تباطأ تراجع صادرات الصين في أغسطس على الرغم من الإشارات السابقة إلى أن الطلب العالمي على السلع الصينية لا يزال ضعيفاً.
قالت إدارة الجمارك يوم الخميس إن الشحنات الخارجية عند تقويمها بالدولار انخفضت بنسبة 8.8% الشهر الماضي مقارنة بالشهر ذاته العام الماضي، بينما انكمشت الواردات بنسبة 7.3%، وكلاهما أفضل من التقديرات. أدى ذلك إلى فائض تجاري قدره 68 مليار دولار لهذا الشهر.
مؤشرات استقرار النمو
قال ريموند يونغ، كبير الاقتصاديين لمنطقة الصين العظمى في مجموعة "أستراليا آند نيوزيلند بانكينغ" (Australia & New Zealand Banking) المصرفية: "تحسن بيانات التجارة الصينية يشكل علامة مبكرة على استقرار النمو".
وتشير بيانات أخرى إلى أن الطلب العالمي بدأ في الارتفاع، ما يوفر بعض الأمل للتجارة الصينية في الأشهر المقبلة. كما انخفضت صادرات كوريا الجنوبية –وهي دولة رائدة في التجارة العالمية- بوتيرة أكثر اعتدالاً في أغسطس مقارنة بالشهر السابق.
قطاع الخدمات في الصين ينمو بأضعف وتيرة منذ ديسمبر
أظهرت بيانات يوم الخميس أن شحنات الصين إلى أوروبا ودول آسيان تواصل الانخفاض بنسبة من رقمين، ولكن ظهر تحسن ملحوظ في التجارة مع الولايات المتحدة، حيث انخفضت الصادرات الصينية 9.5% في أغسطس، مقارنة بتراجع بنسبة 23.1% في يوليو.
أهمية الصادرات بالنسبة للصين
كانت الصادرات داعماً رئيسياً للنمو بالنسبة للدولة خلال فترة الوباء، لكن الطلب العالمي الضعيف أثر على الشحنات على مدار العام وأدى إلى تفاقم التباطؤ الاقتصادي. ورغم أن الاقتصاديين ما يزالون يتوقعون أن يتوافق النمو في الصين مع الهدف الحكومي الرسمي البالغ 5% لهذا العام، إلا أن أزمة العقارات المستمرة وضعف الثقة لا يزالان يُعيقان النمو.
بالتزامن مع ذلك، قدم الانخفاض المعتدل في الواردات إشارة إلى أن تراجع الطلب المحلي ربما يكون وصل إلى أدنى مستوياته بالفعل ويستعد للارتفاع. وأقرت الحكومة الصينية في الأسابيع الأخيرة سلسلة من الإجراءات الإضافية لتعزيز ثقة الأعمال ومساعدة سوق العقارات المتعثرة، التي تعد مصدراً رئيسياً للاضطرابات الاقتصادية.
هل تستمر الصين في دعم القطاع العقاري المتعثر؟
وكتب الاقتصاديون في شركة "كابيتال إيكونوميكس" في مذكرة بحثية: "من المرجح انتعاش الواردات بشكل أكبر في الأشهر المقبلة، كما أن التقدم بوتيرة أكبر في مشاريع الإسكان القائمة وزيادة الإنفاق على البنية التحتية يعززان نشاط البناء والتشييد".
تراجع الأسهم واليوان
على الجانب الآخر، انخفض مؤشر الأسهم الصيني "سي إس آي 300" بنسبة تصل إلى 1% يوم الخميس، وتراجع مؤشر "هانغ سنغ" للشركات كذلك بما يصل إلى 1%. فيما ارتفع العائد على السندات الحكومية لأجل 10 سنوات بشكل طفيف إلى 2.76%.
على صعيد العملات، استمر تراجع اليوان داخل الصين، حيث تم تداوله بالقرب من أضعف مستوياته منذ 2007. وحتى مع تحسن البيانات التجارية، فمن المرجح أن يظل المستثمرون متشائمين بشأن الأصول المقومة باليوان بسبب تباطؤ النمو العام، والتوقعات بأن أسعار الفائدة الأميركية ستظل مرتفعة لفترة أطول.
الأسواق الناشئة تفاقم خسائرها وسط بيانات الصين المخيبة
وقال تشو هاو، كبير الاقتصاديين في شركة "غوتاي خونان إنترناشيونال هولدينغر" (Guotai Junan International Holdings): "زخم النمو ما يزال ضعيفاً بوجه عام. وما تزال البيانات تشير إلى استمرار الرياح المعاكسة رغم وجود تحسن طفيف".
يقول المحلل الاقتصادي إريك تشو: "حتى لو توقف تراجع الاقتصاد، فإن إنعاش الطلب الذي تضرر من الركود العقاري العميق سيتطلب إجراءات أكثر صرامة من الحكومة. إن التدابير الأكثر جرأة التي أُعلن عنها في الأسابيع الأخيرة -بما في ذلك القواعد الأكثر مرونة لمشتري المنازل- ستستغرق وقتاً طويلاً حتى تصل إلى مرحلة التنفيذ".
رأي "بلومبرغ إيكونوميكس":
وبحسب تشو هاو فإن توقعات وصول التجارة إلى أدنى مستوياتها ومن ثم ارتفاعها مجدداً ستتوقف على عدة عوامل، بما في ذلك الطلب المحلي وتأثير إجراءات التيسير في قطاع العقارات.
من الناحية الأخرى، أعطت البيانات الأخيرة الأخرى بعض الأسباب للتفاؤل الحذر، حيث انكمش المقياس الرسمي لنشاط التصنيع للشهر الخامس على التوالي في أغسطس، إضافة إلى تباطؤ نشاط الخدمات وهي علامة على أن الإنفاق الاستهلاكي ما يزال ضعيفاً.
وتجنبت السلطات حتى الآن أي تحفيز مالي واسع النطاق وسط مخاوف بشأن ارتفاع مستويات الديون في الاقتصاد. ويتوقع بعض الاقتصاديين أن الصين لن تحقق هدف النمو البالغ حوالي 5% لهذا العام، وقالت "بلومبرغ إيكونوميكس" إن الناتج المحلي الإجمالي للصين قد لا يتجاوز نظيره في الولايات المتحدة على المدى الطويل.