قد يعود الاقتصاد الروسي إلى مستوى ما قبل الحرب في أقرب وقت ممكن خلال العام المقبل حيث يتأقلم مع تأثير العقوبات الدولية، رغم أن جهود الكرملين لتوسيع التجنيد العسكري قد يبطل هذا الهدف حتى الآن.
قال رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين يوم الجمعة في اجتماع مع المسؤولين إن الاقتصاد حقق معدل نمو قدره 4.9% في الربع الثاني و1.5% في النصف الأول من العام. ومن المقرر أن تعلن دائرة الإحصاءات الفيدرالية الروسية عن الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني في وقت لاحق يوم الجمعة.
يزيد تفاقم نقص الأيدي العاملة من الصعوبات التي تواجه روسيا، حيث يسعى الكرملين إلى جذب المزيد من المتطوعين للانضمام إلى غزو الرئيس فلاديمير بوتين المتعثر لأوكرانيا الذي دخل شهره الثامن عشر.
وقد يؤدي ذلك إلى التحول نحو تدابير أكثر انتقائية بتجنيد أشخاص لن تتأثر أماكن العمل بغيابهم بنفس الدرجة.
التعبئة العسكرية قد تدعم النمو
وقع بوتين الأسبوع الماضي قانوناً يرفع سن التجنيد إلى 30 عاما من 27 عاماً في يناير ويمنع الشباب من مغادرة البلاد بمجرد تلقيهم إشعاراً رقمياً بشأن التجنيد الإجباري.
وقد تسمح الإجراءات بـ"التعبئة الموجهة" التي من شأنها تعزيز النمو على المدى القصير من خلال الحد من تأثير نقص العمالة والسماح للاقتصاد بالوصول إلى حجمه قبل الحرب بحلول منتصف إلى أواخر عام 2024، بعد الانتخابات الرئاسية المقررة، حسب محلل الاقتصاد الروسي ألكسندر إيساكوف لدى "بلومبرغ".
وسط تفاؤل روسي.. صندوق النقد: اقتصاد موسكو سيصمد في 2023
ورغم ذلك، يقول إيساكوف إنه "من غير المرجح أن يؤدي اختيار تعبئة المجندين إلى عكس اتجاه التراجع في النمو على المدى الطويل".
توضح بيانات الناتج المحلي الإجمالي أن الاقتصاد الروسي قد حقق نمواً على مدى أربعة فصول متتالية، بعد انخفاض بأكثر من 4% قبل عام، بخلاف توقعات بحدوث ركود طويل الأمد نتيجة العقوبات المفروضة بسبب غزو أوكرانيا في فبراير 2022.
وعززت زيادة الإنفاق لأغراض الدفاع، الإنتاج الصناعي في حين يكتسب طلب المستهلك زخماً وسط زيادة الإنفاق على الدعم الاجتماعي ورفع الأجور.
ضعف الروبل
تقترب العملة الروسية من حاجز 100 روبل مقابل الدولار بعد أن تراجعت 25% تقريباً منذ بداية 2023، وقد عزت محافظة البنك المركزي إلفيرا نابيولينا، الهبوط، بشكل كبير إلى تدهور شروط التجارة الخارجية.
وفي حين لا تزال تدفقات الواردات مستقرة، أدت القيود المفروضة على مبيعات الطاقة الروسية، بما في ذلك وضع سقف لأسعار النفط الذي فرضته مجموعة الدول السبع، إلى انخفاض مستمر في عائدات التصدير، الأمر الذي دفع فائض الحساب الجاري إلى أدنى مستوياته في عامين.
قالت ناتاليا لافروفا، كبيرة الاقتصاديين في "بي سي إس فاينانشال غروب" (BCS Financial Group)، التي تتوقع تسجيل معدل نمو 2% في 2023، إن الاقتصاد قد يصل إلى حجمه قبل الحرب بحلول منتصف العام المقبل. وأضافت: "عليك أن تتوقع شيئاً مختلفاً تماماً عن الإجماع للحصول على تقدير آخر للتوقيت".
رفع توقعات النمو
رفع البنك المركزي الروسي مؤخراً توقعاته للنمو للعام الحالي بأكمله إلى ما بين 1.5% و2.5% في 2023، مشيراً إلى أن الإنتاج في معظم القطاعات التي تركز على الطلب المحلي قد وصل أو حتى تجاوز مستويات ما قبل الحرب.
الروبل الروسي يفقد 23% من قيمته منذ بداية العام
كما يتوقع المركزي الروسي أن يحقق الاقتصاد معدل نمو ما بين 0.5% و2.5% في العام المقبل وما بين 1% و2% في 2025.
وقال المسؤولون إن "القدرة على زيادة الإنتاج في الاقتصاد الروسي محدودة بشكل متزايد بسبب ظروف سوق العمل"، الوضع الذي يساعد على تأجيج مخاطر التضخم إلى جانب العقوبات وارتفاع الإنفاق الحكومي المرتبط بالحرب.
من جهته، قال المحلل الاقتصادي في مصرف "روسبنك"، يفغيني كوشيليف، في موسكو: "إذا كنا نتحدث عن معدل النمو للعام بأكمله، ففي 2024 ستتجاوز روسيا بالفعل مستوى 2021".