عقدت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين محادثات استمرت خمس ساعات مع نائب رئيس الوزراء الصيني "هي ليفنغ" في بكين، في أول حوار مستفيض بين أكبر صانعين للسياسة الاقتصادية في الدولتين وسط مساع لتخفيف التوتر في علاقة البلدين.
جاء اجتماع اليوم السبت في ختام ارتباطات يلين خلال أول زيارة لها للصين كوزيرة للخزانة، وهي رحلة وصفتها بأنَّها مهمة لإحياء التواصل بين أكبر اقتصادين في العالم الذي تراجع بشدة في السنوات القليلة الماضية لتصاعد الخلاف بينهما بخصوص قضايا من تايوان للوصول إلى التكنولوجيا.
اجتماع صريح وبناء
قالت وزارة الخزانة في بيان إنَّ الاجتماع كان صريحاً وبنّاءً وشاملاً. وفي حين تطرقت يلين إلى قضايا مثيرة للقلق، ناقشت أيضًاً نهج إدارة الرئيس جو بايدن "للسعي إلى منافسة اقتصادية صحية مع الصين، مع وجود مجال متكافئ للعمال والشركات الأميركية".
أخبرت يلين "هي" في مستهل محادثاتها معه بأنَّ "هناك مجالاً واسعاً لشركاتنا للانخراط في التجارة والاستثمار" على الرغم من التوتر الأخير، وبأنَّه ينبغي للولايات المتحدة والصين التواصل "مباشرة" بشأن مخاوف اقتصادية محددة، وفقاً لتصريحاتها المعدّة سلفاً.
تأتي زيارة يلين ضمن جهد أوسع تبذله إدارة بايدن لإصلاح العلاقات مع المنافس الجيوسياسي الرئيسي للولايات المتحدة مع إرسال رسائل واضحة بخصوص السياسة الأميركية. وتأتي رحلتها في أعقاب زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن في يونيو. وقال مسؤول بوزارة الخزانة إنَّ لقاء يلين و"هي" استمر خمس ساعات.
سعت يلين لشرح استراتيجية الولايات المتحدة التي أوجزتها في أبريل والموجهة نحو الدفاع عن الأمن القومي وتأمينه دون محاولة كبح الصين اقتصادياً.
قالت يلين في بداية اجتماعها مع "هي": "ستتخذ الولايات المتحدة إجراءات هادفة لحماية أمنها القومي".
وأضافت: "في حين أنَّنا قد نختلف على هذه الإجراءات؛ يجب ألا نسمح لهذا الخلاف أن يؤدي إلى سوء تفاهم، لا سيما الناجم عن نقص التواصل، والذي يمكن أن يفضي إلى تدهور علاقتنا الاقتصادية والمالية الثنائية".
وبدا أنَّ الرئيسين بايدن وشي جين بينغ يمهدان الطريق لتحسين العلاقات في نوفمبر، غير أنَّ اجتماعهما أعقبته خلافات بشأن تايوان ومزاعم تجسس وأمن التكنولوجيا وغزو روسيا لأوكرانيا.
وأبدى "هي" استعداداً لمواصلة العمل الذي بدأه شي وبايدن.
وقال: "إنَّني على استعداد للعمل مع السيدة الوزيرة لمتابعة التفاهم المشترك المهم الذي توصل إليه الرئيسان، وإجراء حوار واتصالات بخصوص موضوعات، مثل: سياسات الاقتصاد الكلي، والاقتصاد، والتجارة".
فريق جديد
ربما يأتي الاختبار التالي للعلاقة بين البلدين قريباً عندما يعد فريق بايدن أمراً تنفيذياً يحد من الاستثمارات الأميركية الخارجية في الصين، الذي قد يصدر قريباً، ربما في يوليو، ويغطي استثمارات معينة في التقنيات الحساسة، بما في ذلك أشباه الموصلات، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية.
رسالة يلين إلى المسؤولين الصينيين مفادها أنَّ البلدين ليسا في منافسة "الفائز يسيطر على كل شيء"، ويجب عليهما إدارة تنافسهما بمجموعة عادلة من القواعد، وهو أمر أخبرت به رئيس مجلس الدولة الصيني (رئيس الوزراء) لي تشيانغ أمس الجمعة. كما التقت يلين أمس مع بان قونغ شنغ، الذي من المتوقَّع أن يتولى منصب محافظ بنك الشعب الصيني (البنك المركزي).
كررت يلين تلك التصريحات لـ"هي"، قائلة: "عندما تكون لدينا مخاوف بشأن ممارسات اقتصادية معينة؛ ينبغي لنا التوصل بشأنها مباشرة".
يجلس خلف ليفنغ، "ليو هي" أحد المقربين من شي منذ فترة طويلة، وهو سياسي مخضرم على الساحة الدولية يتحدث الإنجليزية بطلاقة، وكان قد درس في جامعة هارفارد. وعندما التقت يلين مع "ليو" في يناير في زيورخ، كان التفاهم بينهما كبيراً لدرجة أنَّهما تركا في مرحلة ما مساعديهما، بينما استمرا في الحديث.
قلل مسؤولو وزارة الخزانة من شأن التوقُّعات بحدوث انفراجة كبيرة خلال زيارة يلين، قائلين إنَّها تهدف إلى بناء قنوات اتصال مع الفريق الاقتصادي الجديد للحكومة الصينية.
المناخ والمرأة
في وقت سابق من اليوم السبت، عقدت يلين اجتماع مائدة مستديرة بشأن تمويل المناخ، إذ دعت الصين والولايات المتحدة إلى توحيد الجهود لمواجهة هذه القضية. وذهبت في كثير من الأحيان إلى أنَّ على البلدين التعاون بشأن التحديات العالمية، بما في ذلك القضايا البيئية، وديون الدول الفقيرة. كما تناولت الغداء مع اقتصاديات صينيات.
قالت يلين في الاجتماع الذي حضره خبراء المناخ الصينيون والدوليون: "تغير المناخ على رأس قائمة التحديات العالمية، ويجب على الولايات المتحدة والصين العمل معاً لمواجهة هذا التهديد الوجودي".