أدت عائدات النفط الاستثنائية وتدابير الضبط المالي إلى تحسين المركزين المالي والخارجي لسلطنة عمان، وبعد سنوات عديدة من العجز، تحوّل رصيد المالية العامة إلى فائض بلغ 7.5% من إجمالي الناتج المحلي في 2022، ويُتوقع أن يستمر في تحقيق فائض على المدى المتوسط بفضل الإيرادات النفطية والإجراءات المالية العامة. هكذا علق خبراء صندوق النقد الدولي في ختام زيارة إلى السلطنة خلال الأسبوع الماضي.
أشاد فريق البعثة في بيان صادر اليوم الإثنين بتراجع دين الحكومة المركزية كنسبة من إجمالي الناتج المحلي كثيراً من 61.3% في 2021 إلى 40% في 2022، نظراً لقيام السلطات باستخدام العائدات النفطية الاستثنائية في سداد دين الحكومة.
وعلى خلفية التخارج من بعض الأصول وتحسين الأداء وسداد الديون، انخفض دين المؤسسات المملوكة للدولة كحصة من الناتج المحلي الإجمالي من 40.7% في عام 2021 إلى 28.8% في عام 2022.
فائض بالحساب الجاري
بينما أمكن تخفيف حدة المخاطر بفضل الأصول الضخمة التي يديرها جهاز الاستثمار العُماني والإصلاحات الجارية في القطاع. وللمرة الأولى منذ عام 2014، سجل الحساب الجاري فائضاً بلغ 5.2% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022، مدعوماً بارتفاع الصادرات النفطية ونمو الصادرات غير النفطية، ويُتوقع أن يستمر في تحقيق فوائض على المدى المتوسط.
كانت الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي العُماني سجلت 17.6 مليار دولار بنهاية 2022 (تغطي 4,7 أشهر من الواردات المتوقعة).
توقعات النمو الاقتصادي
قال خبراء صندوق النقد الدولي إن قرار خفض إنتاج النفط في ظل اتفاقية "أوبك+" ومحدودية النمو في القطاع غير الهيدروكربوني نتيجة التعافي الضعيف في نشاط الإنشاءات وتباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي وتشديد الأوضاع المالية، سيؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي إلى 1.3% في 2023، على أن يعود بوتيرة أعلى في 2024 إلى حوالي 2.7%. وبالرغم من ذلك، من المتوقع أن يرتفع النمو غير النفطي من 1.2% في عام 2022 إلى 2% في عام 2023 و 2.5% في عام 2024.
كان إجمالي الناتج المحلي الحقيقي حقق نمواً 4.3% في عام 2022، مدفوعاً في الأساس بالتوسع الكبير في الإنتاج ضمن قطاع الهيدروكربونات.
مخاطر محتملة
تتمثل المخاطر التي تحيط بالآفاق المالي للبلاد في انخفاض حاد في أسعار النفط – ينتج عن حدوث هبوط حاد ومطول في النشاط الاقتصادي العالمي –، وانخفاض الطلب على الوقود الأحفوري بسبب التحول العالمي في مصادر الطاقة بوتيرة أسرع من المتوقع، والضغوط لإنفاق العائدات النفطية الاستثنائية، ورغم ذلك قال خبراء الصندوق، "في المرحلة القادمة، ستدعم الإصلاحات الهيكلية التي حددتها السلطات في ظل رؤية عُمان 2040 تحقيق نمو غير نفطي أقوى بقيادة قطاع خاص غني بفرص العمل مع المحافظة على استدامة المالية العامة والمركز الخارجي".
وأضافوا "تشمل المجالات ذات الأولوية حالياً، السماح بقدر أكبر من المرونة في سوق العمل، وتعزيز الحماية الاجتماعية، وتحسين كفاءة تحصيل الضرائب، وتقوية أطر المالية العامة متوسطة الأجل وتعزيز الأداء والحوكمة بالشركات المملوكة للدولة، وتوفير بيئة أعمال مشجعة للمستثمرين، وتعجيل وتيرة التحول الرقمي، وتطوير القطاع المالي، والاستثمار في الطاقة الخضراء للمساعدة على معالجة التحديات المناخية والاستفادة من التحول العالمي في مصادر الطاقة".