يُعد "بنك إنجلترا" أول البنوك المركزية الكبرى في العالم، رفعاً لأسعار الفائدة لمواجهة الارتفاع الكبير في معدلات التضخم بعد الجائحة، فيما تراهن الأسواق على أنه قد يكون آخر من يتوقف عن رفعها.
أدت أرقام سوق العمل القوية التي صدرت اليوم الثلاثاء إلى تحركات كبيرة في سوق السندات، حيث قفزت العوائد إلى أعلى مستوياتها منذ 2008، فضلاً عن إعادة تقييم المتداولين للنظرة المستقبلية لأسعار الفائدة في المملكة المتحدة، ويرجحون بنسبة 33% أن يرفع "بنك إنجلترا" سعر فائدته الأساسي إلى 6% مطلع العام المقبل.
بلوغ أسعار الفائدة هذا المعدل، الذي لم تشهده بريطانيا منذ مطلع هذا القرن، قد يراكم ضغوطاً إضافية على المقترضين البريطانيين، لا سيما مالكي القروض العقارية، ما قد يفاقم تباطؤ قطاع الإسكان.
رفع "بنك إنجلترا" أسعار الفائدة للمرة الأولى في نهاية 2021، ليسبق الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي معاً، واللذين لحقا به بعد 3 أشهر و7 شهور على التوالي. ورغم زيادة أسعار الفائدة بأكثر من 4 نقاط مئوية منذ حينها، ما رفع سعر الفائدة الأساسي إلى 4.5%، إلا أن استمرار المخاوف حيال ضغوط الأسعار يعني استمرار زيادة المراهنات على التشديد.
ارتفاع الأجور والتوظيف
أظهرت البيانات التي نُشرت الثلاثاء ارتفاع الأجور وانخفاض البطالة بوتيرة أسرع من المتوقع. وبعدها بساعات، انضمت المسؤولة الجديدة عن تحديد أسعار الفائدة في "بنك إنجلترا"، ميغان غرين، إلى صانعة السياسة النقدية، كاثرين مان، في التحذير من مخاطر التضخم المستمر وصعوبة العودة إلى مستهدف معدل التضخم عند 2%.
أرقام الرواتب المفاجئة في أبريل، كانت مدفوعة جزئياً بزيادة الحد الأدنى الوطني للأجور، والذي لن يتكرر في الشهور المقبلة. مع ذلك، وحسب محللي "غولدمان ساكس"، ومنهم إيزابيلا روزنبرغ، "لا نظن أنه يمكن تجاهل تلك الأرقام".
قال المحللون: "ما زال أمام بنك إنجلترا زيادات أخرى في أسعار الفائدة أكبر من البنوك المركزية الأخرى".
كما تتوقع الأسواق أن حتى مع انتهاء البنك من التشديد النقدي، فلن يحدث أول خفض لأسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية حتى وقت متأخر من 2024، مقارنة بترجيح خفض "الفيدرالي" أسعار الفائدة بالنسبة نفسها بحلول فبراير، وسيتبعه "المركزي الأوروبي" في يونيو المقبل.
استمرار الذروة حتى العام المقبل
قال غوردون شانون، مدير محفظة استثمارية في شركة "تونتي فور أسيت مانجمنت" (TwentyFour Asset Management LLP)، إن ذروة أسعار الفائدة أعلى بكثير عن نظيرتها في "الاحتياطي الفيدرالي" و"المركزي الأوروبي"، لكن من المتوقع أن تستمر تلك الذروة لعام، في حين يُرجح أن تبدأ البنوك المركزية الأخرى في خفض أسعار الفائدة. من السهل تصور اضطرار "بنك لإنجلترا" لرفع سعر الفائدة الأساسي لأعلى من 6% في ظل نفاد الصبر من ارتفاع معدل التضخم الأساسي ووضوح تأثيره المراوغ على النمو.
تراجع التضخم في المملكة المتحدة في أبريل، رغم أن بلوغه 8.7% كان أعلى من توقعات المحللين الاقتصاديين. ستتفاقم الضغوط الواقعة على محافظ "بنك إنجلترا"، أندرو بايلي، للسيطرة على الموقف في الأسبوع المقبل، عند نشر بيانات مايو قبل يوم من اتخاذ القرار الأحدث في أسعار الفائدة. تتوقع الأسواق رفع أسعار الفائدة ربع نقطة مئوية، وتراهن بنسبة 25% أن تكون الزيادة بمقدار نصف نقطة مئوية.
كتب جيمس سميث، المحلل الاقتصادي بشركة "آي إن جي غروب"، في مذكرة: "أسعار الفائدة في المملكة المتحدة حالياً موجودة بشكل كبير في منطقة التشديد، والتوقعات تبدو مبالغاً فيها. مع ذلك، فإن البيانات التي صدرت اليوم بمثابة تذكير أن إسراع بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة هو أمر مستبعد، ونظن أنه سيظل مستبعداً حتى الفترة ذاتها من العام المقبل".