استقر نمو الأجور في المملكة المتحدة عند مستوى قياسي في الأشهر الثلاثة المنتهية في يوليو، في إشارة على ترسخ التضخم الذي سيواصل الضغط على بنك إنجلترا لرفع أسعار الفائدة مجدداً.
قال مكتب الإحصاءات الوطنية، اليوم الثلاثاء، إن متوسط الدخل باستثناء المكافآت ارتفع 7.8% عن العام السابق، وهو ما يعادل أسرع وتيرة منذ بدء تتبع البيانات في 2001. وتتماشى هذه القراءة مع توقعات الاقتصاديين في استطلاع أجرته بلومبرغ.
وجاءت هذه القراءة على الرغم من الدلائل على أن سوق العمل بدأت تتراجع استجابةً للضغط الناجم عن زيادة تكاليف الاقتراض لأعلى مستوياتها منذ 2008. وارتفع معدل البطالة للشهر الثالث إلى 4.3%، واستمرت الوظائف الشاغرة في التراجع. ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يمنع ذلك بنك إنجلترا من رفع أسعار الفائدة للمرة الخامسة عشرة على التوالي في وقت لاحق من الشهر الحالي في معركته للسيطرة على التضخم الذي يفوق مستهدفه.
مسار سعر الفائدة
تتوقع الأسواق رفع الفائدة ربع نقطة مئوية إلى 5.5%، وترجح بنسبة 50% زيادتها مرة أخرى بحلول نهاية العام. وتتنبأ الأسواق بعد ذلك بالحفاظ على أسعار الفائدة ثابتة طوال معظم عام 2024، وهي وجهة نظر أيّدها مؤخراً كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، هيو بيل، الذي قال إنه يفضل مسار "Table Mountain" لأسعار الفائدة، أي بقائها مرتفعة لبعض الوقت.
وظهرت انقسامات قوية في البنك المركزي حول كيفية الاستجابة للتضخم. قال محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، إن بنك إنجلترا يقترب من نهاية أسرع سلسلة من زيادات أسعار الفائدة منذ أكثر من ثلاثة عقود. ومع ذلك، كشفت زميلته كاثرين مان يوم الاثنين عن انقسامات محتملة في لجنة السياسة النقدية عندما حثت المسؤولين على "تشديد السياسة النقدية بشكل أكبر" لمنع التضخم المرتفع من الترسخ.
وسيتحول التركيز الآن إلى بيانات التضخم المنتظر صدورها الأسبوع المقبل. ويتوقع بنك إنجلترا ارتفاعها مؤقتاً إلى 7.1% في أغسطس قبل أن يستأنف نمو الأسعار انخفاضه نحو هدف 2%.
زيادة بالإنفاق العام
ارتفاع نمو الأجور يشكل مشكلة أخرى لوزير الخزانة جيريمي هانت في الوقت الذي يحاول فيه إفساح المجال لتخفيضات ضريبية في الانتخابات العامة المتوقعة العام المقبل.
التزام "القفل الثلاثي" (triple-lock) -والذي ينص على رفع معاشات التقاعد الحكومية بنسبة أعلى من نمو الأجور أو التضخم، أو 2.5%- يعني أن المتقاعدين يمكن أن يحصلوا على دفعة في العام المقبل، حيث تستخدم هذه المعادلة بيانات الدخل للفترة من مايو إلى يوليو.
وعلى الجانب الآخر، يتوقع بنك إنجلترا أن يعود التضخم إلى أقل من 7% في سبتمبر، وهو الشهر المستخدم لتحديد مكوِّن مؤشر أسعار المستهلكين.
من المتوقع أن يزيد ذلك المليارات إلى الإنفاق العام، ورفض رئيس الوزراء ريشي سوناك الوفاء بالتعهد إذا بقي المحافظون في السلطة.
يرجح بنك إنجلترا ارتفاع معدلات البطالة بشكل مطرد إلى 5% بحلول 2026. ولكن يبقى السؤال الرئيسي هنا هو إلى أي مدى يجب أن يرتفع المعدل قبل أن تصبح سوق العمل هادئة بالقدر الكافي للتخلص من ضغوط الأجور، التي دفع بها العمال لمحاولة مواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة. وتعتقد "بلومبرغ إيكونوميكس" أن هذا المعدل أعلى من 4.25% الذي يفترضه بنك إنجلترا.
منح نقص العمالة العمال قوة تفاوضية غير مسبوقة، على الرغم من وجود دلائل تشير إلى عودة العديد من الأشخاص الآن إلى سوق العمل.