فقد النشاط الاقتصادي الصيني المزيد من الزخم في يوليو مع انكماش التصنيع مرة أخرى وضعف قطاع الخدمات، فيما وعدت بكين باتخاذ إجراءات دعم محدودة لتعزيز الاستهلاك.
ارتفع المؤشر الرسمي لمديري مشتريات قطاع الصناعات التحويلية قليلاً إلى 49.3 نقطة، متجاوزاً تقديرات الاقتصاديين، لكنه لا يزال أقل من مستوى 50 نقطة الذي تفصل بين النمو والانكماش. أما المؤشر غير الصناعي-الذي يقيس النشاط في قطاعي الخدمات والبناء-فانخفض إلى 51.5 نقطة، دون توقعات المحللين. وتراجع مؤشر فرعي يركز على الخدمات إلى 51.5 نقطة مقارنة بـ52.8 نقطة في يونيو الماضي.
عدم كفاية الطلب
قال تشانغ لي تشون، المحلل في الاتحاد الصيني للوجستيات والمشتريات، في بيان: "لا تزال مشكلة عدم كفاية الطلب بارزة. وبسبب ذلك، لا تزال الشركات في حالة تردد فيما يتعلق بالإنتاج". ودعا إلى مزيد من السياسات المضادة للتقلبات الدورية، ومنها زيادة سرعة الاستثمار الحكومي.
يتطلع المستثمرون إلى الدعم الاقتصادي المحتمل من الحكومة بعد هذا التراجع لمؤشر مديري المشتريات. ووعد المسؤولون بإجراءات لتعزيز الاستهلاك، بعدما أعلنوا يوم الجمعة عن خطوات لمساعدة الصناعات المعنية بالسلع المنزلية والمواد الغذائية والمنتجات البلاستيكية والجلود وغيرها من القطاعات.
قد تخرج اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح ووزارات أخرى بالمزيد من التفاصيل الخاصة بسياسة الدعم في إفادة تعقدها في وقت لاحق اليوم الاثنين.
ارتفع مؤشر "هانغ سنغ تشاينا إنتربرايزس" الذي يتتبع الشركات الصينية الكبرى المدرجة في هونغ كونغ 3.2% اليوم الاثنين، متفوقاً على مؤشرات الأسهم الإقليمية الرئيسية. وزاد اليوان في التعاملات الخارجية 0.3% إلى أعلى مستوى في الجلسة عند 7.1329 مقابل الدولار.
تصاعدت المخاوف بشأن قوة انتعاش الصين خلال الأسابيع القليلة الماضية، بعدما أظهرت المؤشرات المبكرة لشهر يوليو ضعف الزخم. توقع اقتصاديون استطلعت بلومبرغ آراءهم نمواً بنسبة 5.2% في 2023، وهو أقل من التوقعات السابقة ويتماشى أكثر مع الهدف الرسمي البالغ نحو 5%.
مزيد من البيانات:
· واصلت طلبيات التصدير الجديدة لقطاع الصناعات التحويلية الانخفاض، حيث تراجع المؤشر الفرعي إلى 46.3 نقطة من 46.4 في الشهر السابق.
· ظل المؤشر الفرعي للتوظيف منكمشاً للشهر الخامس على التوالي.
· انخفض مؤشر فرعي يقيس التوظيف في قطاعات غير الصناعة إلى 46.6 نقطة من 46.8 في الشهر السابق.
قال رايموند يونج، كبير الاقتصاديين لشؤون الصين الكبرى في مجموعة "أستراليا آند نيوزيلاند بانكينغ" (Australia & New Zealand Banking Group): "ما يقلقني حقاً هو أن المؤشرات الفرعية للتوظيف مستمرة دون 50 نقطة ولا تُظهر أي علامة على الانتعاش". ويتوقع أن تستمر ضغوط البطالة على المدى القريب مع انضمام ملايين الخريجين إلى سوق العمل.
قال تشاو تشينغي، كبير الإحصائيين في المكتب الوطني للإحصاء، في بيان مصاحب لصدور البيانات، إن الشركات تقول إن البيئة الخارجية لا تزال "معقدة وقاتمة. ويمثل انخفض الطلبيات الخارجية والطلب غير الكافي التحدي الرئيسي للشركات".
وأضاف تشاو أن وتيرة التوسع في أنشطة الخدمات تباطأت، رغم استمرار نمو الحجم الإجمالي للنشاط في هذا القطاع.
"تشير مؤشرات مديري المشتريات لشهر يوليو إلى أن الزخم الاقتصادي العام للصين لا يزال ضعيفاً في بداية النصف الثاني، لكن التركيبة الأساسية تتغير. تراجع المقياس الذي يتتبع الخدمات بشدة على نحو غير متوقع، إذ تغلب ركود قطاع العقارات على الدفعة المستمدة من موسم السفر الصيفي النشط". - تشانغ شو وإريك تشو، محللان اقتصاديان
رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس":
تأثير الطقس المتطرف
إضافة إلى الضغوط الحالية على الاقتصاد، هناك طقس متطرف، مع موجات حر شديد تشهدها المدن الشمالية الشرقية -بما في ذلك بكين- وتمتد إلى المناطق الساحلية الوسطى، بينما يتعرض الجنوب الغربي لأمطار غزيرة وفيضانات مدمرة.
تهدد مشكلات الطقس بالضغط على شبكة الطاقة وتعطيل الخدمات اللوجستية، فضلاً عن الإنتاج. كما أن سوق العقارات، التي تتراجع مرة أخرى بعد انتعاش أولي، تدعو للتشاؤم أيضاً.
ألمح كبار القادة إلى مزيد من الدعم لقطاع العقارات المضطرب بالإضافة إلى حزمة "شاملة" لمعالجة الديون المحلية المتزايدة. لكنهم لم يصلوا إلى حد تقديم تحفيز مالي أو نقدي كبير في اجتماع مهم الأسبوع الماضي.
كتب روبرت كارنيل، الرئيس الإقليمي لأبحاث آسيا والمحيط الهادي في "آي إن جي غرويب" (ING Groep): "رغم اعتقادنا بأن السلطات ستنفذ عدداً كبيراً جداً من الإجراءات الصغيرة لتحسين أداء الاقتصاد، بما في ذلك الحد من القيود المفروضة على القطاع الخاص، فإننا لسنا مقتنعين على الإطلاق بأن هناك حزمة مالية ضخمة لتحفيز الاقتصاد".