من المتوقع أن يكون نمو الوظائف في الولايات المتحدة خلال العام المنتهي في شهر مارس، أضعف مما تظهره البيانات الحالية، وربما يكون عدد الوظائف أقل بنحو 500 ألف وظيفة، وفق ما أشار إليه أحد التقديرات.
قال دانييل سيلفر من "جيه بي مورغان تشيس أند كو"، إن المراجعة الأولية للحكومة التي ستُعلن يوم غد الأربعاء، يُقدّر أن تخفض مستوى إجمالي التوظيف المعلن في شهر مارس بما يقرب من نصف مليون وظيفة، أو نحو 40 ألف وظيفة لكل شهر على مدى 12 شهراً.
لكن حتى مع تعديل الأرقام وخفضها بهذا الحجم، يظل متوسط نمو الوظائف قوياً عند نحو 300 ألف وظيفة شهرياً. ونتيجة لذلك، من غير المرجح أن تؤدي المراجعات إلى تغيير جوهري في وجهة نظر الاقتصاديين بشأن صحة سوق العمل.
قال أوسكار مونوز، كبير استراتيجيي الاقتصاد الكلي في الولايات المتحدة في "تي دي سيكيوريتيز" (TD Securities): "رغم أننا نتوقع أن تشير التقديرات الأولية لمكتب إحصاءات العمل إلى أن نمو الوظائف لم يكن قوياً كما أُعلن عنه في البداية، فإن التعديلات على الأرجح لن تكون كبيرة إلى درجة تظهر أن هناك تحولاً جوهرياً في ظروف سوق العمل".
التوظيف بالشركات الأميركية يفوق التوقعات في يوليو
في العام الماضي، فاجأت تقارير التوظيف الرسمية الاقتصاديين بنمو أكبر من المتوقع في جداول الرواتب. وكانت تلك الأرقام أيضاً من بين الأسباب الرئيسية التي دفعت باتجاه الاستمرار في رفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، إذكان صناع السياسة النقدية يسابقون الزمن لاحتواء التضخم.
يصدر مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة بشكل شهري، تقديراته لكشوف الأجور في مجموعة من القطاعات، بناء على ردود عينة من أرباب العمل. ومع كل تقرير وظائف شهري جديد، تكون هناك في العادة مراجعة للشهرين السابقين، وذلك في ضوء تلقي المكتب بيانات الرواتب من عدد إضافي من الشركات.
كذلك، يقوم مكتب إحصاءات العمل مرة واحدة خلال العام، بقياس مستوى كشوف الأجور لشهر مارس، وذلك للحصول على مصدر بيانات أكثر دقة، وإن كان متأخراً زمنياً، وهو ما يُسمى "التعداد ربع السنوي للتوظيف والأجور".
أبرز 5 استنتاجات من تقرير الوظائف الأميركية لشهر يوليو
تستند بيانات "التعداد ربع السنوي للتوظيف والأجور" إلى السجلات الحكومية للضرائب على التأمين ضد البطالة، والتي تغطي كل الوظائف في الولايات المتحدة تقريباً. وبمجرد أن تتم مطابقة أرقام الرواتب لشهر مارس مع هذه البيانات، يجري توزيع الفارق بشكل تناسبي على مدار أشهر العام المنتهي في مارس.
التعداد ربع السنوي
ستصدر يوم غد الأربعاء أيضاً، أرقام "التعداد ربع السنوي للتوظيف والأجور" للربع الأول من العام الجاري. لكن في ظل البيانات الحالية، فإن نمو جداول الأجور المُبلّغ عنه يبدو أقوى مما تشير إليه بيانات "التعداد ربع السنوي للتوظيف والأجور". يساعد هذا الأمر في تفسير سبب توقعات الاقتصاديين بأن تظهر المراجعة الأولية لجداول الرواتب نمواً أقل في الوظائف. وكان محضر اجتماع لجنة السياسة النقدية لشهر يونيو قد أظهر أن بعض مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي تحدثوا عن هذا التضارب في الأرقام.
بالنسبة إلى مونوز من "تي دي سيكيوريتيز"، فإن الرسالة التي ستقدمها المراجعة، يُرجح أن تظل كما هي عليه، وهي أن "سوق العمل مستمرة في العودة إلى وضعها الطبيعي".
يشكل تماسك سوق العمل عنصراً أساسياً في مرونة الاقتصاد الأميركي، وكان الاقتصاديون يراقبونها عن كثب بحثاً عن أي علامات على ضعفها. ورغم أن زيادة الوظائف سجلت تراجعاً تدريجياً، إلا أنها لا تزال تشير إلى طلب قوي على العمالة.
قال ستيوارت بول من "بلومبرغ إيكونوميكس"، إن بيانات "التعداد ربع السنوي للتوظيف والأجور" يُرجح أن تؤكد صحة وجهة نظر المجموعة منذ فترة طويلة، والقائلة إن سوق العمل أضعف مما توحي به العناوين الرئيسية. لكنه أضاف أن "الأشخاص الذين قالوا صراحة إن سوق العمل ضيقة، قد يتعرضون لصدمة".
يقدّر ستيف إنغلاندر من بنك "ستاندرد تشارترد" أن المراجعة بالخفض، يمكن أن تصل إلى نحو 650 ألف وظيفة أقل، مع تركز جزء كبير من هذا الخفض في الأرباع الأخيرة. وقال إنغلاندر إن ذلك من شأنه أن يشير إلى "وضع سوق عمل أضعف بكثير" من الوضع الذي دفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى تشديد سياسته النقدية في الأرباع الأخيرة. وأضاف: "هذا من شأنه أن يقلل من الضغط لإقرار المزيد من رفع أسعار الفائدة".
التقديرات الأولية للحكومة ستتبعها مراجعات نهائية يتم دمجها في تقرير الوظائف لشهر يناير، والذي يصدر في فبراير.
نموذج المواليد والوفيات
واحد من الأسباب التي تدفع خبراء الاقتصاد إلى القول إن بيانات الرواتب الشهرية أقوى من أرقام "التعداد ربع السنوي للتوظيف والأجور"، يعود إلى ما يُعرف بتعديل المواليد والوفيات. في أي شهر، تنطلق أعمال وشركات جديدة، بينما تغلق أخرى أبوابها نهائياً. يَستخدم ما يُعرف بـ"نموذج المواليد والوفيات"، البيانات التاريخية، في محاولة لضبط الأرقام في قطاعات مختلفة من العينة المعتمدة.
قال جوناثان ميلار، كبير الاقتصاديين في بنك "باركليز": "يعتقد الكثيرون في الواقع أن تعديل المواليد والوفيات في مسح المؤسسات، كبير للغاية". لكن، إذا نظرنا إلى مصادر البيانات الأخرى، مثل تطبيقات الأعمال الجديدة، "فهذا يشير إلى أن تعديلات المواليد والوفيات قد تكون مناسبة".
أضاف ميلار: "لن يكون مستغرباً أن تنتهي المراجعة بتقليص أقل لعدد الوظائف مما استنتجناه من أرقام الربع الرابع. ولن يكون مستغرباً أيضاً أن تأتي المراجعة إيجابية".
في الواقع، أشار ميلار إلى أنه من الممكن أن تكون المراجعة الأولية سلبية، لكن تأثير ذلك سيتلاشى تماماً بحلول الوقت الذي تُنشر فيه البيانات الرسمية في أوائل العام المقبل، إذا جرى تعديل بيانات "التعداد ربع السنوي للتوظيف والأجور" بالزيادة.