الماضي على أساس سنوي، وهو أضعف من التوقعات بفارق طفيف، كما يقترب من المستوى الانكماشي الذي انخفض إليه في يوليو. وارتفع مؤشر أسعار المستهلك الأساسي –الذي يستثني تكاليف الغذاء والطاقة المتقلبة– 0.8%، مثلما حدث في أغسطس. فيما تراجعت أسعار المنتجين 2.5% في سبتمبر، متراجعة بشكل طفيف عن الشهر السابق.
قال تشاوبنغ شينغ، كبير المحللين المعنيين بالصين في "أستراليا أند نيوزلند بانكينغ غروب" (Australia & New Zealand Banking Group Ltd): "جاءت بيانات التضخم لشهر سبتمبر أقل من إجماع المحللين، مما يوضح أن هناك طريقاً طويلاً في معركة بنك الشعب الصيني ضد الانكماش. ورغم إعلان الحكومة عن إجراءات عديدة لمواجهة التقلبات الدورية لتعزيز الطلب المحلي. لكن ثقة المستهلك ما تزال ضعيفة".
تفاقم أزمات العقارات في الصين يضرب أسعار المعادن الأساسية
أظهر الاقتصاد الصيني علامات استقرار في الأسابيع الأخيرة، مع انتعاش نشاط المصانع وتراجع الصادرات. لكن هناك مخاوف مستمرة بشأن التعافي، الذي ما يزال يواجه عقبات ناجمة عن أزمة العقارات وتراجع المعنويات.
سافر المستهلكون الصينيون وأنفقوا خلال فترة عطلة الأسبوع الذهبي الأخيرة مبالغ مالية أقل مما كانت تأمل الحكومة، في حين أثارت مبيعات المساكن الفاترة المخاوف بشأن ما إذا كانت هناك حاجة إلى تقديم مزيد من الدعم لتعزيز النمو.
تراجعت الأسهم الصينية في التعاملات المبكرة يوم الجمعة، مع خسارة مؤشر"هانغ سنغ تشاينا إنتربرايزز" 1.9%، وأصبح في طريقه لإنهاء سلسلة المكاسب التي استمرت ستة أيام. كما انخفض مؤشر الأسهم القياسي "سي إس أي 300" 1% تقريباً.
دراسة زيادة عجز الموازنة
ربما يكون الأسبوع الذهبي هو السبب وراء تباطؤ النمو في أسعار المواد الغذائية، وفقاً لما ذكرته دونغ لي جوان، كبيرة الخبراء في المكتب الوطني للإحصاء، التي قالت في بيان إن المعدل الأضعف يعود إلى وفرة الإمدادات الغذائية قبل العطلة. كما أشارت جوان أيضاً إلى أن قاعدة المقارنة المرتفعة مقابل مستوى التضخم العام الماضي، باعتبارها سبباً لاستقرار مؤشر أسعار المستهلك.
قال تشيوي تشانغ، رئيس شركة "بينبوينت أسيت مانجمنت" (Pinpoint Asset Management) وكبير خبراء الاقتصاد فيها: "يشير تضخم مؤشر أسعار المستهلكين عند الصفر إلى أن الضغط الانكماشي في الصين ما يزال يشكل خطراً حقيقياً على الاقتصاد. إن تعافي الطلب المحلي لن يكون قوياً دون دفعة كبيرة من الدعم المالي".
في وقت سابق من الأسبوع، ذكرت "بلومبرغ" أن الحكومة تدرس زيادة عجز ميزانيتها لهذا العام في إطار خطة لإنفاق المزيد من الأموال على البنية التحتية– وهو شكل من أشكال التحفيز لمساعدة الاقتصاد على تحقيق مستهدف النمو الرسمي المقدر عند نحو 5%.
حزمة تحفيزية "متواضعة" قد تضمن للصين تحقيق مستهدف النمو بـ5%
يتوقع خبراء اقتصاديون أيضاً أن يبحث المسؤولون في الصين اتخاذ تدابير أخرى قبل نهاية عام 2023، بما في ذلك خفض آخر لأسعار الفائدة. وقد لا يحدث ذلك قبل شهر أو شهرين آخرين، في حين يتوقع المحللون أن يبقي بنك الشعب الصيني (المصرف المركزي في البلاد) سعر الفائدة على تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل لمدة عام ثابتاً يوم الإثنين.
الأنظار تتجه إلى "الفيدرالي"
قد تكون خيارات السياسة النقدية مقيدة في ظل الاعتماد على التحركات المستقبلية من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة خلال سبتمبر بوتيرة سريعة، ما يعزز إبقاء بنك الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة لخفض التضخم.
توقعات برفع "الفيدرالي" للفائدة إثر زيادة هائلة في التوظيف
من جانبه، خفض صندوق النقد الدولي في الآونة الأخيرة توقعاته للنمو في الصين إلى 5% بدلاً من 5.2% في 2023، وإلى 4.2% عوضاً عن 4.5% لعام 2024.
يفقد الاقتصاد زخمه بسبب تراجع الاستثمار العقاري وأسعار المساكن التي تهدد الإيرادات الحكومية من مبيعات الأراضي، فضلاً عن ضعف معنويات المستهلكين، بحسب الصندوق.
ستوفر البيانات الإضافية الأسبوع المقبل مزيداً من الدلائل حول حالة الاقتصاد في الربع الثالث، بما في ذلك أرقام الناتج المحلي الإجمالي، ومؤشرات مبيعات التجزئة، والإنتاج الصناعي، والبطالة.