تواجه الصين تشاؤم المستثمرين المتزايد تجاه ثاني أكبر اقتصاد في العالم؛ حيث عزز البنك المركزي دعمه لعملة البلاد المتراجعة يوم الثلاثاء من خلال تحديد سعر مرجعي يومي أقوى بكثير من التقديرات.
جاءت هذه الخطوة بعد يوم من إيقاف كاتب بارز في الشأن المالي واثنين من أقرانه من منصة تواصل اجتماعي لنشرهم "معلومات سلبية وضارة" حول سوق الأسهم المتراجعة في الصين.
أدى إحجام الحكومة عن إضافة حافز ملموس في حين تزداد الآفاق المستقبلية قتامة بشأن الاقتصاد إلى التخارج من سوق الأسهم، مما ساعد على دفع سعر اليوان الصيني إلى أدنى مستوى له في سبعة أشهر.
تراجع مؤشر "إم إس سي آي" للأسهم الصينية 20% تقريباً من أعلى مستوى سجله في يناير 2023.
قال كريستوفر وونغ، المحلل في شركة "أوفرسي- تشاينيز بانكينغ"(Oversea-Chinese Banking Corp) في سنغافورة، إنَّ تحديد السعر (المرجعي) بمثابة "إشارة قوية" إلى أنَّ بنك الشعب الصيني يرى أنَّ تحركات اليوان مفرطة خلال الآونة الأخيرة.
وأشار إلى أنَّ التدخل من قبل البنك المركزي من المحتمل أن يؤدي إلى إبطاء وتيرة الانخفاض فقط، مضيفاً أنَّ تحديد 7.25 يوان لكل دولار من المرجح أن يكون مجرد نقطة بداية.
ارتفعت العملة الصينية 0.45% إلى 7.21 يوان مقابل الدولار في الساعة 2:32 بعد الظهر بالتوقيت المحلي، بعد انخفاضها 1% يوم الإثنين.
تراجع اليوان الصيني 5% تقريباً خلال الربع الجاري، مما يجعله واحداً من أسوأ العملات أداءً من بين 31 عملة رئيسية.
أدوات المركزي الصيني لمواجهة خسائر اليوان
يتمتع بنك الشعب الصيني بتاريخ حافل في تحريك العملة في كلا الاتجاهين بموجب نظام "التعويم المُدار" عندما تصبح الرهانات من جانب واحد.
تم تحديد ما يسمى بالتثبيت (يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنَّه إشارة سياسية نقدية بشأن سعر الصرف الصيني)- بمقدار 111 نقطة أقوى من متوسط التقدير في استطلاع أجرته "بلومبرغ" - وهو أكبر علاوة سعرية منذ نوفمبر 2022.
يمتلك بنك الشعب الصيني أدوات أخرى تحت تصرفه لوقف الخسائر في العملة، مثل خفض معدل الاحتياطي الإلزامي لودائع العملات الأجنبية، وزيادة التكلفة بالنسبة للمتعاملين الذين يتطلّعون إلى بيع اليوان. وكانت البنوك المملوكة للدولة تبيع الدولار أمس الإثنين وبعد بدء التعاملات يوم الثلاثاء.
في تقرير يوم الثلاثاء، قالت صحيفة "تشاينا سيكيوريتيز جورنال" المملوكة للدولة إنَّ الضغط على اليوان سيتراجع تدريجياً مع تحسن الاقتصاد بفضل الإجراءات المشجعة للنمو. ومن ثم سيعود اليوان إلى حركته الطبيعية في الاتجاهين.
تقوّض الشكوك إزاء أنَّ الحكومة ستكشف النقاب عن تقديم حوافز قوية بما يكفي سوق الأسهم. انخفض مؤشر "إم إس سي آي" للصين بأكثر من 7% في ستة أيام قبل أن ينتعش 2% يوم الثلاثاء.
أمس الإثنين، أصدر موقع "ويبو" التابع لشركة "سينا كورب" (Sina Cor) بياناً يحظر بموجبه وو شياوبو فضلاً عن كاتبين آخرين لم يتم الكشف عن اسميهما بالكامل. ووفقاً لبيان، فقد "هاجموا وقوّضوا" السياسة الصينية، وأضروا بتطوير سوق الأوراق المالية.
لدى "وو" 4.7 مليون متابع على منصة التواصل الاجتماعي الشبيهة لـ "تويتر"، مما يجعله أحد أكثر الكتاب الصينيين تأثيراً في مجال التمويل. تم حذف منشوراته الأخيرة، مما يجعل من غير الواضح سبب الحظر.
عقبات أمام اقتصاد الصين
تواجه الصين ضعف النمو الاقتصادي وارتفاع بطالة الشباب. في شهر مايو؛ بلغ معدل البطالة 20.8% بين الذين تتراوح أعمارهم من 16 إلى 24 عاماً. هذا الوضع يلقي بثقله على ثقة المستهلك التي تضررت بالفعل بسبب سياسات "صفر كوفيد" خلال سنوات.
جاء الإنفاق على السفر المحلي خلال العطلة الأخيرة لمهرجان "قوارب التنين" أقل من مستويات ما قبل الوباء، وفقاً للبيانات الرسمية الصادرة في مطلع الأسبوع. كما أنَّ أرقام مبيعات المنازل تراجعت عن المستوى المسجل خلال السنوات السابقة،؛ في حين أظهرت تقديرات مبيعات السيارات في يونيو انخفاضاً على أساس سنوي.
تم إيقاف اثنين من المحللين الأكثر جرأة على التعليق عبر وسائل التواصل الاجتماعي من قبل. كما تم حظر الخبير الاقتصادي المعروف رن زيبينج من استخدام موقع" ويبو" في يناير 2022 بعد أن نشر تعليقات تدعو البنك المركزي إلى طباعة النقود لدفع أموال الإعانات لتشجيع إنجاب الأطفال.
في منتصف عام 2022، تم إيقاف حسابات وسائل التواصل الاجتماعي العامة للمحلل هونغ هاو بسبب انتهاكات غير محددة بعد نشر تقارير متشائمة عن البلاد. بعد فترة وجيزة، غادر الخبير الاستراتيجي الصيني شركة "بايكوم إنترناشيونال هولدينغز" (Bocom International Holdings) بعدما عمل لديها نحو 10 سنوات.
في عام 2021، شنّت الصين حملة لمدة شهرين للقضاء على المنصات التجارية وحسابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي نشرت معلومات متعلقة بالتمويل تعتبر ضارة بالاقتصاد.