بدأ أسطول من ناقلات النفط الخاضع للعقوبات في جميع أنحاء العالم يستعين بسفن أحدث، مخالفاً بذلك اتجاهاً استمر لأشهر باستخدام أقدم السفن وأكثرها خطورة.
بعد فترة وجيزة من غزو الرئيس فلاديمير بوتين لأوكرانيا في أوائل العام الماضي؛ عمدت مجموعة من التجار والوسطاء والمستثمرين المجهولين إلى شراء مئات الناقلات المتقادمة للحفاظ على تدفق النفط الروسي.
وفقاً لتقديرات؛ فقد أدت عمليات الشراء، بالإضافة إلى السفن التي تنقل الخام بالفعل من فنزويلا وإيران، إلى إنشاء أسطول ظل قوامه أكثر من 900 ناقلة.
انخفاض متوسط عمر السفن
الآن، انخفض متوسط عمر السفن المشتراة، وفقاً لبيانات من "فيزلز فاليو" (VesselsValue) لأبحاث صفقات الشحن. قال اثنان من المديرين التنفيذيين في الصناعة إنَّ الإجراءات الصارمة في آسيا كانت على الأرجح عوامل محفّزة لهذا التحول، بعد سلسلة اعتقالات في الأشهر القليلة الماضية بسبب قضايا تتعلق بالسلامة.
كثّفت الصين، أحد أكبر مستهلكي النفط الروسي والإيراني في الآونة الأخيرة فحص الناقلات العتيقة في ميناء تشينغداو الرئيسي، مما أجبر بعضهم على الانتظار أكثر من شهر لتفريغ حمولتهم. زاد القلق بشأن تقادم السفن عندما انفجرت سفينة عمرها 26 عاماً قبالة ماليزيا في مايو.
كما احتجزت سنغافورة ناقلات نفط لعدم اجتيازها عمليات فحص السلامة بمعدل قياسي في الأشهر القليلة الماضية.
تساعد السفن الأحدث، شريطة صيانتها جيداً، على تهدئة مخاوف بعض المستوردين بشأن صلاحيتها للإبحار، على الرغم من أنَّ الأسطول
ما يزال يعج بالسفن العتيقة.
قالت ريبيكا جالانوبولوس جونز، كبيرة المحللين في "فيزلز فاليو": "مخاوف السلامة المحيطة بالسفن القديمة هي أحد الأسباب التي تجعل المشترين يختارون السفن الأحدث".
انخفض متوسط عمر الناقلات التي تبُاع لمشترين لم يُكشف عنهم- إحدى الخصائص المميزة لسفن أسطول الظل- إلى 15 عاماً الشهر الماضي، وفقاً لـ "فيزلز فاليو". وكان حتى وقت قريب، في أكتوبر الماضي، 19 عاماً.
سفن قديمة يصعب تتبع أصحابها
تختلف خصائص ناقلات أسطول الظل. لكنَّها في العادة سفن قديمة من دون التأمين الذي تشترطه الصناعة أو الخدمات الغربية الأخرى، ويصعب تتبّع أصحابها. دخلت هذه السفن الخدمة منذ نحو 20 عاماً أو أكثر، وهي مدة تخرج منها بعدها من العمل عادة.
تتخذ بعض البلدان موقفاً متشدداً إزاء السفن القديمة. بالإضافة إلى عمليات الفحص الصينية؛ تحركت الهند لمنع السفن التي يزيد عمرها عن 25 عاماً من دخول موانئها في وقت سابق من العام الجاري.
قال أنوب سينغ، الرئيس العالمي لأبحاث الشحن في "أويل بروكريدج" (Oil Brokerage): "يشعر بعض مالكي السفن براحة كبرى في التعامل مع الخام الخاضع لقيود مثل النفط الروسي، بسبب سعره المنخفض، لأنَّهم يرون أنَّ هذه التجارة موجودة لتبقى. يستثمرون الآن في السفن الأحدث التي ستلبي معايير الصناعة الأوسع لفترة أطول".
عندما بدأ شراء الناقلات من أجل التجارة الروسية؛ كان من المنطقي شراء أقدم السفن المتاحة. وهذه السفن هي الأرخص، وعملها من دون خدمات غربية مكّنها من تجاوز العديد من العقوبات المفروضة على صادرات النفط، بما في ذلك الحد الأقصى لسعر النفط الخام الروسي البالغ 60 دولاراً الذي فرضته مجموعة السبع.
أطال الارتفاع في الطلب على السفن العمر الافتراضي للكثير منها. ولم تخرج ناقلة نفط كبيرة واحدة عن الخدمة منذ سبعة أشهر، وهو أمر لم يحدث منذ منتصف السبعينيات على الأقل، وفقاً لـ"كلاركسون ريسيريش سيرفسيز" (Clarkson Research Services) التابعة لأكبر شركة لسمسرة السفن بالعالم.
أرباح قياسية لناقلات النفط
تقضي الناقلات أيضاً وقتاً أطول في العبور. تقلصت مجموعة مشتري الخام الروسي منذ الحرب، مما يعني أنَّ الشحنات التي كانت تُنقل في يومين فقط عبر بحر البلطيق تبحر الآن لأسابيع للوصول إلى الصين والهند.
أدى ذلك إلى دفع أرباح ناقلات النفط القياسية إلى نحو 100 ألف دولار يومياً في مناسبتين منذ اندلاع الحرب، مقارنة بمتوسط 23 ألف دولار يومياً منذ 2017. وتعزز عمليات الشراء الإضافية للسفن الأحدث من فرص عودة المعدلات إلى المستوى الأعلى نظراً لأنَّها تقلل عدد السفن للتجارة التقليدية.
ثمة مبرر قوي للانتقال إلى السفن الأحدث، وهو السلامة. ففي مايو، تمخضت عمليات فحص في الصين عن وجود أكثر من 20 عيباً في ناقلة متقادمة. تم بالفعل شراء الكثير من الناقلات القديمة التي يمكن أن تخدم هذه التجارة.
قال هالفور إليفسين، وسيط الناقلات في "فيرنليز شيب بروكرز يو كاي" (Fearnleys Shipbrokers UK): "وعاء السفن القديمة ينفد، لذا؛ فمن الطبيعي أن تحل محلها السفن الجديدة. وإذا استمر ذلك؛ فسيعني هذا زيادة شح سوق الناقلات المنتظمة، فضلاً عن زيادة ضمان الإمدادات من البلدان الخاضعة للعقوبات أيضاً".