اتخذت المملكة العربية السعودية خطوة جديدة لتنظيم قطاع التأمين المحلي، تمثلت في نقل مهام الرقابة والإشراف على القطاع من البنك المركزي السعودي (ساما) و"مجلس الضمان الصحي"، إلى "هيئة التأمين" الجديدة التي يُنتظر أن تباشر عملها بعد نحو ثلاثة أشهر.
مجلس الوزراء السعودي أقرّ في جلسته أمس الثلاثاء برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إنشاء "هيئة التأمين" ككيان مستقل يتولى الإشراف والرقابة على القطاع، بهدف تنظيمه وتطويره وتعزيز فاعليته، بما يسهم في ضمان الاستقرار المالي وفق رؤية المملكة 2030.
عانت شركات قطاع التأمين في المملكة بشكل عام من خسائر متراكمة على مدى سنوات، أدت إلى شطب ثلاثٍ منها في السوق المالية السعودية الرئيسية "تداول"، قبل أن تحقق الشركات المتبقية وعددها اليوم 27 شركة مدرجة في "تداول"، أرباحاً صافية مجمعة بلغت في العام الماضي 689 مليون ريال (184 مليون دولار) بفضل تحسّن دخل العمليات، حسب ما جاء في التقرير السنوي للبنك المركزي عن أداء سوق التأمين لعام 2022.
في الربع الثاني من العام الجاري، سجلت شركات القطاع أعلى أرباح فصلية منذ عام 2003، بعد تطبيق معايير محاسبية جديدة مثل المعيار الدولي للتقرير المالي رقم 17 الخاص بـ"عقود التأمين"، والتقرير المالي رقم 9 المتعلق بـالأدوات المالية"، حيث أدى اعتماد المعايير الجديدة إلى تحوّل لافت في النتائج المالية لهذه الشركات، إذ بلغت الأرباح الصافية المجمعة خلال الربع الثاني 1.2 مليار ريال (320 مليون دولار) مقارنة بخسائر تقدر بنحو 84 مليون ريال في الفترة المماثلة من العام الماضي.
تحوّلات قطاع التأمين السعودي
العامل الرئيس الذي دعم هذا التحول إلى الربحية يعود، بحسب الشركات، إلى زيادة أعمال خدمات التأمين، علماً أن هناك شركتين تستحوذان على 52% من أرباح القطاع، وهما "بوبا للتأمين" التي حصدت 31% من أرباح القطاع، وشركة "التعاونية" -أقدم شركة تأمين في السعودية- والتي حصدت نحو 21%. وصلت أرباح الشركتين معاً إلى 616 مليون ريال.
كان لافتاً تحوّل 15 شركة من أصل 27 إلى الربحية في الربع الثاني مقابل تكبدها خسائر في الفترة ذاتها من العام الماضي، مقابل تسجيل 10 شركات نمواً في الأرباح، وتقليص شركتين لخسائرهما المسجلة قبل عام.
يذكر أن قطاع التأمين في المملكة شهد في السنوات الأخيرة موجة من الاندماجات بين الشركات وصل عددها إلى 7 عمليات اندماج منذ عام 2019 وحتى اليوم، وذلك في ظل دعوات مستمرة من البنك المركزي السعودي ووزارة المالية إلى الاندماج وإنشاء كيانات قوية قادرة على التوسع داخل المملكة وخارجها.
معلقاً على قرار إنشاء "هيئة التأمين" الجديدة، كتب وزير المالية السعودي محمد الجدعان، على منصة (X) (تويتر سابقاً)، أن إنشاء الهيئة يدعم رفع مساهمة القطاع في الاقتصاد وزيادة خلق الوظائف وتشجيع الاستثمار.
بدوره قال محافظ "المركزي السعودي" أيمن السياري إن وجود كيان مستقل موحد معني بتنظيم قطاع التأمين في المملكة، من المتوقع أن يسهم في تعزيز كفاءة القطاع ورفع مساهمته في الناتج المحلي غير النفطي، حسب ما جاء في بيان نُشر على موقع "ساما".
إلى جانب زيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي، ستعمل الهيئة الجديدة على جمع كل التشريعات المتعلقة بقطاع التأمين تحت سقف واحد، وسيكون هناك تركيز أكبر في الفترة المقبلة على تطوير القطاع والتصدي للتحديات التي تواجهه، بما في ذلك العمل على تسريع عمليات الاندماج بين الشركات وإنشاء كيانات كبيرة قادرة على المنافسة، وفق ما قاله المتحدث الرسمي لقطاع التأمين في السعودية عادل العيسى في مقابلة مع "اقتصاد الشرق".