ارتفعت صادرات إيطاليا إلى الصين ثلاثة أضعاف خلال أكثر من عام بقليل، لكن المشكلة أنه حتى الخبراء يجدون صعوبة في تفسير الزيادة.
تجاوزت شحنات التصدير 3 مليارات يورو (3.3 مليار دولار) خلال فبراير الماضي، مرتفعة 131% على أساس سنوي وبعد تسجيلها قفزة أخرى بلغت 137% الشهر السابق، مقارنة بيناير 2022، حيث بلغت صادرات السلع والخدمات الإيطالية لثاني أكبر اقتصاد في العالم مليار يورو.
طفرة صادرات صعبة التفسير
يصعب تفسير طفرة من هذا القبيل حتى إن كانت الظروف عادية، لكن في الوقت الحالي، فالظاهرة غامضة تماماً على خلفية تشويه حرب روسيا في أوكرانيا واضطرابات سلاسل التوريد للتدفقات التجارية التقليدية.
أول أسباب صعوبة التفسير تتعلق بالسياسة الخارجية. ربما تكون إيطاليا الدولة الوحيدة وسط مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى التي وقعت على خطة استثمار الصين العملاقة وهي مبادرة الحزام والطريق، لكن الفوائد الاقتصادية لهذا التحالف كانت محدودة منذ 2019.
بالاضافة لذلك، تعرضت العلاقات لفتور شديد بالفعل في عهد رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، أما خليفته، جيورجيا ميلوني، فقد أبلغت مسؤولين أميركيين بأنها ستنسحب من اتفاق الصين الجدلي قبيل نهاية السنة الجارية.
هل تفسر شحنات الدواء قفزة الصادرات؟
ما يزيد الحيرة أكثر حول هذه البيانات أن الزيادة برمتها تعزى لقطاع محدد للغاية وهو قطاع الأدوية. أو تحديداً الأدوية "المكونة من منتجات مختلطة أو غير مختلطة للاستخدامات العلاجية أو الوقائية، والتي تُنتج بجرعات ذات تركيز دوائي معين".
صعدت صادرات هذه المنتجات إلى 1.84 مليار يورو خلال فبراير الماضي من 98.5 مليون يورو في نفس الشهر السنة السابقة. وشكلت ما يقرب من ثلثي إجمالي الصادرات الإيطالية للصين.
ما سبب زيادة الصادرات الدوائية؟
تكهنت وسائل إعلام إيطالية بأن المحرك الأساسي هو الطلب الصيني الهائل على حمض الأورسو ديوكسي كوليك (UDCA)، وهي مادة كيميائية تستخدم غالباً في أدوية الكبد، وقد زُعم - دون سبب - أنها تساعد في الوقاية من الإصابة بكوفيد. لذا فإن النهاية المفاجئة لاستراتيجية صفر كوفيد الصينية والتفشي الهائل للفيروس في كافة أنحاء البلاد ربما يكونان وراء طفرة الصادرات، رغم أنه يبدو أن معظم سكان الصين أصيبوا بمرض كوفيد خلال شهري ديسمبر ويناير، ما يعني أنهم تعافوا قبل بدء صعود صادرات إيطاليا.
لكن الطلب على هذه المادة بمفرده لا يفسر ازدياد الصادرات لهذه الدرجة، وعلاوة على ذلك، بلغت مبيعات شركة "إنداستريا تشيميكا إيمليانا" (Industria Chimica Emiliana)، الشركة الإيطالية التي تعتبر أكبر منتج متكامل حول العالم لمنتجات الحمض والأحماض الصفراوية، 300 مليون يورو تقريباً، أي جزء بسيط من قفزة صادرات الأدوية الإيطالية للصين.
غياب زيادة الصادرات الإيطالية في البيانات الصينية
تزداد حالة عدم اليقين إذ لا توفر أحدث البيانات الصينية أدلة ذات قيمة على وصول هذه المنتجات بهذه الأحجام الكبيرة لأراضيها، فمع الأخذ بالاعتبار أوقات الشحن، كان من المفترض وصول الأدوية - مهما كان نوعها - للصين لتُحتسب ضمن بيانات التجارة الخاصة بأبريل الماضي، لكن لا يوجد تغيير ملحوظ في البيانات.
ربما يكون أحد التفسيرات هو التحول الجاري على صعيد التجارة الإقليمية.
أوضح بيتر سيريتي، مدير في "أوراسيا غروب" والذي حقق في الأمر: "على الأرجح السبب هو الطلب على الأدوية من قبل الصين، يشحن منتجو الأدوية الأكبر حجماً الإيطاليون أكبر كميات ممكنة من المنتجات المصنوعة في إيطاليا. وربما تُنقل بعض الأدوية الألمانية وغيرها من الأدوية المنتجة داخل الاتحاد الأوروبي لإيطاليا قبل إعادة تصديرها للصين أيضاً".