"بريكس" ليست مناهضة للغرب ولا تكتلا

شعار "بريكس 2023" في جنوب أفريقيا - المصدر: بلومبرغ
شعار "بريكس 2023" في جنوب أفريقيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

على الولايات المتحدة وحلفائها من الدول الغربية أن تستقبل بقدر من التحفظ وعدم الاكتراث تلك الأبهة الظاهرية والمواقف الاستعراضية في قمة مجموعة "بريكس" هذا الأسبوع في جوهانسبرج.

صحيح أن هذه "المجموعة"-التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا- تمثل أكثر من 40% من سكان العالم، وأن دولاً أخرى في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية قد تنضم إليها. وصحيح أيضا أن مجموعة "بريكس" ترغب في تقديم نفسها على أنها كيان جيوسياسي غير غربي أو مناهض للغرب ويعد بديلاً عن الهيمنة الأميركية. لكنها ليست كذلك ولن تكون.

بداية، هناك دائما مبالغة عند إطلاق شيء ما - سياسة أو مؤسسة أو مجموعة أو نادٍ - لمجرد أن شخصاً توصل إلى اختصار رائع. هذه هي بالضبط الطريقة التي بدأت بها مجموعة بريك (التي أصبحت فيما بعد بريكس). صاغ جيم أونيل المصطلح في عام 2001 أثناء عمله خبيراً اقتصادياً في مصرف الاستثمار العالمي "غولدمان ساكس" وكان بحاجة إلى تسمية سريعة ومختصرة لوصف العديد من الأسواق التي بدت واعدة للمستثمرين، ولكن بخلاف ذلك لم يكن هناك شيء واضح مشترك.

كيف أصبحت "بريكس" مؤثرة ولماذا يريد الآخرون الانضمام إليها؟

تبنت دول "بريكس" التسمية لأنها تناسب مسارين: انتشار وشيوع صناعة الأسماء المختصرة، ولكن أيضاً صيحة ظهور التكتلات. أعتقد أن صيحة تشكيل التكتلات انبثقت من انتقال العالم من عالم ثنائي القطب إبان الحرب الباردة إلى لحظة القطب الأوحد في ظل الهيمنة الأميركية والعودة المفترضة إلى التعددية القطبية منذ ذلك الحين.

"الاتحاد" كلمة جاذبة في كل "التكتلات"

في هذا العالم شديد التعقيد، تفترض الدول أنها يجب أن تنتمي إلى نوع من التحالف، وربما عدة تحالفات.

اليوم هناك مجموعة كبيرة التنوع من التجمعات للاختيار من بينها.

فعلى سبيل في أفريقيا، تحتوي القارة (لن أذكر الاختصارات) على "اتحاد المغرب العربي" والسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا) و"تجمع دول الساحل والصحراء" و"مجموعة شرق أفريقيا" و"المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا" و"المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا"، ناهيك عن الاتحاد الأفريقي.

في الواقع، تحظى كلمة "اتحاد" بشعبية خاصة بين الكتل لأنها تنص على الوحدة حيث لا تتجسد عادة في الواقع.

هذا صحيح حتى بالنسبة للاتحاد الأوروبي، الذي هو الأقرب لكونه تكتلاً حقيقياً، بمعنى الاتحاد الكونفدرالي. في مجالي التجارة والتنظيم، يمثل الاتحاد الأوروبي قوة عالمية.في كل المجالات الأخرى، على الرغم من ذلك، هو تكتل للدول التي لا يمكن أن تتفق على الكثير، والتي بالتأكيد لا يمكن أن تصمد في وجه القوى الكبرى في العالم عند الضرورة.

لدى بقية الكتل في العالم أقل من ذلك كثيراً تقدمه لأعضائها. أميركا اللاتينية، على سبيل المثال، تفخر بجهودها، مع "نظام التكامل لأميركا الوسطى" والجماعة الكاريبية (كاريكوم) والسوق الجنوبية المشتركة (ميركوسور) وما إلى ذلك.

وكلما تلاشى أحد التكتلات، مثل اتحاد دول أميركا الجنوبية، يحل مكانه الآخر، مثل"بروسور"، وهو منتدى تقدم أميركا الجنوبية.

لا تعولوا على تلك التكتلات كثيراً.من بين كل الحلفاء الطموحين، يمكن القول إن مجموعة "بريكس" لديها أقل القواسم المشتركة،باستثناء كراهية نفوذ الولايات المتحدة في التمويل والاقتصاد والجغرافيا السياسية عالمياً

.

كثير من الورق

تتألف"بريكس" من ثلاث ديمقراطيات في مراحل مختلفة من التراجع واثنين من الأنظمة الاستبدادية القمعية بشكل متزايد.

ويرجح أن تواجه الصين والهند بعضهما البعض في حرب بقدر ما تتعاونان. وهذا يختلف تماماً، على سبيل المثال، عن مجموعة السبع، وهي نادٍ للديمقراطيات الليبرالية الغنية ذات الشعور المشترك بالوصاية على الاقتصاد العالمي.

شيء واحد تتفوق فيه جميع الكتل والاتحادات والمنتديات هو كثرة استخدام الأوراق. الاتحاد الأوروبي يفوز باللقب في هذه الفئة، إما بعشر أو أحدى عشرة رئاسة، حسب العدد.

لكن حتى التكتلات الأصغر تتباهى بأماناتها والرئاسة الدورية وما يرتبط بها من بيروقراطيات.على سبيل المثال، أطلقت دول "بريكس" بنك التنمية الجديد، وهو مصرف يهدف لأن يحل مكان البنك الدولي (مرة أخرى، كون الأخير موجود في واشنطن).

بنك "بريكس": لا توجد خطة لإصدار عملة مشتركة حالياً

عندما تصل الكتل إلى أهداف أسمى، فإنها تصبح كرهاً هدفاً للسخرية. طرحت دول "بريكس" فكرة العملة المشتركة-الأفضل لإسقاط الدولار الأميركي المكروه من موقعه العالمي.لكن تكتلاً فقط، هو الاتحاد الأوروبي، الذي أقام اتحاداً نقدياً، وحتى ذلك جاء على حساب تكرار تجارب كانت تقترب بها من الموت. إن الفكرة القائلة إن دول "بريكس" ستوحد أموالها وبنوكها المركزية وسياستها المالية والنقدية، كما يقول أونيل، صاحب اختيار الاسم، فكرة "سخيفة".

تنوع أسباب التواجد في "بريكس"

في الواقع، كل واحدة من دول "بريكس" الخمس متواجدة فيها لأسباب مختلفة. خذ الصين على سبيل المثال. إنها تريد إزاحة الولايات المتحدة كقوة مهيمنة وتواصل إقامة الكتل التي تعتقد أنها يمكن أن تهيمن عليها لهذا الغرض. تشمل هذه المحاولات، مبادرة الحزام والطريق، وهو برنامج البنية التحتية العابر للقارات، ومنظمة شنغهاي للتعاون، مجموعة أوروآسيوية، و(16 +1) (سابقا17 + 1)، وهي آلية تنسيق يتردد أن الصين تتعاون بموجبها مع بلدان وسط وشرق أوروبا. أدرك الأوروبيون في تلك الآلية أن "+1" ويقصد بها الصين، تريد حقا أن تقود 16 دولة.

بالنظر إلى أهداف الصين في "بريكس"، لا يمكن أن تكون البرازيل أو روسيا أوالهند أو جنوب أفريقيا ولا البلدان الأخرى التي أعربت عن اهتمامها بالانضمام، مثل إندونيسيا، متحمسة حقاً لأن تصبح تابعة لبكين فقط لتلقين واشنطن درساً. وهذا الوضع هو أحد الأسباب التي تجعل المنتدى يكافح من أجل إبراز القوة الناعمة، ناهيك عن صعوبة ذلك.

زعيم الكرملين لن يحضر القمة

وما يدعوها إلى ذلك، السعي إلى الحفاظ على الشراكة. وهذا الوضع لا يساعد النادي أبداً عندما لا يتمكن أحد الأعضاء من الحضور لأن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرة توقيف بحقه.

جنوب أفريقيا تعلن غياب بوتين عن قمة "بريكس" بالاتفاق مع موسكو

في هذه الحالة، يواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتهامات بارتكاب جرائم حرب بزعم ترحيل أطفال من مناطق محتلة في أوكرانيا، والذي سيشارك عبر دائرة تلفزيونية مغلقة لتجنب اعتقاله عند وصوله إلى جوهانسبرغ.

إن الطريقة التي تعالج بها الدولة المضيفة ذاك الموقف الحرج، وما إذا كان كل شخص في القمة يلتزم الصمت أو عدم الحركة أو عدم المشاركة بفعالية، بما في ذلك سيرغي لافروف وزير خارجية بوتين، أمور جديرة بالمتابعة. لكن لن نرى تأسيس نظام عالمي جديد في أي مكان.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة