قال معهد الدراسات المالية إن المملكة المتحدة قد تحتاج إلى إقرار زيادات ضريبية بنحو 60 مليار جنيه إسترليني (84 مليار دولار) إذا أراد وزير الخزانة البريطاني "ريشي سوناك" ضبط الموازنة (بسد العجز).
ويرسم هذا التحذير ملامح مناقشة ميزانية وزارة الخزانة المنتظرة في 3 مارس المقبل، حيث من المقرر أن يحدد "سوناك " كيف ينوي معالجة الإرث المدمر لوباء فيروس كورونا الذي دفع الاقتراض الحكومي إلى أعلى مستوياته في وقت السلم (بدون الاقتراض في أوقات الحروب) وأجبره على تقديم 13 بياناً طارئاً منذ توليه منصبه قبل عام مضى.
وقال "بول جونسون"، مدير معهد الدراسات المالية البريطاني: "من المحتمل أن يكون النمو سريعاً بما يكفي بحيث يتبدد العجز المالي الضخم إلى حد كبير من تلقاء نفسه". لكن هذا ليس توقعاً أساسياً. على الأرجح، نحن نسير على الطريق المؤدي إلى عجز مستمر لا يمكن تحمله. ومن المرجح بدرجة كبيرة أن يكون تصفية الحساب (سد العجز) على شكل زيادات ضريبية كبيرة في المستقبل، لكنه ليس أمراً حتميا بعد".
التوقعات ليست واضحة
يشير التحليل، الذي يستند إلى توقعات مجموعة "سيتي" المالية، إلى أن الأضرار التي خلفها الركود الأعمق على مدار ثلاثة قرون قد تكون أسوأ مما توقعه مكتب مسؤولية الميزانية البريطاني في شهر نوفمبر الماضي. ومع ذلك، قال معهد الدراسات المالية إن الوقت الحالي ليس مناسباً لمحاولة إصلاح المالية العامة، وحث "سوناك" على تعزيز الانتعاش الاقتصادي أولاً.
وأقر التقرير الذي نُشر يوم الثلاثاء بأن التوقعات الآن ليست أوضح بكثير مما كانت عليه في شهر نوفمبر الماضي. وقد يرى سيناريو أساسي أن بريطانيا لا يزال عليها أن تقترض حوالي 130 مليار جنيه استرليني بحلول منتصف العقد الحالي، بزيادة 30% عن توقعات مكتب مسؤولية الميزانية. وقد يرتفع ذلك إلى 190 مليار جنيه في ظل سيناريو متشائم. وإذا تمكن الاقتصاد من النهوض مع قليل من الضرر المستمر، فإن العجز سينخفض إلى مستويات ما قبل الجائحة بحوالي 50 مليار جنيه إسترليني.
عانت بريطانيا واحدة من أسوأ الأزمات الصحية في العالم بالنسبة للفرد الواحد، حيث سجلت أكثر من 4 ملايين إصابة بفيروس كوفيد -19 ونحو 122 ألف حالة وفاة، وعانت أيضاً واحدة من أسوأ النتائج الاقتصادية.
ومن المقرر أن تقترض الحكومة 400 مليار جنيه إسترليني، حوالي خمس حجم الاقتصاد، في السنة المالية الحالية. ويمكن التحكم الآن في عبء الديون الذي يزيد عن تريليوني جنيه إسترليني لأن أسعار الفائدة الأساسية في أدنى مستوياتها التاريخية، على الرغم من أن المعهد حذر من أن المالية العامة معرضة للخطر إذا ارتفعت هذه الأسعار للفائدة الأساسية.
ويواجه الوزراء (الحكومة البريطانية) مهمة إعادة البناء الاقتصادي في نفس الوقت الذي تبنوا فيه أكبر تحديين، هما: خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والالتزامات بالوصول بمستوى التلوث الناتج عن الوقود الأحفوري إلى الصفر بحلول منتصف القرن الحالي.
السيناريو الرئيسي لمجموعة "سيتي"
من المنتظر أن يتراجع حجم الاقتصاد بنسبة 3% في نهاية عام 2021 عما كان عليه قبل تفشي وباء كورونا. وسيكون صافي الدين الأساسي أعلى من 100% من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة 2024-2025، مقارنة بـ75% في الفترة 2018-2019.
يتوقف الانتعاش الاقتصادي على الإنفاق الاستهلاكي، لكن الأسر الأكثر ثراء فقط هي التي استفادت من زيادة المدخرات بمقدار 125 مليار جنيه خلال الأزمة.
قد يكون الإنفاق الحكومي أعلى من المتوقع في ضوء ضغوط تعزيز الرعاية الصحية والتعليم. يجب تمديد برامج دعم العمال مثل الإجازة (مدفوعة الأجر)، لكن الحفاظ عليها لفترة طويلة قد يعيق التعافي الاقتصادي.
وقال جونسون من معهد الدراسات المالية: "إن وزير الخزانة البريطاني "ريشي سوناك" بحاجة إلى تحقيق توازن بين الدعم المستمر للوظائف والشركات المتضررة من الإغلاق، وفطم الاقتصاد عن الدعم الشامل"؛ مضيفاً أن "أي استمرار كبير لنظام الإجازة (مدفوعة الأجر) يجب أن يكون محدوداً وأن يكون مركزاً بعناية".