الحكومة عززت في الأسابيع الأخيرة الإجراءات الداعمة للنمو

الاقتصاد الصيني يظهر مزيداً من الاستقرار بفضل حزم التحفيز

زوار يصطفون للدخول إلى متحف القصر الإمبراطوري، المعروف أيضًا بالمدينة المحرمة، في بكين، الصين - المصدر: بلومبرغ
زوار يصطفون للدخول إلى متحف القصر الإمبراطوري، المعروف أيضًا بالمدينة المحرمة، في بكين، الصين - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

انتعش الاقتصاد الصيني في أغسطس، بعد طفرة في حركة السفر خلال الصيف وحملة التحفيز الكبيرة التي ساهمت في زيادة الإنفاق الاستهلاكي وإنتاج المصانع، مما أدى إلى ظهور علامات جديدة على الاستقرار. وقفز الإنتاج الصناعي مع نمو مبيعات التجزئة الشهر الماضي على أساس سنوي بما يتجاوز التوقعات، في حين انخفض معدل البطالة في المناطق الحضرية بشكل طفيف. ويرجع هذا التحسن إلى تعزيز الحكومة الصينية في الأسابيع الأخيرة الإجراءات الداعمة للنمو، بما في ذلك خطط تشجيع زيادة الإنفاق على السلع المنزلية وتخفيف القيود على شراء المساكن.

قال دينغ شوانغ، كبير الاقتصاديين لمنطقة الصين الكبرى وشمال آسيا في بنك "ستاندرد تشارترد": "ربما تجاوزنا ذروة التشاؤم. فتشير بيانات أغسطس إلى أن الاقتصاد قد لا يتعرض إلى أزمة مستمرة وعميقة في المستقبل رغم احتمال حدوث بعض التقلبات- خاصة إذا أخذنا في الاعتبار عنصر السياسة".

تفاعلت الأسهم الصينية المدرجة في هونغ كونغ إيجابياً، حيث أضافت البيانات إلى التفاؤل الناشئ بأن الجهود التي بذلتها بكين في الآونة الأخيرة لتنشيط الاقتصاد بدأت تؤتي ثمارها. واصل مؤشر "هانغ سنغ تشاينا إنتربرايزز" (Hang Seng China Enterprises)

ارتفاعه وصعد 1.7%. ومع ذلك، كان رد الفعل في البر الرئيسي ضعيفاً، حيث أخفق مؤشر شنغهاي شنزن (سي إس أي 300) في الحفاظ على ارتفاعه. وقد عانت الأسهم المتداولة في هونغ كونغ أكثر من نظيراتها المحلية من عمليات البيع هذا العام، مع انخفاض مؤشر "هانغ سنغ تشاينا إنتربرايزز" بأكثر من 8% في أغسطس. وقفز اليوان في التعاملات المحلية 0.5%، صوب تحقيق أعلى ارتفاع أسبوعي له منذ يناير، وكذلك عائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات وسط مشاعر الإقبال على المخاطرة.

قال ريدموند وونغ، محلل السوق لدى "ساكسو كابيتال ماركتس" في هونغ كونغ: "إن الرياح السياسية المواتية تكتسب زخماً رغم عدم وجود خطة تحفيز كبيرة.. نتوقع صعوداً في سوق الأسهم".

جاءت الأرقام الصناعية مدعومة بزيادة إنتاج السيارات، الذي حقق نمواً بنسبة 4.5% في أغسطس بعد انخفاضه في يوليو. وتحسن الإنفاق على المجوهرات ومستحضرات التجميل، مما ساهم في صدور بيانات أعلى من المتوقع لنمو مبيعات التجزئة.

الأرقام الرئيسية من البيانات

ارتفع الإنتاج الصناعي 4.5% على أساس سنوي، متجاوزاً التقديرات.
قفزت مبيعات التجزئة بنسبة 4.6% على أساس سنوي، متجاوزة التقديرات ومكاسب شهر يوليو البالغة 2.5%.
انخفضت الاستثمارات العقارية 8.8% في الفترة من يناير إلى أغسطس.
بلغ معدل البطالة في المناطق الحضرية 5.2% خلال أغسطس، أقل قليلاً من يوليو.

قطاع العقارات يشكل تحدياً

ومع ذلك، مازلنا في الأيام الأولى، وبيانات شهر واحد لا تكفي لتأكيد مسار التعافي المستدام. كما توجد دلائل أخرى على أن الطفرة الأولية في الإنفاق هذا العام قد بدأت في التراجع، وأن الأزمة المستمرة في قطاع العقارات لا تزال تشكل تحدياً. يضاف كل ذلك إلى التوقعات بأن جهود الحكومة من ناحية السياسة النقدية لم تنته بعد، حيث يتوقع كثير من الاقتصاديين مزيداً من خفض أسعار الفائدة أو غيرها من الإجراءات المرتقبة.

لم تكن جميع الأرقام المنشورة يوم الجمعة وردية أيضاً، فقد نما الاستثمار في الأصول الثابتة 3.2% خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2023 على أساس سنوي، متباطئاً عن الزيادة في الفترة من يناير إلى يوليو مع تفاقم تراجع الاستثمار العقاري. وانخفض معدل نمو الاستثمار في البنية الأساسية بشكل طفيف، رغم تسريع الأقاليم الصينية وتيرة إصدار سندات خاصة تستخدم لتمويل مشاريع البنية الأساسية. يشير ذلك إلى أن الأموال كانت بطيئة في التدفق وإحداث التأثير على النمو.

الشكوك تحيط باستدامة الإنفاق

قال المكتب الوطني للإحصاء في بيان مصاحب لإعلان الأرقام: "يجب علينا أيضاً أن ندرك أن هناك الكثير من أسباب عدم اليقين وعدم الاستقرار على المستوى الخارجي، كما يبدو أن الطلب المحلي لا يزال قاصراً". وقبل نشر مؤشرات يوم الجمعة، أظهرت بيانات سابقة أن التصنيع اتجه نحو التوسع الشهر الماضي، في حين انتعش الطلب على الائتمان وتراجعت الضغوط الانكماشية قليلاً.

ورغم أن المستهلكين كانوا ينفقون على خدمات مثل السفر وتناول الطعام خارج المنزل، تثور شكوك حول استدامة هذا الإنفاق. علاوة على أن توقعات سوق العمل قاتمة أيضاً، مما يزيد من التوترات. وفي الوقت نفسه، تراجعت الزيادة في مبيعات المنازل في المدن الكبرى التي جاءت عقب الإعلان الشهر الماضي عن بعض إجراءات التيسير في القطاع العقاري. وانخفضت أسعار المنازل بوتيرة أسرع في أغسطس مقارنة مع شهر يوليو.

قالت ميشيل لام، الخبيرة الاقتصادية لشؤون الصين الكبرى في بنك "سوسيتيه جنرال": "يمكن تقديم مزيد من التسهيلات في القطاع العقاري-معظمها من الحكومات المحلية- حال استمرار عدم استقرار المبيعات". وأشارت إلى احتمال التخفيف التام للقيود على شراء المنازل في المدن الكبرى، أو مواصلة خفض معدلات الفائدة على الرهن العقاري ونسب سداد الدفعة المقدمة.

المركزي الصيني يتخذ عدة خطوات

قد تكون رغبة بكين في مساعدة القطاع العقاري محدودة، حسب روبرت كارنيل، رئيس قسم الأبحاث وكبير الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى "آي إن جي غروب" (ING Groep). قال كارنيل إن الحكومة "فعلت الكثير بالفعل"، مشيراً إلى الجهود المبذولة بما في ذلك تذليل العقبات أمام شراء المنازل. وأوضح: "ما لا تفعله الحكومة -وما لا أعتقد أنها ستفعله- هو ضخ الأموال لتشجيع الناس بهدف شراء مزيد من العقارات".

قد يشمل التحفيز تخفيضات إضافية لأسعار الفائدة وغيرها من أدوات التيسير النقدي لدعم الاقتصاد وضمان أن يتعافى في نهاية المطاف. فقبل نشر البيانات يوم الجمعة، خفض بنك الشعب الصيني الاحتياطي الإلزامي في البنوك للمرة الثانية منذ بداية 2023 وضخ صافي سيولة 191 مليار يوان (26.2 مليار دولار) من خلال قرض لدعم السياسة النقدية لأجل عام في سوق ما بين البنوك.

أبقى المركزي الصيني سعر الفائدة على القرض ثابتاً بعد خفض مفاجئ الشهر الماضي. تزيد هذه الخطوات قدرة البنوك على شراء السندات ودعم الإنفاق الحكومي. كما أنها ستسهل على البنوك تلبية الطلب على السيولة النقدية في الفترة التي تسبق عطلة الأسبوع الذهبي القادمة في البلاد.

[object Promise]

قال دينغ من "ستاندرد تشارترد": "لن تتوقف الحكومة عن تعزيز دعم السياسات عندما يبدأ الاقتصاد في إظهار علامات التحسن هذه المرة"، مشيراً إلى أن البنك المركزي قال في بيانه بشأن خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي، إنه يعتزم تعزيز الدعم للاقتصاد حتى يتمكن من الانتعاش بطريقة مستدامة. وأضاف: "سيستمر تيسير السياسة النقدية لبعض الوقت"، متوقعاً خفض سعر الفائدة بمقدار 10 نقاط أساس في الربع الرابع.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك