تراجعت الليرة التركية بعد فوز رجب طيب أردوغان في انتخابات الإعادة الرئاسية يوم الأحد، مما أدى إلى تمديد فترة حكمه التي تُعَدّ الطولى في البلاد. أدّى فوزه إلى بحث المستثمرين عن أي مؤشرات على أنه سيبدأ تخفيف قبضة الدولة المشددة على الأسواق.
انخفضت الليرة بنسبة 0.5% إلى 20.08 مقابل الدولار الأميركي، بالقرب من مستوى قياسي منخفض في الساعة 1:55 مساءً في إسطنبول.
ترى وول ستريت مزيداً من الضعف في انتظار الليرة، مع تحذير مورغان ستانلي من أنها قد تصل إلى 26 مقابل الدولار في وقت أقرب مما كان متوقعاً سابقاً، وتنخفض إلى 28 بحلول نهاية العام، إذا التزم أردوغان سياسته المتمثلة في إبقاء أسعار الفائدة منخفضة. يتوقع "وولز فارغو آند كو" أن تصل العملة إلى 23 بنهاية الربع الجاري.
"لا يريح فوز أردوغان أي مستثمر أجنبي"، حسب حسنين مالك الخبير الاستراتيجي في تليمر في دبي. قال: "مع التضخم المرتفع للغاية، وأسعار الفائدة المنخفضة للغاية، وغياب الاحتياطيات الأجنبية الصافية، فإن ذلك يمكن أن يؤدّي إلى أزمة مؤلمة تؤثّر في جميع الأصول في الطريق".
اقرأ أيضاً: أردوغان يفوز بولاية جديدة لرئاسة تركيا
تَمكَّن أردوغان من تحقيق النصر بسهولة في الجولة الثانية، إذ حصل على 52% من الأصوات وفقاً للفرز غير الرسمي. وبعد الساعة 8 مساءً بقليل ألقى أردوغان كلمة معلناً فوزه من أعلى حافلة في إسطنبول.
نهج أردوغان لأسعار الفائدة غير تقليدي، إذ يعتقد أن تخفيضها يؤدي إلى انخفاض التضخم، ما ترك الأسواق خاضعة لمزيج لا يمكن التنبؤ به من اللوائح والتدخلات، مع اتخاذ تدابير جديدة بشكل غير رسمي وعلى أساس يومي تقريباً. وأدّت هذه السياسات إلى هرب المستثمرين، إذ انخفض إجمالي الحيازات الأجنبية من الأسهم والسندات التركية بنحو 85%، أو ما يقرب من 130 مليار دولار، منذ عام 2013.
قال بوراك سيتينسكر، مدير الأموال في "ستراتجي بورتفوي" في إسطنبول: "من الواضح أن نموذج الاقتصاد الحالي غير فعال. ربما يدرك أردوغان ذلك أيضاً، ومن المحتمَل أن يحدث انتقال متواضع إلى سياسة تقليدية في المستقبل القريب. أي إشارة تجاه هذا الأمر ستكون موضع ترحيب من السوق".
سياسات باهظة الثمن
كانت السياسات أيضاً باهظة الثمن. أنفق البنك المركزي ما يقرب من 200 مليار دولار على مدار العام ونصف العام الماضيين لدعم الليرة، وتَحوَّل صافي احتياطيات النقد الأجنبي إلى السالب، وارتفع التضخم إلى أكثر من 80% العام الماضي قبل أن ينخفض إلى 44% في أبريل. مع اقتراب عطلة نهاية الأسبوع كان التجار أكثر تشاؤماً من أي وقت مضى بشأن العملة التركية، إذ راهنوا على أن قوى السوق ستطغى في النهاية على ضوابط الحكومة.
من المرجح أن تأتي الإشارات الأولى لأي مراجعة لمزيج السياسات الحالي من التعيينات في المناصب الاقتصادية الرئيسية، بما في ذلك وزارة الخزانة والمالية، والبنك المركزي. فاز جميع الوزراء الحاليين بمقاعد في البرلمان قبل أسبوعين، وكان عليهم التنازل عنها إذا أعيد تعيينهم في منصب وزاري.
أدّت جهود المعارضة التي جاءت أضعف من المتوقع في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 14 مايو إلى ارتفاع حادّ في مقايضات التخلف عن سداد الائتمان، وهبوط بأكثر من 20% في أسهم البنوك وتراجع العملة التركية.
قال فيكتور زابو، مدير الاستثمار في أبردن في لندن: "يجب إجراء بعض التصحيحات لتجنُّب نفاد احتياطيات العملات الأجنبية على الأقلّ". سيُنتظَر إعلان السياسة، لأن "السياسات غير التقليدية الحالية غير مستدامة".