قبل أيام من النطق بالحكم، وجَّه "باركر إتش بيتيت" (Parker H. Petit) ضربة أخيرة لمنتقديه، ففي رسالة إلى القاضي المشرف على قضيته، وبّخ الرجل البالغ من العمر 81 عاماً، الذي أُدين العام الماضي بتهمة الاحتيال في الأوراق المالية، البائعين على المكشوف وغيرهم ممن قال، إنَّهم كلفوه حياته المهنية، وسمعته، وربما صحته.
وكتب "بيتيت"، الرئيس التنفيذي السابق لشركة التكنولوجيا الحيوية "ميمدكس غروب" (MiMedx Group Inc)، الذي يعاني من سرطان المثانة المتكرر: "ربما كان السبب في إصابتي بالسرطان، هو إحباطي من البائعين على المكشوف غير القانونيين، والتحقيقات التي أعتقد أنَّها خرجت عن السيطرة".
وفي يوم الثلاثاء، سيحكم القاضي "جيد إس. راكوف" على "بيتيت" في محكمة اتحادية في مانهاتن، لينهي بذلك مسيرة مهنية امتدَّت لأكثر من خمسة عقود قبل أن تنهار أخيراً.
وغادر "بيتيت" شركة "ميمدكس" في يونيو 2018، بعد أن وُجِّهت إليه تهمة رشوة العملاء، والتصريح الكاذب بالإيرادات، والكذب على مجلس الإدارة والمراجعين.
وفي نوفمبر، وجدته هيئة محلفين مذنباً في إحدى التهمتين اللتين وجهتا إليه، وحُكِم عليه بالسجن لمدة أقصاها 20 عاماً؛ كما أُدين نائبه السابق "بيل تايلور" بتهمة التآمر، ثم أعلنوا براءته من تهمة ثانية.
وطالب المُدَّعون بسجن بيتيت "لفترة طويلة"، وبحدٍّ أقصى خمس سنوات لـِ "تايلور"؛ إذ سيُصدر "راكوف" حكمه على "تايلور" يوم الأربعاء.
الضغط على ترمب
في أواخر عام 2020، استعان "بيتيت" بخدمات "مات شلاب" – الناشط المحافظ البارز، وعضو جماعات الضغط الذي تربطه علاقات قوية بـِ "دونالد ترمب" – للضغط من أجل عفو رئاسي وفقاً لنموذج إفصاح فيدرالي. وكان "بيتيت" الرئيس المالي لحملة الرئيس السابق في جورجيا لعام 2016؛ إلا أنَّ النجاح لم يكن من نصيب الجهد الذي كلَّف "بيتيت" 750 ألف دولار.
وفي رسالته بتاريخ 16 فبراير، قال "بيتيت" لـِ "راكوف"، إنَّه لم يرتكب الاحتيال عن قصد، وطلب تجنب عقوبة السجن. كما أرسل حوالي عشرين فرداً من أفراد عائلته وأصدقائه، وزملائه السابقين رسائل مطوَّلة مشيدين فيها بشخصيته.
فقد كتبت زوجته، "جانيت بيتيت" قائلة: "أعلم أنَّ جميع الجرائم تتطلَّب دافعاً، وأنا ببساطة لا أعرف ما هو الدافع الذي يجعل رجل أعمال ناجح يتحوَّل إلى محتال في سن 78".
وهو سؤال حاصر الرئيس التنفيذي السابق، وقبل أن يغادر تقاعده في عام 2011 لتولي شركة "ميمدكس"، ومقرُّها في مارييتا، جورجيا؛ أسس "بيتيت" وباع العديد من شركات التكنولوجيا الحيوية، وجمع أكثر من 100 مليون دولار في هذه العملية؛ إذ كان يمتلك قصراً على شاطئ البحر في فلوريدا بانهاندل؛ وفي عام 2012، قال عنه "جوني إيساكسون"، السناتور الجمهوري السابق من جورجيا، إنَّه "لم يعرف أبداً رجلاً أفضل منه". علاوةً على ذلك، زيَّن اسمه مركزاً لأبحاث التكنولوجيا الحيوية في معهد جورجيا للتكنولوجيا، كما زيَّن لاحقاً ملعبَ كرة قدم في جامعة ولاية جورجيا.
التحقيقات الفيدرالية
بدت "ميمدكس" كأنَّها قصة نجاح، فقد نمت لتصبح شركة بقيمة ملياري دولار. وقال ممثِّلو الادعاء العام الماضي، إنَّ هذا الارتفاع جاء في أعقاب انخراط "بيتيت"، و"تايلور" في مخطط لمواصلة سلسلة طويلة من التفوُّق على أهداف الإيرادات المتزايدة بقوة.
وفي عام 2017، ألقى البائعون على المكشوف بظلالٍ من الشكِّ على البيانات المالية لشركة "ميمدكس"؛ وبدأ المحققون الفيدراليون يحومون حول الموضوع؛ في حين أطلق مجلس الإدارة تحقيقاً داخلياً، وانخفض سعر السهم.
في المقابلات، أخبر موظفو "ميمدكس" السابقون حكايات عن ممارسات البيع غير الصحيحة، والمدفوعات غير المشروعة للأطباء، وثقافة يتمُّ فيها إبعاد أولئك الذين يُثيرون المخاوف. كما وجد التحقيق الذي أجراه مجلس الإدارة أنَّ "بيتيت" قد أمر بتركيب نظام للمراقبة بالفيديو، يسجل للموظفين سراً للعثور على المبلِّغين عن المخالفات وتقويضهم.
وقال "بيتيت" في رسالته، إنَّه قَبِل تحمُّل المسؤولية عن المخالفات المحاسبية، إلا أنَّه لم يُبدِ أي ندم. وقد صوَّر نفسه على أنَّه ضحية تآمر البائعين على المكشوف والمشرعين الذين يحولون عن عمد الإنفاذ إلى "مطاردة للساحرات".
وخصَّ بالذكر "مارك كوديس"، واصفاً إياه بأنَّه "أحد أكثر البائعين على المكشوف فساداً في البلاد". ورداً على الموضوع، صرَّح "كوديس"، الذي تمَّ الاتصال به عبر الهاتف يوم الإثنين، أنَّه يَعتبر فضح الأخطاء في "ميمدكس" أحد أفضل إنجازاته؛ فقد قال في إشارة إلى "بيتيت": "إنَّه تجسيد صريح للمجرمين أصحاب الياقات البيضاء".
في ختام رسالته، قال "بيتيت"، إنَّه تعرَّض بالفعل "لعقوبات شديدة"، لأنَّ استقالته في عام 2018 كلَّفته اتفاق إنهاء الخدمة، والأجر المؤجل.
وفي يناير، رفعت "ميمدكس" دعوى قضائية ضد "بيتيت" في محاولة لإلغاء التزامها بدفع أتعابه القانونية، واسترداد الأموال التي أنفقتها بالفعل؛ فقد قال "بيتيت"، إنَّ ذلك قد يكلِّفه 15 مليون دولار، ويقرِّبه من الإفلاس الشخصي. هذا ولم يرد رسمياً بعد على الدعوى.