اتهم زعيم المعارضة الرئيسي في تركيا، حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان بالتستر على الحالة الحقيقية للاقتصاد والأوضاع المالية في البلاد، متوجاً حملته بتوجيه رسالة صادمة قبل الانتخابات المرتقب إجراؤها في 14 مايو الجاري، والتي تشهد تنافساً محتدماً.
وصف كمال كيليجدار أوغلو، المرشح الرئاسي عن تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب، الإدارة الحالية بعبارات قاسية، وأشار إلى أن البيانات الاقتصادية الرسمية غير جديرة بالثقة، داعياً إلى إجراء تحقيق بشأن نظام العمل في البورصة التركية التي قال إنها تحوّلت "إلى أداة للسرقة".
في مقابلة مع "بلومبرغ"، قال كيليجدار أوغلو، إنه إذا فاز في الانتخابات، ستشكل حكومته فريقاً لتقييم الضرر وفهم ما يحدث بالفعل في الاقتصاد، لافتاً إلى أن فريقه يفتقر حالياً إلى متابعة أحوال البنك المركزي والبنوك الحكومية.
قال: "الأرقام في تركيا تفتقر إلى الشفافية والدقة… ليست لدينا معلومات كافية عن التزاماتنا أو الواجبات، أو الإيرادات والنفقات".
امتنعت كل من دائرة الإحصاء التركية، والبنك المركزي، وبورصة إسطنبول، ووزارة الخزانة والمالية، عن التعليق.
يرفع كيليجدار أوغلو، الديمقراطي الاشتراكي، من الرهانات في انتخابات سلطت بالفعل الضوء على طريقة إدارة أردوغان للاقتصاد الذي يواجه أسوأ أزمة في تكلفة المعيشة منذ عقدين.
قد تكون الاتهامات ضارة بدولة تحتاج بشدة إلى استعادة ثقة الأسواق، بعدما أدت السياسات الاقتصادية غير التقليدية في عهد أردوغان إلى إبعاد المستثمرين الأجانب، وتركتها تعاني من اختلالات كبيرة في الميزان التجاري والتمويل الخارجي.
كما سيضفي كيليجدار أوغلو البالغ من العمر 74 عاماً، المصداقية على توجيه انتقادات بشأن الأرقام الاقتصادية إلى تركيا، سواء من داخل البلاد أو من خارجها، مع تساؤلات متزايدة منذ فترة طويلة حول معاييرها في قياس كل البيانات، بما في ذلك التضخم، والاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي.
تدخلات المركزي التركي لدعم الليرة
كما ستقدم لجنة خاصة -يقول كيليجدار أوغلو إنه سيتم تشكيلها في غضون أسبوعين من الانتخابات- الصورة "الحقيقية" لقادة تكتل المعارضة، ما يوفر الأساس لخطط طويلة الأجل.
أوضح المستشارون الاقتصاديون لكل أحزاب المعارضة الستة، أنهم يمهّدون بالفعل الأساس لإجراء التحقيق. بعد اجتماع يوم السبت، قالوا إن الاستعدادات قد اكتملت لتشكيل لجنة "لإظهار العيوب الخفية" في الميزانية والبنوك الحكومية والمؤسسات المماثلة.
في بيان مشترك، قال أعضاء بارزون في تكتل المعارضة، إن التحقيق سيحدد دقة بيانات التضخم، ويخوض بعمق في "المعاملات المتعلقة بالمبيعات غير الشفافة من احتياطيات البنك المركزي".
رغم أن البنك المركزي لم يعلن رسمياً عن أي تدخلات مباشرة في سوق صرف العملات الأجنبية لأكثر من عام، تقدر "بلومبرغ إيكونوميكس" أنه أنفق نحو 177 مليار دولار خلال الفترة من ديسمبر 2021 حتى أبريل 2023 على عمليات سوق العملات الموازية لدعم الليرة التركية.
رفضت الحكومة سابقاً، مزاعم بأن وكالة الإحصاء التركية الحكومية قصّرت في الإعلان عن معدلات التضخم. أقيل المسؤولون عن حسابات معدلات التضخم في العام الماضي، وتوقفت الوكالة أيضاً عن نشر بعض التفاصيل حول كيفية تجميعها للبيانات، مع ارتفاع تضخم أسعار المستهلكين بأسرع وتيرة له منذ وصول أردوغان إلى السلطة.
"الأسهم" و"الهدر"
التدقيق الذي وعد به كيليجدار أوغلو في حال انتخابه، سوف يتجاوز عمل وكالة الإحصاء.
مع تراجع الأسهم بشكل أعمق في سوق هابطة، قال كيليجدار أوغلو إن حكومته ستعطي الأولوية للتحقيق في أنشطة بورصة إسطنبول التركية، حيث أصبح المستثمرون المحليون القوة المهيمنة على مدى السنوات القليلة الماضية، في محاولة منهم للتحوط ضد مخاطر التضخم المتفشي.
قال كيليجدار: "أعرف كيف يتعرض أصحاب المدخرات الصغيرة للسرقة وخسارة المدخرات والهزات… لذلك، سنطلق أول تحقيق هناك (في بورصة إسطنبول)".
يستغل كيليجدار أوغلو أيضاً، قضيةً لطالما حفزت المعارضة، من خلال توجيه اتهامات ضد الحكومة بهدر المال العام.
قال :"من المحتمل أن يكون مرسومنا الأول بشأن تدابير الادخار، أو بشكل أدق منع الهدر".
أصبح هذا الاتهام (المتعلق بمنع الهدر)، أحد الأركان الرئيسية في حملته الانتخابية. خلال التجمعات الانتخابية، قال كيليجدار أوغلو إنه سيبيع طائرات الرئيس الخاصة، ويستخدم الأموال لصالح الشعب.
في العام الماضي، تعهّد بتحويل المجمع الرئاسي الفخم الذي يقيم فيه أردوغان، والمكون من 1000 غرفة إلى ما أسماه "متحف الهدر".
يعِد البرنامج الذي وضعه تحالف المعارضة، بالعودة إلى السياسات الاقتصادية التقليدية، وضمان استقلال البنك المركزي، إذا تمكّن كيليجدار أوغلو من هزيمة أردوغان في الانتخابات.
هيمنة أردوغان على القرار الاقتصادي
لا يزال الاثنان متقاربين في السباق قبل انتخابات 14 مايو. وفي حال عدم حصول أحدهما على أكثر من 50% من الأصوات إبان الجولة الأولى، فمن المقرر خوض جولة إعادة بعد أسبوعين.
مارس أردوغان نفوذاً كبيراً على صنع القرار الاقتصادي والبنك المركزي بعد تطبيق النظام الرئاسي التنفيذي قبل خمس سنوات، والذي منحه سلطة تعيين أو عزل المسؤولين الحكوميين عبر إصدار مرسوم في أي وقت.
خلال عام 2020، استخدم أردوغان، صاحب الفترة الأطول في حكم تركيا، هيمنته للضغط من أجل خفض أسعار الفائدة باستمرار لدفع عجلة الاقتصاد قبل الانتخابات.
ردّت المعارضة بالتعهد باستعادة الجدارة والاستحقاق في أداء الخدمة المدنية، كخطوة أولى نحو إصلاح الاقتصاد. وكرر كيليجدار أوغلو هذه الرسالة قائلاً، إنه يعتقد بأن تعيين الأشخاص المناسبين في المؤسسات الاقتصادية، بما في ذلك البنك المركزي، ووزارة الخزانة، والجهات التنظيمية الأخرى، سيحقق لتركيا الإصلاح المالي الذي تحتاج إليه.
قال: "إذا كان محافظ البنك المركزي هو الشخص الذي يبث الثقة في الأوساط المحلية والأجنبية، فستُحلّ المشكلة في الغالب.. الثقة التي سنوفرها ستأتي من الجهاز البيروقراطي".