أمام الدول الأفريقية ومن بينها دول عربية فرصة كبيرة للاستحواذ على جزء من سلاسل الإمداد العالمية، خصوصاً بعد الأزمة التي شهدتها هذه المنظومة إثر فيروس كورونا، وفق تقرير صادر الأربعاء عن "مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية" (أونكتاد).
تشير المنظمة الأممية إلى وجود العديد من القطاعات التي يمكن للدول العربية في أفريقيا الدخول إليها، أو تعزيز تواجدها فيها، على غرار صناعة السيارات والمنتجات المرتبطة بها، إضافة إلى الهواتف الذكية، والألواح الشمسية.
السيارات
التقرير لفت إلى أن قطاع السيارات على سبيل المثال، تأثر بشدة بالأزمات التي قد تطرأ في سلاسل الإمداد، وهو ما ظهر جلياً خلال فترة كورونا وما بعدها.
بحسب التقرير يبقى إنتاج السيارات الجديدة منخفضاً، بما يمثل نحو 1.2% من حجم التجارة العالمية. ونبّه إلى أن جنوب أفريقيا والمغرب والجزائر ومصر على التوالي تهيمن على هذه الصناعة في القارة.
جنوب أفريقيا أنتجت في العام 2019، نحو 632 ألف سيارة، في حين وصل الإنتاج في المغرب إلى 403 آلاف سيارة. أما الجزائر ومصر، فأنتجتا 60012 و18500 سيارة على الترتيب.
أضاف التقرير، أن خرائط سلاسل الإمداد تُظهر أن البلدان الأفريقية لا تزال تعتمد إلى حد كبير على استيراد قطع غيار ومكوّنات السيارات من خارج القارة، إلا أن هناك مجالاً للتكامل مع سلاسل الإمداد الإقليمية بشكل أكبر.
على وجه الخصوص، يوفر تصنيع الأجزاء والمكونات ذات التكنولوجيا الأقل، أحد خيارات الإنتاج الأكثر جدوى لمعظم البلدان الأفريقية، نظراً لأن متطلباتها التكنولوجية أقل، وغالباً ما تتطلب معادن وفيرة كمدخلات. هذه الأمور تمثل مكوّنات أساسية لتحقيق التنويع في سلاسل التوريد العالمية.
الهواتف الذكية
يمكن لهذه الصناعة أن تجذب الكثير من المستثمرين والشركات التي تسعى إلى تنويع سلاسل الإمداد الخاصة بها. وهي تنظر فعلاً إلى أفريقيا بوصفها مكاناً ممكناً لهذا الأمر، وفق المصدر ذاته.
وأشار التقرير إلى أن معظم المعادن والمواد التي تدخل في تصنيع الهواتف الذكية، يمكن استخراجها في دول أفريقيا. فعلى سبيل المثال تضم القارة احتياطات ضخمة من الكوبلات، النحاس، الجرافيت، الليثيوم، المغنيزيوم، والنيكل.
الألواح الشمسية
تجميع الألواح الشمسية من القطاعات المغرية للاستثمار في القارة، مع ارتفاع الطلب على الطاقة المتجددة. ولفت التقرير إلى أنه بين عامي 2000 و2020 ارتفع حجم الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة في أفريقيا بمعدل سنوي يصل إلى 96%، بفضل إمكانات المنطقة الواسعة في الطاقة الشمسية.
ولكن التقرير نبه إلى أن القارة تعاني من فجوة في الاستثمار، إذ تحصل على نحو 2% من حجم الاستثمار العالمي في قطاع الطاقة المتجددة، مشيراً إلى أن إنتاج الألواح الشمسية الكهروضوئية محدود، مع ظهور بعض الفرص في مصر والمغرب وجنوب أفريقيا.
الأدوية والأجهزة الطبية
في أفريقيا، تتركز صناعة المنتجات الصيدلانية بشكل رئيس على الأدوية العامة التي تتميز بعملية إنتاج بسيطة ومحدودة لعناصر المواد الفاعلة. كما أن هناك نقصاً في عمليات البحث والتطوير في هذا المجال في القارة.
وارتفع العجز التجاري في المنتجات الصيدلانية من 2.3 مليار دولار في 2020 إلى 12.5 مليار دولار في 2020.
التقرير نوّه إلى أن الدول في أفريقيا تستطيع التعاون مع المجتمع الدولي لضمان وصولها إلى المعرفة والتكنولوجيا اللازمة لإنتاج سلاسل توريد مرتبطة بالأجهزة الطبية والمنتجات الصيدلانية، داعية الدول إلى تطوير المصادر المحلية وصناعة المواد الأولية الداخلة في هذه الصناعة. وعلى سبيل المثال، هناك مبادرات بحثية محلية كبرى جارية في مصر لإنتاج المكونات الصيدلانية الأكثر فعالية.
توطين معدات التعدين
رغم الثروة الكبرى للقارة والاستثمارات الضخمة في هذا القطاع، إلا أن أفريقيا لم تتمكن من ترجمة مواردها إلى اقتصاد ثابت، يمكنه أن يؤدي إلى تطور اجتماعي وبيئي. ودعا التقرير دول القارة إلى دعم الموردين الأفارقة في قطاع التعدين. ونبّه إلى أن هذا الدعم يمكن أن يتفاوت من المنتجات مثل السيارات والحفارات، إلى الخدمات مثل الموارد البشرية.
انتقال الشركات
تلعب الكثير من العوامل دوراً في قرارات الشركات بشأن تغيير بلدان ومناطق سلاسل الإمداد، وبناء العلاقات مع الموردين. وقسّم التقرير هذه العوامل إلى قسمين: أصيلة، وأخرى مرتبطة. ومن بين العوامل الأصيلة: التوريد والمواد الأولية، إضافة إلى الإنتاج الذي ينقسم بدوره إلى التكنولوجيا المستخدمة في الإنتاج، والعمالة، ورأس المال، وأخيراً التوزيع الذي ينقسم إلى المكان، والنقل، والتخزين، ومبيعات التجزئة والجملة، والطلب. أما العوامل المرتبطة فهي: الابتكار التكنولوجي والخدمات المالية، والسياسات.
وأشار التقرير إلى أن أفريقيا عموماً وبعض الدول العربية فيها، لديها الإمكانات في كثير من هذه الأقسام ما يجعلها مغرية للشركات. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن التقرير لفت إلى أن غالبية الدول الأفريقية وفي مقدمتهم مصر، احتلت في 2018، مكانة قريبة جداً من المعدل العالمي في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية.
لفت التقرير إلى الزيادة السكانية في القارة وتأثيرها على قرار الشركات. فوفقاً للأمم المتحدة فإن أكثر من نصف الزيادة المتوقعة في عدد سكان العالم حتى عام 2050، ستتركز في ثمانية بلدان فقط: جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومصر، وإثيوبيا، والهند، ونيجيريا، وباكستان، والفلبين، وتنزانيا. ما يعني أن خمسة من الدول الثمانية، في أفريقيا.
ونبّه التقرير إلى أن النمو الديموغرافي يمكن أن يعزز إمكانات النمو المستقبلية للأسواق الاستهلاكية في أفريقيا، والتي هي على نحو متزايد شابة ومتطورة ومعولمة ومنخفضة الكلفة.