تسعى الصين إلى تعزيز الاستهلاك لتحفيز تعافي الاقتصاد، رغم أن الحكومة لم تقدم الدعم المالي المباشر للمستهلكين والشركات لزيادة الإنفاق.
أصدرت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، أكبر وكالة للتخطيط الاقتصادي في الصين، وثيقة سياسات متنوعة يوم الإثنين تحتوي على بعض المبادرات المتعلقة بالاستهلاك التي تم الإعلان في الآونة الأخيرة.
تركز الوثيقة على إزالة القيود الحكومية على الاستهلاك، مثل حدود شراء السيارات، وتحسين البنية التحتية وإقامة الفعاليات الترويجية مثل مهرجانات الطعام.
فَقَدَ تعافي الاقتصاد قوته في الأسابيع الأخيرة، حيث أظهرت أحدث الأرقام أن النمو المرتبط بالاستهلاك آخذ في التراجع.
أظهرت مؤشرات مديري المشتريات الرسمية أن نشاط الخدمات جاء أضعف في يوليو مقارنة بشهر يونيو.
خفّض المستهلكون الصينيون إنفاقهم على كل شيء باستثناء السفر والمطاعم الشهر الماضي، حسب بيانات مستقلة أصدرتها "تشاينا بيج بوك"، وهي شركة تزويد بيانات يقع مقرها في الولايات المتحدة.
واصلت الأسهم الصينية ارتفاعها من الأسبوع الماضي، حيث قفز مؤشر"هانغ سينغ انتربرايزيز"، الذي يتتبع أسهم الدولة المدرجة في هونغ كونغ، 3.2% يوم الإثنين.
على غرار الإجراءات التي تم الإعلان عنها يوم الجمعة-والتي تركز على تعزيز التصنيع في صناعات السلع الاستهلاكية- فإن أحدث الخطوات تستهدف تحسين المعروض من السلع في الاقتصاد، بدلاً من الطلب.
أحجمت الحكومة عن تقديم الدعم النقدي للسكان منذ بدء تفشي الوباء، وركزت دعمها بدلاً من ذلك على تقديم مزايا وإعفاءات ضريبية للشركات.
قال هاو هونغ، كبير الاقتصاديين لدى "غرو إنفستمنت غروب" (Grow Investment Group): "لقد حاولت السياسات حتى الآن تحفيز المستهلكين على الإنفاق، لكن السياسة المالية لم تتعزز.. العجز المالي في الصين يتقلص رغم الضغط النزولي المتزايد على الاقتصاد".
الحزب الشيوعي يبدي قلقه بشأن تعافي الاقتصاد
قال هونغ:" لا تتضمن الوثيقة الكثير من السياسات الجديدة، ولا توجد أموال حقيقية يتم تقديمها لمساعدة العائلات".
فيما يتعلق بسياسات الملكية العقارية، تكرر وثيقة اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح التعهد بالدفع من أجل تجديد المباني القديمة والقرى الحضرية في المدن الكبرى. يتم تشجيع المناطق المحلية على تقديم إعانات لشراء الأجهزة المنزلية ومواد تجديد المنازل في المناطق الريفية.
أشار المكتب السياسي للحزب الشيوعي الأسبوع الماضي إلى القلق بشأن تعافي الاقتصاد، حيث تعهد المسؤولون بمزيد من التيسير في إجراءات الملكية، ودعم الاستهلاك وحل مشاكل ديون الحكومات المحلية.
نشرت ثلاث وكالات حكومية يوم الجمعة مجموعة من الإجراءات تركز تحديداً على ما يسمى بالصناعة الخفيفة، والتي تشمل السلع المنزلية والأغذية وصناعة الورق والمنتجات البلاستيكية والجلود والبطاريات.
قال تومي شيه، المحلل الاقتصادي في "أوفر سي تشاينيز بانكنغ كورب"(Oversea-Chinese Banking Corp)، لقد استمد المستثمرون الدعم من أحدث التصريحات، رغم أن "التنفيذ الفعلى وعمق هذه السياسات لم يتم اختبارهما بعد.. لقد أدى هذا التحول إلى إعادة توجيه وجهات نظر المستثمرين من التشاؤم إلى التفاؤل".
تعزيز الاستهلاك أولوية قصوى
تظهر أحدث البيانات الاقتصادية أن التعافي لا يزال تحت الضغط.
إلى جانب أرقام الخدمات، أظهرت مؤشرات مديري المشتريات يوم الإثنين الانكماش مجدداً في التصنيع خلال يوليو. بقيت مؤشرات أشمل للتصنيع وغيره من المجالات -يشمل الخدمات وكذلك البناء- أقل من 50 لهذا الشهر، وهو الخط الذي يفصل التوسع عن الانكماش.
قال يروس بانغ، كبير خبراء الاقتصاد ورئيس وحدة بحوث الصين الكبرى في شركة "جونز لانغ لاسال": "من الصعب تحفيز جانب الطلب بالسياسات، عندما يكون السكان غير مستعدين عموماً للإنفاق، والحكومة غير مستعدة لتقديم الدعم لزيادة اتجاه الاستهلاك، يمكن للمسؤولين فقط تعديل العرض للسلع الاستهلاكية والخدمات لتلبية الطلب بشكل أفضل".
في وقت سابق من يوليو، قالت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح إن الصين لن تدخر الوقت في وضع سياسات وتطبيقها لتعزيز الاستهلاك، وسيتم تنفيذ عدد كبير من الإجراءات الجديدة لزيادة مبيعات السيارات والمنتجات الإلكترونية والاستهلاك في الريف.