يحتضن الشرق الأوسط بعضاً من أكبر صناديق الثروة السيادية حول العالم، التي يقترب إجمالي أصولها من 3 تريليونات دولار، وتحولت بسبب ذلك إلى جهات استثمارية عملاقة، ولاعب رئيسي في مشهد إبرام الصفقات العالمي.
ضخت هذه الكيانات بما فيها جهاز أبوظبي للاستثمار وصندوق الاستثمارات العامة السعودي، مليارات الدولارات في مجالات شتى مثل التكنولوجيا والتمويل والرياضة، وذلك في دول تمتد من أستراليا إلى كندا، وكان هذا بفضل المكاسب الكبيرة التي جنتها بعد فورة السلع الرئيسية العام الماضي.
جذب ذلك أسماء لامعة في مشهد التمويل العالمي، بداية من راي داليو وراجيف ميسرا، اللذين يعملان بشكل وثيق مع رؤساء هذه الصناديق الذين يتمتعون بنفوذ كبير.
الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان
يقود الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان سليل العائلة الحاكمة في أبوظبي -المولود في أواخر الستينيات- إمبراطورية تقدر بنحو 1.5 تريليون دولار وتضم صندوقين للثروة، إلى جانب أهم شركة استثمار خاصة في المنطقة، وأكبر بنك، وأكبر شركة مدرجة في الإمارات. كما أنه واحد من نائبين لإمارة أبوظبي، ومستشار الأمن القومي للدولة وشقيق رئيسها، ما يمنحه نفوذاً أكبر من معظم نظرائه في المنطقة.
وفقاً لبيانات مؤسسة "غلوبال اس دبليو اف"، احتل جهاز أبوظبي للاستثمار -الذي يرأسه الشيخ طحنون منذ مارس الماضي- المركز الثاني بين أكبر صناديق الثروة الرئيسية إنفاقاً في الشرق الأوسط من بداية 2022. وبوصفه رئيساً لشركة "القابضة" (ADQ)، أشرف الشيخ طحنون كذلك على الاستحواذ على أصول بمليارات الدولارات في مصر، وتعهد باستثمارات تدعم الاقتصاد التركي. كما لعب دوراً محورياً في إبرام الصفقات الرامية إلى تعزيز الأمن الغذائي، بما فيها الاتفاق على شراء حصة في شركة "لويس دريفوس" (Louis Dreyfus).
الشيخ منصور بن زايد آل نهيان
اكتسب الشيخ منصور (شقيق الشيخ طحنون والشيخ محمد بن زايد رئيس الإمارات) شهرته العالمية بوصفه مالكاً لنادي مانشستر سيتي الإنجليزي لكرة القدم. وهو أحد أكثر رجال الأعمال نفوذاً في أبوظبي.
يتولى الشيخ منصب نائب رئيس الإمارات ونائب رئيس الوزراء، كما أصبح رئيساً لمجلس إدارة صندوق شركة "مبادلة للاستثمار" الذي تبلغ قيمته 276 مليار دولار، في مارس الماضي. فيما يتولى خلدون المبارك، وهو مسؤول بارز في الدولة، منصب الرئيس التنفيذي للصندوق منذ عقدين تقريباً. ويشرف الاثنان معاً على عدة استثمارات بما في ذلك بنك أبوظبي الأول (أكبر مصرف في الإمارة). وهناك حيازات أخرى في مجموعة "كارلايل" (Carlyle) وشركة "غلوبال فاوندريز" (GlobalFoundries)، وهي أكبر مورد في أميركا لأشباه الموصلات المصممة تحت الطلب.
يدعم الصندوق أيضاً الكيان الجديد الذي يشرف عليه راجيف ميسرا، وتبلغ قيمته 6.8 مليار دولار، كما اغتنم فرص الاستثمار في شركات التكنولوجيا عندما تراجعت تقييماتها العام الماضي. ولطالما ساهمت "مبادلة للاستثمار" بقوة في جهود تنويع اقتصاد أبوظبي بعيداً عن النفط، بما في ذلك استثماراتها في قطاع الرعاية الصحية وحتى التمويل.
يرأس الشيخ منصور، الذي أصبح في العقد السادس من العمر، أيضاً جهاز الإمارات للاستثمار البالغة قيمته 90 مليار دولار. ويستحوذ الجهاز على حصة بنسبة 60% من مجموعة "الإمارات للاتصالات" (&e) البالغة قيمتها 60 مليار دولار –أكبر مساهم في مجموعة "فودافون"– التي تتبع استراتيجية توسع عالمية طموحة.
ياسر الرميان
هو محافظ صندوق الاستثمارات العامة القوي في السعودية، وأحد الأشخاص الرئيسيين المكلفين بتنفيذ استراتيجية رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بهدف إصلاح اقتصاد المملكة.
يقود الصندوق جهود التنويع في المملكة بدءاً من مدينة "نيوم" المستقبلية التي تبلغ قيمتها 500 مليار دولار، ومروراً بالصفقات المثيرة التي تقلب عالم الرياضة رأساً على عقب، وحتى الاستثمارات في التعدين والألعاب الإلكترونية والتكنولوجيا.
تجاوز إنفاق الصندوق (البالغة قيمته 760 مليار دولار) كل نظرائه في المنطقة منذ بداية عام 2022، بدعم من ارتفاع أسعار النفط العام الماضي.
يرأس ولي العهد السعودي (الأمير محمد بن سلمان) صندوق الاستثمارات العامة، كما ساعد في تشكيل استراتيجيته، بما في ذلك تحويل تركيزه إلى قطاعات مثل الألعاب الإلكترونية.
الرميان في الخمسينيات من عمره وعاشق لرياضة الغولف؛ وقد اضطلع بدور أساسي في إتمام اتفاق الشراكة المفاجئة بين رابطة محترفي الغولف ودوري "ليف غولف" هذا العام.
كما يمتلك اصندوق الاستثمارات العامة حصة في شركة النفط الحكومية العملاقة "أرامكو"، التي يرأس الرميان مجلس إدارتها. ومن بين الاستثمارات الأخرى أيضاً خارج المملكة، يعد الصندوق داعماً رئيسياً لمجموعة "لوسيد" (Lucid Group)، ولديه حصتان كذلك في شركتي "إلكترونيكس آرتس" (Electronic Arts) و"نينتندو" (Nintendo).
منصور آل محمود
يشغل منصور إبراهيم آل محمود منصب الرئيس التنفيذي في جهاز قطر للاستثمار، الذي تبلغ قيمته 450 مليار دولار ويعتبر أحد أكبر المستثمرين السياديين في أوروبا. ويملك الجهاز حصصاً في شركات تمتد من عملاقة تعدين السلع الأساسية "غلينكور" (Glencore) إلى سلسلة متاجر السوبر ماركت "جي سينسبري" (J Sainsbury)، إضافة إلى شركة صناعة السيارات "فولكس واجن" التي يشغل آل محمود، وهو من مواليد السبعينيات، عضوية مجلس إدارتها.
أدى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال الذي تعد الدوحة واحدة من أكبر مصدريه إلى إنعاش خزائن قطر. وخلال وقت سابق من هذا العام، أشار آل محمود -الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي في 2018- إلى عزم الصندوق على زيادة الإنفاق في آسيا والولايات المتحدة، حيث يخطط للاستثمار هناك في مجالات مكافحة تغير المناخ والبنية التحتية والرقمنة.
يتطلع الصندوق أيضاً إلى الحصول على موطئ قدم أكبر في جهود النمو الاقتصادي داخل قطر نفسها، بعد انتهاء سنوات من إنفاق البلاد الضخم على استضافة كأس العالم لكرة القدم.
تولى الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي، منصب رئيس جهاز قطر للاستثمار هذا العام. ومن غير المرجح أن تؤدي هذه الخطوة إلى تعديلات على استراتيجية الصندوق أو مدى إقباله على الاستثمار.
