جددت مصر تعيين حسن عبد الله في منصب القائم بأعمال محافظ البنك المركزي دون منحه فترة ولاية كاملة مدتها أربع سنوات، تاركة مقاليد السياسة النقدية بين يدي خبير مصرفي مخضرم أشرف على عدة جولات من تخفيض قيمة العملة، ومن المرجح أنه يحتاج إلى تخفيض الجنيه مرة أخرى.
حصل عبد الله، 63 عاماً، على تمديد مدته عام واحد، وفقاً لإعلان في الجريدة الرسمية، بعد توليه مهام منصبه بعد الاستقالة المفاجئة لطارق عامر في أغسطس 2022. شغل عبد الله سابقاً مناصب عليا في البنك العربي الأفريقي الدولي، وهو مؤسس "بارنثير أسوشييتس" (Panther Associates) أيضاً، وهي شركة استشارات مالية متخصصة.
يثير التمديد القصير بعضاً من عدم اليقين لدى المستثمرين بعد أن ترأس عبد الله السياسات التي ساعدت مصر بالحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي. لكن نهجه ترك السوق أيضاً في حالة قلق في الوقت الذي تكافح فيه البلاد من تضخم قياسي وسط أسوأ أزمة شح بالسيولة الأجنبية منذ سنوات.
قالت وكالة "موديز" الأسبوع الماضي إنها تواصل مراجعة خفض التصنيف الائتماني لمصر (وهو حالياً دون الدرجة الاستثمارية)، التي بدأت في مايو، إذ إنها تزن التقدم المحرز في أجندة الإصلاح الحكومية مقابل عوامل تشمل أدلة على مزيد من ضعف السيولة الخارجية.
عبد الله كان على عكس سلفه الذي دعم استقرار الجنيه لفترة طويلة. لكن في حين تحرّك المحافظ الجديد للسماح للعملة بالضعف بأكثر من الثلث مقابل الدولار منذ توليه المنصب؛ فإنَّ إدارته فشلت حتى الآن في الوفاء بالوعود للسماح للسوق بتحديد سعر الصرف.
اقرأ أيضاً: "S&P" تتوقع خفض الجنيه وتفاقم التضخم في مصر خلال 2023
ورث عبد الله العديد من التحديات، حيث واجهت الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، التي تعد واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم، أزمة اقتصادية متصاعدة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. تصاعدت الضغوط مرة أخرى على الجنيه، إذ تكافح مصر لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتدفقات إلى سوق الدين المحلي.
يتوقع المحللون على نطاق واسع انخفاضاً جديداً في قيمة العملة، ولكن ليس قبل أن تبني السلطات احتياطيات كافية من النقد الأجنبي لإدارة الفترة المقبلة.
في عهد عبد الله، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بحدة ثلاث مرات، مما جعلها تتجاوز ذروتها خلال أزمة العملة في مصر خلال 2016 و2017. ومع ذلك؛ ما يزال سعر الفائدة البالغ 19.25% أقل من معدل التضخم بأكثر من 17 نقطة مئوية.
اقرأ أيضاً: التحوط من التضخم يدفع الأسهم المصرية للاقتراب من مستوى قياسي
بينما أشار عبد الله في خطاب عام نادر في أبريل إلى أن زيادة تكاليف الاقتراض لا يمكن أن تؤثر كثيراً في احتواء التضخم الناجم عن مشكلات العرض؛ فإنَّ صندوق النقد الدولي قال إن السلطات يجب أن "تستخدم أدوات السياسة النقدية" المتاحة لها، وخاصة أسعار الفائدة، لتهدئة الأسعار.
يتمتع المحافظ الجديد بدعم مجتمع الأعمال أكثر من سلفه، الذي قاد البنك المركزي لنحو سبع سنوات، وأيّد السياسات التي دعمت الجنيه.
التحدي الذي يواجه عبد الله الآن هو كسب المستثمرين وصندوق النقد الدولي الذي أجّل المراجعة الأولى لبرنامج الإنقاذ إذ كان من المتوقع اكتمالها في مارس. كان الصندوق ينتظر السلطات لتنفيذ الإصلاحات بما في ذلك مرونة سعر الصرف.
ساعد عبد الله في إحراز تقدم مع صندوق النقد الدولي بعد تعيينه منذ عام. ومن أجل تلبية بعض مطالب الصندوق؛ ألغى البنك المركزي بعض برامج الإقراض المدعوم، ونقل بعضها إلى وزارة المالية، وهي خطوات سهلت الموافقة على قرض مصر.
ظل الجنيه مستقراً لعدة أشهر، لكنه يتوفر في السوق السوداء المحلية عند مستوى أضعف من البنوك.
المخاوف بشأن التضخم والاستقرار الاجتماعي في الدولة التي يزيد عدد سكانها عن 104 ملايين نسمة قد تضع قيوداً على السياسة النقدية. ما تزال مصر مدركة للمخاطر منذ أن ساعدت أزمة تكلفة المعيشة في اندلاع انتفاضات الربيع العربي منذ أكثر من عقد بقليل.
ما تزال أولوية عبد الله الملحة هي تأمين ما يكفي من النقد الأجنبي لتخفيف أزمة العملة الصعبة المنهكة، وتصفية طلبات الدولار المتراكمة من المستوردين والشركات الأخرى.
بدأ النقص في السلع الاستهلاكية في التراجع خلال فترة عبد الله، حيث قلص الإجراءات التي أبقت بعض السلع عالقة في الموانئ المصرية لعدة أشهر، وفرض قيوداً على الواردات مما زاد من ندرة بعض السلع.
ولكن في الوقت الحالي، لا يمكن لجميع الشركات الحصول على العملات الصعبة من البنوك، ويرجع ذلك جزئياً إلى تكديس الدولارات من قبل الشركات والأشخاص القلقين بشأن تخفيض جديد محتمل لقيمة العملة.